يولد الإنسان في الحياة ويكبر وهو يستجيب للآخرين من حوله، ويتفاعل معهم، وحتى الطفل حديث الولادة يقوم بالالتفات برأسه عندما يسمع صوتا من ورائه.
وعامة فإن الطفل يبدأ منذ سن مبكرة الاحتكاك والتعامل مع أطفال خارج عائلته، وداخل أكثر من محيط مختلف، مع الوضع في الاعتبار أن العلاقة التي يمتلكها الطفل مع الأطفال الآخرين تختلف عن علاقته مع أهله وأقاربه.
ويجب التأكيد على أن علاقة الطفل بعائلته تمنحه إحساسا بالأمان والدفء، ولكنها في نفس الوقت لا يمكنها أن تحل مكان علاقة الطفل بأصدقائه. وتعتبر الصداقة أمرا شديد الأهمية في حياة الطفل، فالصديق يساعد الطفل على التطور والنمو من الناحية العاطفية والاجتماعية. إن امتلاك الطفل لصديق مقرب منه أمر يجعله قادرا على التعامل مع التجارب السلبية التي قد تمر به.
- إن التعامل مع الأصدقاء أمر يعلم الطفل الأخذ والعطاء ويعلمه أيضا كيفية اتخاذ القرارات المختلفة، فمع الأصدقاء يختبر الطفل العديد من المشاعر مثل الغضب والخوف والرفض والفرحة. يتعلم الطفل أيضا من خلال الصداقات الموجودة في حياته أن المواقف المختلفة تستلزم تصرفات ومواقف مختلفة. إن الصداقة أيضا تجعل الطفل واثقا من نفسه أكثر، وتجعله يشعر بأن هناك من يقف بجانبه، وهناك من هو قادر على تفهمه.
- في البداية يختار الطفل الصديق على أساس من هو الشخص الذي يمتلك نفس اهتماماته، ومع الوقت تتطور العلاقة، وتصبح أكثر قوة. وعادة فإن الطفل يمضي الكثير من الوقت مع أصدقائه، وخاصة في مرحلتي الطفولة والمراهقة، مع الوضع في الاعتبار أن الطفل كلما تقدم في العمر فإن صداقته مع الآخرين تكون مبنية أكثر على البوح بالمشاكل والأسرار. إن وجود الأصدقاء في المدرسة أيضا يعتبر أمرا له تأثير أو يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على طفلك. وعندما يغضب طفلك من أصدقائه فإنك كأم يمكنك أن تستغلي هذا الأمر لتعليم الطفل كيف يغضب، وكيف يعبر عن غضبه بدون اللجوء للعنف أو الضرب وبدون توجيه أي أذى لفظي له. يجب أن تحترمي آراء طفلك فيما يتعلق بأفكاره عن الصداقة، فهناك مثلا طفل يحب أن يكون لديه مجموعة كبيرة من الأصدقاء، وهناك طفل آخر قد يفضل أن يكون لديه مجموعة مقربة فقط من الأصدقاء.
- يجب أن تعلمي أن الطفل سيراقبك، وبالتالي سيبدأ في تقليد طريقة تعاملك وتفاعلك مع أصدقائك على المستوى اليومي، وفي طريقة حلك للخلافات التي قد تنشأ بينكم. إذا تحدث معك طفلك عن خلاف بينه وبين أحد أصدقائه فعليك أن تستمعي إليه جيدا وأن تكوني متفهمة لمشاعره، وحاولي أن تفهمي موضوع الخلاف جيدا وأن تعملي على حل الموضوع، ولكن دون التدخل في الأمر بطريقة مبالغ بها، وفي نفس الوقت عليك أن تشجعي طفلك على التحدث مع صديقه. عليك أن ترحبي بأصدقاء طفلك داخل المنـزل، وفي تلك الحالة عليك أن تراقبي جيدا تصرفات طفلك وأصدقائه مع بعضهم البعض حتى تتعرفي على طريقة التعامل بينهم.
- إن الصداقة وامتلاك الطفل للأصدقاء أمر سيعلمه كيف أن عليه أحيانا أن يكون مستمعا جيدا لمشاكل الآخرين من حوله، وبالتالي مراعاة شعور الطرف الآخر. إذا انتقل الصديق المقرب لطفلك لمنطقة بعيدة فإن الطفل سيتأثر بالطبع، ولكنه في نفس الوقت سيكون عليه أن يتعلم كيف يتعامل مع الموقف وكيف يحافظ على الصداقة في ظل الوضع الجديد. إن الصداقة أيضا تعطي للطفل نوعا من الثقة بالنفس وتعلمه أيضا كيف يكون ناضجا في التعامل مع الآخرين من حوله. يجب أن يكون للأم دور حيوي في تشجيع طفلها على التعرف على أصدقاء جدد وتكوين صداقات متنوعة.