الغرور والأنانية وكيف نتخلص منهماما هو الشعور بالغرور والانانية؟ من أين يأتيان؟ وكيف نتخلص منهما؟الغرور والانانية هما أساس المشاكل وإذا لم نتخطاهما لن نستطيع أن نتخطى المشاكل الأخرى؛ إذا لم يختفيا سيظلان يلاحقاننا حتى تفسد حياتنا كلها.
الانانية مثل الباب المغلق؛ هناك شخص ينتطر أن تفتح له الباب ولكن أنت تقول في نفسك، الباب مغلق وأنا لا استطيع أن أرى من خلف الباب، أيضاً هناك احتمال آخر وهو أنه لا يوجد شخص خلف الباب، إنها مجرد ضجة!! هكذا أنت لا تغلق الباب وحسب بل أنت تتجاهل كل الإمكانيات المتاحة لك إذا فتحت الباب!!
نحن لسنا بحاجة للبحث عن الله وعن الحقيقة لأننا لو تعرفنا على مصدر الأنانية والغرور سيقعان من تلقاء نفسهما وسنرى الحقيقه بوضوح دون البحث عنها… ولكن في البداية تعرّف على الأنانية والغرور!!
يولد الطفل بدون علم ووعي خاص عن نفسه، ومع الوقت يُكون فكرة عن الاخرين وهذا طبيعي جداً لأن العينين تنظر إلى الخارج واليدين تلمس الاشياء الخارجية ونشم ونتذوق كل شيء من الخارج وهذا هو معنى الولادة… الولادة هي أن تأتي إلى هذا العالم وتتعرف عليه.
يتعرف الطفل على أمه والتي هي أيضاُ من العالم الخارجي ومن ثم يتعرف على نفسه ولكن في الحقيقة هو لا يستطيع أن يميز بين نفسه وأحاسيسه، هو يتعرف على الجوع والبكاء والضحك وهكذا يتصور أن هذه الأحاسيس هي ذاته ونفسه وسيستغل هذه الأحاسيس لتكوين شخصيته بمعنى أن الطفل الذي يحس أن أمه تهتم بإطعامه أكثر من أي شيء آخر سيهتم بالأكل في المستقبل أكثر والطفل الذي يرى أن بكاءه هو أكثر أهمية من باقي الأحاسيس يصبح إنساناً عكر المزاج وعصبي في المستقبل والطفل المرح الذي يضحك حتى يرضي الآخرين سيكون سياسياً ومخادعاً في المستقبل…
لا نستطيع أن نلوم الطفل على ما يحصل عليه من وعي عن نفسه!! وعيه الصغير يخدعه، يرى الأم تحضنه وتبوسه وتلبي رغباته ولهذا يشعر بأحاسيس جميلة ومُرضية وهكذا نحن نزرع أول بذور الأنانية والغرور….
إذاً نحن من زرع الأنانية بداخل أولادنا عن طريق الحب والامتنان والأحاسيس الإيجابية وهو يتصور أنه محور العالم ولكن هذا المحور زائف ومزور؛ هو لا يعرف نفسه أبداً بل يتعرف على ما يتصوره الآخرون عنه…
الأنانية هي أحاسيسنا ومشاعرنا وما تجسده لنا أفكارنا عن أنفسنا والغرور هو ما نعكسه من تصورات الآخرين لنا. في البداية أنت تعكس ما تتصوره أمك ومن ثم يضاف إليها الاخرين وكل شخص يتصورك بشكل ما..
الغرور هو حال معقد جداً، يولد عن طريق الحياة مع الآخرين بمعنى إذا تُرك الطفل يعيش وحده لن يتشكل عنده الغرور سيعيش مثل الحيوانات ولكن هذا لا يعني أنه سيتعرف على حقيقة ذاته لأن الحقيقة تُعرف عن طريق الأكاذيب فقط!!
إذاً كلنا يجب أن نمر بمرحلة الغرور حتى يسهل علينا التعرف على الحقيقة.نحن بحاجة للأنا لنعيش في المجتمع؛ المجتمع يعني كل شيء من حولنا، كل شيء، كل الأفعال وردودها، كل شيء يأتي من الخارج، الأسرة، المدرسة، العلاقات، كلها تعطيك أوامر وأفعال وعليك الإستجابة لها. هذا لصالحك أنت حتى لا تشكّل مشكلة في المجتمع وإذا حدثت مشكلة الأفضل أن لاتكون أنت السبب فيها!!
