قبسات من الإعجاز البياني في القرآن ’’أوتوا الكتاب وآتيناهم الكتاب’’ .
الفرق بين ( أوتوا الكتاب وآتيناهم الكتاب ) في البيان القرآني :
من روائع التعبير القرآني ما نراه في الكلام على الذين أوتوا الكتاب ، ففي البيان القرآني نجد انه إذا كان المقام مقام مدح وثناء لأهل الكتاب فإن المولى تبارك وتعالى يظهر ذاته وينسب إيتاء الكتاب إلى نفسه : (( ءاتيناهم الكتاب )) وإذا كان المقام مقام ذم وتقريع لهم نجده يبني فعل الإيتاء للمجهول فيقول : (( أوتوا الكتاب )) وإليك الأمثلة :
يقول تعالى : (( فقد آتينا ءال إبراهيم الكتاب والحكمة وءاتيناهم ملكاً عظيماً )) [ النساء : 54 ]
ويقول تعالى : (( وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ )) [ الجاثية : 16 ]
ويقول سبحانه : (( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وإذا يتلى عليهم قالوا ءامنا به إنه الحق من ربنا )) [ القصص : 52 ]
فأنت ترى أنه أسند الإيتاء إلى نفسه في مقام المدح ، في حين قال :
(( نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ )) [ البقرة : 101 ]
وقال : (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ )) [ آل عمران : 23 ]
وقال : (( وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ )) [ آل عمران : 186 ]
وغيرها من الآيات ... فأنت ترى أنه في مقام الذم يبني الفعل للمجهول فيقول : (( أُوتُوا الْكِتَابَ )) ....
2) النعمة والنعيم :
الفرق بين ( النعمة والنعيم ) في البيان القرآني :
نلاحظ - أخي القارىء - أن كل ( نعمة ) في القرآن الكريم إنما هي لنعم الدنيا على اختلاف أنواعها ، يطرد ذلك ولا يتخلف في مواضع استعمالها ، مفرداً وجمعاً :
كقوله تعالى : (( وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )) [ البقرة : 211 ]
وقوله تعالى : (( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ )) [ ابراهيم : 6 ]
أما صيغة ( النعيم ) فتأتي في البيان القرآني بدلالة اسلامية ، خاصة بنعيم الآخرة يطرد هذا ولا يتخلف في كل آيات النعيم وعددها ست عشرة آية :
كقوله تعالى : (( أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ )) [ المعارج : 38 ]
وقوله تعالى : (( وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ )) [ الشعراء : 85 ]
وقوله تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ )) [ لقمان : 8 ]