فؤاد حسني الزعبي المراقب العام المميز
تاريخ التسجيل : 22/10/2011 العمر : 81 البلد /المدينة : فيينا - النمسا
| موضوع: هنيئاً لك أيها البحر ... 8/31/2015, 16:30 | |
| هنيئاً لك أيها البحر ... محيي الدين العوير
هنيئاً لك أيها البحر العميق ...
فلقد ضممت في أعماقك وبين جنبات أمواجك ... درر شعب ، ضمَّ العالمَ كلَّه في خفقات قلبه الكبير ...
هنيئاً لك أيها البحر العظيم ...
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فقد حلّ في أعماقك هذه الأيام ، أحفادُ أمة امتطت ظهرك يوماً لتقدم للإنسانية جمعاء رسالة هدى وسلام ، ودعوة محبة وحضارة ...
هنيئاً لك أيها البحر المالح ...
فلن تجد أبداً خلال تاريخك الطويل ... مثل تلك القلوب الطيبة الظامئة إلى ماء الحياة ... فأُجبرت على أن تشرب من ماءك الأجاج ... وهي التي كانت تروي الكون كله ماء فراتاً عذباً ...
أيها البحر المؤمن بالله وحده ...
نناشدك بالله الذي خلقك فسواك ، وسخرك ، وعمّق قاعك ، وأملح ماءك ... أن تكون أرحم بهم من كثيرين منا لم يرحموهم ، وأن تكون أعطف على قلوبهم من قلوبنا ...، وعلى عيونهم من عيوننا ... ، وعلى دموعهم من دموعنا ... وعلى صرخاتهم من سكوتنا ... ، وعلى استغاثاتهم من صمتنا ....
واعلم أيها البحر :
لئن اعتمد غيرنا على غير الله ، فنحن لن نعتمد إلا على الله . ولئن لاذ غيرنا بغير الله ، فنحن لا نلوذ إلا بالله . ولئن لجأ غيرنا إلى غير الله ، فنحن لا نلجأ إلا إلى الله .
فهو وجده معتمدنا وملاذنا وملجؤنا ، وهو حسبنا ووكيلنا ، وكفى به موئلاً ومعيناً ونصيراً ...
يا أيها البحر لا تبكي وتُبكينا
وابلعْ دموعَك إنّ الدمعَ يؤذينا
متى ستعرفُ أنَّ الموجَ موطنُنا
فليسَ من بلدٍ في البرِ ... يؤوينا
يا أيها البحر لا تبكي على شعبٍ
أبكى الصخور ، ولم يُبكِ السلاطينا
كلُ البلادِ بوجه الضيفِ مقفلةٌ
إلا السماءَ ، أراها رحبت فينا
لله درك أيها البحر ... سامحنا بالله عليك ، فربما ظُلمت أنت كما ظلموا هم ، وإن لم يعلم بحالك إلا هم عندما استقروا قي قيعانك كنوزاً ...
اعذرنا أيها البحر ، ففي القلب غصات ... ، وفي العين دمعات ...، وفي الفؤاد آهات ... وفي الحناجر حشرجات لا يمكننا أن نبوح بها إلا إلى الذي يعلم السر وأخفى ، ويغلم ما تخفي الصدور ...
سوف نبقى وحيدين نبكي بصمت فلذات أكبادنا ، وضياء عيوننا ... ونذرف دموعاً ... دموعاً أكثر ملوحة من مياهك ، وسنضع على جروحنا بلسماً من ذاك الملح الأحمر الذي امتزج بأجساد من رحلوا إليك ...
ولتكن أيها البحر - ذات يوم - شاهداً لهم ، وشاهداً عليهم ... تُحدثُ أخبارهم ، وبأيّ سبب ... عاشوا أحياء ... خالدين ... فرحين يرزقون ... بين أعماقك وبين السماء ...
| |
|