المجتمع ليس قلقاً على أعضائه لأن المجتمع قلق على نفسه فقط. إذا لم تتعرف على نفسك فهذه ليست مشكلة كبيرة ولكن إذا لم تتعرف على المجتمع وقوانينه فهذا سيولد المشكلة الأكبر…المجتمع يعمل كالآلة إذا اختلّ شيء في هذه الآلة الكبيرة ستتعرض باقي الأجزاء للخلل إذاً كلما كنت أخلاقياً ومطيعاً كلما كانت أنانيتك وغرورك مطابقة للمجتمع ولن يحاسبك أحد. لهذا نحن نضع المجرمين في السجن، إذا ارتكب شخص جريمة قتل فبالتأكيد يجب أن يوضع في السجن لأنه خطير جداً ولكن نفس الشخص إذا شارك في حرب وقتل المئات من الأبرياء فسنعطيه وساماً لما فعمل!! هذا لأن المجتمع يرى أن ما فعله هو أمر أخلاقي جداً لأنه أنقذ البلاد من الأعداء…
الأخلاقيات والقوانين وُضعت من قبل الأثرياء والسياسيين لأنهم بهذه الطريقة يسيطرون على المجتمع ويديرونه كما يتمنون وهم دائماً ضد الأديان لأن الأديان تجلب معها أشخاص وقوانين لا تتناسب مع المجتمع الموجود ولهذا صُلب المسيح وتعذبت كل الانبياء في كل المجتمعات لأنهم لم يكونوا متناسبين مع المجتمع…
هناك نوعان من الناس لا يتطابقون مع المجتمع: الأول الإنسان الذي يحاول الثورة على القوانين السائدة والظلم. ذاك النوع تستطيع أن تسجنه وتعذبه حتى يرجع إلى عقله، لا يستطيع المقاومة! ليس بيده حيلة! فيتراجع… و النوع الثاني هو الإنسان الذي لا يستطيع المجتمع التطابق معه، حتى ولو عذبته وسجنته، هؤلاء ليس لهم غرور وأنانية فلا يوجد مجال للتطابق والتناسب مع حاجات المجتمع!! في الحقيقة هم متطابقين مع شيء أكبر ألا وهو الله، اذاً انسى التطابق مع المجتمع…
المجتمع يستطيع أن يسامح المجرمين ولكن كيف يسامح الأنبياء والمستنيرين؟ هم لا يعرفون المساومة إذاً كيف نغلبهم؟ بقتلهم… هذه هي الطريقة الوحيدة للتخلص منهم
تذكر سيدنا يوسف! حتى وهو في السجن لم ينسَ أنه نبي وحين جاءه الفتيان ليسألوه عن الأحلام، ترك الأحلام وتفسيرها وسألهم: “أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار” لم ينسَ الله في محنته وكذلك سيدنا محمدصل الله عليه وسلم: والله لو وضعتم الشمس في يميني والقمر في يساري….” كيف تستطيع أن تساومه؟!!هذا هو الفرق بين الطائفة والدِين؛ الدِين ليس جزء من المجتمع، هو كوني، نابض بالحياة وخطر جداً جداً…
تذكر حين تولى أبو بكر الخلافة؛ وضع عمر على دار القضاء ليحكم فيه ويُقال انه لسنة كاملة لم يأتي أحد لعمر ليحل له مشكلة!!! هذا هو الدِين وهؤلاء كانوا متدينين. الدِين كان ينبض فيهم بالضبط مثل الحياة الكونية النابضة؛ كلْ يعرف ما له وما عليه…
و لكن ماذا حدث بعد ذلك؟ احدثنا المجتمع الاسلامي والمجتمع المسيحي والمجتمع العربي وهكذا تحوّلنا إلى أعضاء في المجتمع والذي يفرض علينا قوانين لم يغيرها منذ ألوف السنين ووضع قوانين جديدة لا تتناسب مع الثقافة والحضارة الموجودة!!! فاختل الميزان… لم نعد متدينين بمعنى الكلمة؛ نحن نتبع المجتمع وقوانينه التي تعطينا الغرور اللازم لنرى أننا أحسن بكثير من باقي المجتمعات والطوائف… نحن بل أنا الأفضل…
لنرجع للمجتمع والطفل.. المجتمع يحاول أن يسيطر على أفكارك؛ هو يكرٌم الطفل المميز… الأول في الصف! الأول في السباحة… الاول في …
الكل يفتخر به ويحبه والطفل المسكين الذي لم يحظى بالجائزة الأولى سيكون مذموماً وفاشلاً طوال حياته، نحن وضعناه في هذه العلبة التي سيتصف بها إلى آخر عمره…
هذا هو الحال بين الرجل والمرأة أيضاً، إذا كنت تهتم بالجريدة أكثر من زوجتك فتحمّل صراخها وتصرفاتها الغير منطقية… كيف يمكنك أن تهتم بالجريدة أكثر منها؟؟
قال جحا لزوجته وهما عائدين من حفلة العيد: حبيبتي أنت اليوم كنت أجمل وأروع امرأة في الحفلة…
فأجابت مستغربة: لم يقل أحد لي هذا من قبل…
قال: إذاً من أين اتتك الثقة بكلامي؟ من أين اتيتِ بهذه الفكرة؟
وأنت أيضاً، من أين أتتك هذه الأفكار والعقائد؟ من أين أتتك كل هذه الثقة بالمجتمع ومتطلباته؟ هل تأملت يوماً أن ما هو صحيح وأخلاقي في مجتمعك يمكن أن يكون غلط في مجتمع آخر؟ هذا ما وجدنا عليه آباءنا…
للإنسان مركزين، الاول هو الذي يأتي به من الكون وهو الذات، والثاني هو الذي يفرضه عليه المجتمع وهذا هو الغرور والأنانية. الثاني هو الخدعة الصغيرة التي يستخدمها المجتمع ليسيطر عليك، هو يقدٌر من يخضع له وللقوانين والاخلاقيات والشيفرات… اذاً لا تحاول السير ضد القوانين والعقائد لأنك ستكون مطروداً من قبل المجتمع… تمسك به وافتخر… أنت مميز لأنك من هذا المجتمع…
الخوف هو الشيء الوحيد الذي يمنعك من التعرّف على نفسك لأنك كلما دخلت للتعرف على الذات أحسست بإرباك من ما يحدث ولهذا تتراجع وتتصور أنك غلطان وأن ما تسلكه هو طريق الخطيئة… هل يُعقَل أن يكون كل هذا المجتمع غلطان وأنا على حق؟؟؟…
الخوف من المجهول يحجب عنا الحقيقة، ذهب طفل صغير إلى بيت جدّته وأراد أن يمضي الليل معها وحين حلّ الظلام صار يبكي ويقول إني أخاف أن أنام في غرفة مظلمة فقالت له جدته: ولكنك تنام في غرفة مظلمة في البيت عند أهلك… قال: نعم ولكنه ظلام غرفتي وأنا اعتدت عليه أما الآن فأنا أخاف من ظلام هذه الغرفة… ظلامي أنا…
كلّ منا تعود على ظلامه وجهله ويحاول أن يجمّله بشكل ما ويجعله مألوفاً. إذا كنت أعمى في مدينة العميان هل ستكون محرَجاً لأنك أعمى؟؟ اكيد لا، لأن المجتمع هناك سيكون له قيم وأخلاقيات مختلفة تماماً… في ذلك المجتمع لن تهتم للون والشكل بل للصوت والعطر والملمس الذي سيكون في الدرجة الأولى… الشجاع هو من يستطيع أن يقنع هؤلاء العميان بأن هنالك قيم أخرى هم غافلين عنها وإذا لم يتعرّفوا عليها فهذا ليس لأنها غير موجودة بل لأنهم يعيشون في ظلام داخلي وعليهم كسر هذا الظلام والجهل والتعرّف على المجهول…
حين يتكلم المستنيرون عن نور الحقيقة وكيف يمكنك أن تتصل به وتصبح موصولا بهذا الكَم الهائل من الطاقة وكيف أنَّ هذا الجسم الصغير له مركز يستطيع أن يجذب النور إليه دون أن يتحرك من مكانه ويسافر من بلد إلى بلد، كل الكون في قبضتك… أليس هذا رائعاً؟ يعطيك شعور من الفرح والسعادة يختلف عن الفرحة التي تحسّها حين تشتري شيئاً ما… كل الاشياء التي صنعها الإنسان لن تجلب لك لحظة من هذا الفرح وهذه السعادة…
الفرق بين السعادتين كالفرق بين الورد الطبيعي والورد الاصطناعي… لا يمكنك أن تطلق اسم الورد على الورد الاصطناعي لأنه في الحقيقة هو شيء وليس وردا، الورد ليس شكل ولون فقط بل شكل ولون وعطر وملمس وجذور وحياة… الإحساس الذي يجعلنا نتمسّك بالورد الاصطناعي هو أنه آمن، لن يذبل ولن يموت هو أبدي… أما الورد الطبيعي فسيذبل ويموت ليس أبدياً…
هذا هو جمال الطبيعة، من أهم قوانين الطبيعة الموت والحياة وهذا التغيير الثابت… الطريقة الوحيدة للأبدية هي أن تموت وتحيا مراراً وتكراراً لأن الموت يحفز الحياة، انظر إلى الشجر كيف يموت في الشتاء حتى يتحفّز للحياة في الربيع… هكذا أنت تكبر وتشيخ وتتحفز للحياة من خلال أولادك وأحفادك وحين تموت الأنا والأنانية، الغرور والاستكبار، يتحفز النور والسلام والوَعي الداخلي ويعيش للأبد…
للأبد؟ كيف هذا؟ لأنه من طاقة الله، الطاقة الإلهية الأبدية ولكن كل يوم هو في شأن متغير… ولكنه لا يزول يبقى مستمرا ومتحولا…
ألم تلاحظ أن كل المشاكل تأتي من الغرور والأنانية؟ أموالي، أولادي، بيتي، زوجتي، أهلي وعملي… كل هذه المشاكل موجودة لأنك تريد أن تسيطر عليها وهي خدعة من خدع الفكر توهمك أنك الأقوي وأن كل شيء بقبضتك وفي الحقيقة هي أشياء ميّتة وسطحية ولا قيمة لها…
كل يوم قم برمي أحد الأشياء وراء ظهرك، لا يمكنك أن ترميها كلها مرة واحدة لذلك ابدأ برمي شيء كل يوم… هكذا تبدأ بالصراع الداخلي بين الأوهام والحقيقة، ستخدعك الأوهام وتضللك وستختفي الحقيقة ولكنها ستعود أقوي مرة أخرى…
في يوم من الأيام كان هناك حكيم يمشي على الطريق مع أحد تلاميذه وفجأة اقترب منهم رجل يركض بسرعة واصطدم بالحكيم وأوقعه واستمر بالرّكض حتى لم ينظر إلى الحكيم… فسأله التلميذ: مَن هذا الرجل؟ كم كان غريباً؟ حتى لم ينظر إلى ما فعل؟ لم يفكر أن يعتذر… وقف الحكيم وقال: هذه مشكلته هو وليست مشكلتي… أشياء كثيرة يمكنها أن تظهر فجأة في حياتنا ولكن لا نفكر حتى ننظر إليها، هو لم يضرني بشيء ولكنه تضرر لانه فقد الفرصة لأنوّر له طريقه…
هذا حالنا، نسمع كلمات ونقرأ جمل جميلة ونقابل ناسا مختلفين ومع كل هذا لا نتأثر ولا نحاول أن نغير أي فكرة وشيء في حياتنا… لماذا؟ لأننا هكذا مرتاحين أكثر…
كل يوم يخترع الفكر البشري شيئا جديدا لنكون مرتاحين أكثر ونحن نركض ونسعى ونكذب ونسرق لنحصل على ما يريحنا… أنت لا تبحث عن الراحة بل أنت تلبّي رغبات غرورك…
الغرور يبحث عن انتباهك دائماً… كن متنبّهاً لما يطلبه غرورك منك… إذا كنت على علاقة بأحد فأنت محبوب… هذا يرضي غروروك… تطلب منه أن يفعل كذا وكذا… ليس من أجل الحُب، بل من أجل غرورك… لذلك إذا انتهت العلاقة وانتهى الحُب سيحلّ الغضب محله… أنت تسبُّ وتشتم وتكون عدوانيّاً… هكذا أنت تُرضي غرورك مرة ثانية لأنك تختبر القدرة والسُلطة والغضب والحقد الموجود بداخلك… لهذا نحن بحاجة للعيش مع الآخرين لنحس بأننا أحياء ولنشعر بغرورنا ونلبي طلباته…
من أهم الأشياء التي يجب أن تفهمها هي أن تتعرف على هذا الغرور… ليس الغرور الموجود في الآخرين بل الاستكبار الموجود بداخلك أنت… كلما أحسست أنك يائس وتعيس أغمض عينيك وحاول أن تتعرّف على هذا اليأس… من أين أتى؟ لماذا؟ المشكلة ليست من الخارج المشكلة الاساسية هي من الداخل… إذا عرفت أن الغضب واليأس والعواطف تأتي من الغرور والانانية وأنت محصور بينها، إذا عرفت أن كل ذلك هو خدعة من الغرور ولعبة من ألاعيب الفكر سيقع كل شيء من تلقاء نفسه لأنك لن تستطيع أن تستمر بخداع نفسك… أنت عرفت المشكلة وحلهّا فلا يمكنك أن تتمسّك بها… إذا تعرّفت على الحل فلا مكان للمشكلة…
لا يمكنك أن توقع الغرور عنك لأنه سيظهر بشكل آخر… أنت تقول أنا لست مغرور؛ أنا متواضع، لا تحاول أن تكون متواضعاً لأن التواضع هو الغرور الخفي… بهذه الطريقة يبقى الغرور وبذوره داخلك… الناس يتظاهرون بالتواضع… تأمّل السياسيين والمشاهير… حين تنظر إليهم في حياتهم العادية يلبسون ملابس عادية ويستخدمون أشياء بخسة ويتسلون مع ناس عاديين وغير معروفين وأنت تقول في نفسك أنهم متواضعون… في الحقيقة إنَّ غرورهم مُشبَع لهذا لن يهتموا بالتفاصيل البسيطة…
تأمّل النساء… كلما كانت المرأة قبيحة أكثر كلما استخدمت المكياج والمجوهرات أكثر… المرأه الجميلة لا تحتاج إلى شيء يميزها، جمالها كافي ليميزها ولكن المرأة القبيحة تحتاج إلى مكياج ومجوهرات حتى ينظر إليها الآخرين ويرضى غرورها…
كان هناك ملك يذهب للمسجد كل يوم ويدعوا الله ويقول: يا إلهي ارحمني أنا لا شيء بالنسبة للكون الذي خلقتَه وأنا فقير بالنسبة لما تملك، اغفر لي وارحمني… وفي يوم كان يجلس درويش في زاوية المسجد فاعجبه دعاء الملك وصار يردد الدّعاء هو أيضاً… غضب الملك حين سمع الدرويش وقال: كيف تجرأ أن تقارن نفسك بي؟
هكذا هو الغرور… كن متيقظاً لما يحصل وتعرَّف على أحاسيسك فقط… إذا حاولت التغلّب على الغرور فستقع في مشكلة أخرى… من الذي يحاول التغلب؟ أنت، أنت ستكون المشكلة الأولى عند ذلك والغرور المشكلة التالية…
نحن أذكياء جداً حين ننظر إلى غرور الآخرين ويسهل علينا التعرّف عليه ولكن حين نصل إلى غرورنا سيكون من الصعب علينا التعرّف عليه لأنها منطقة محرّمة لم ندخلها من قبل… فكيف يمكننا التعرّف على طرقاتها وأجوائها؟؟؟ ولكن حين تتعرف على المنبع… على الينبوع الذي جاء بكل هذا اليأس والتعاسة فسيقع الغرور من تلقاء نفسه وفي هذه الحالة انت لا تقول أنا أوقعت الغرور عني بل ستضحك من كل هذا، لأنك ستكتشف أنك أنت كنت سبب المشكلة…
أحياناً يستغلك الغرور بأشكال مختلفة، تعتقد أنك تخلصت من الغرور والأنانية وهكذا أنت الآن محباً وعطوفاً ومتعاوناً… هذه الصفات هي غذاء للغرور… غذاء جيد جداً لأنها تجعل الناس يتبعونك ويطلبون المساعدة والإعانة وإذا جاء اليوم الذي لا يطلب أحد منك المساعدة سيظهر هذا الغرور الخفي وستنتقد الناس على أعمالهم لأنك عملت وسويت ولم يشكرك أحد…
من الصعب التعرّف على الأنانية لأن الفكر يخدعنا… لا تخدع نفسك… إذا استطعت أن تخدع العالم فلا تخدع نفسك وحاول أن تكون صادقاً معها حتى لا يستغلك الفكر… نحن ننظر إلى غرور الآخرين ونحكم عليهم وأحياناً نحاول أن نساعدهم للتخلّص من هذا الغرور وننسى أن كل منّا مرآة للآخرين ونسأل ونفتش ونقول: أحد أصدقائي عنده مشكلة، هو يائس وعصبي… إذا كانت هذه مشاكله هو، فما دخلك أنت فيها؟ تعرّف على مشاكلك أنت ودعه يتعرّف على مشكلته هو…
تأمّل كلام الناس وأسألتهم… الكلمات تترجم أفكارنا ولهذا نحاول أن نستخدم أقوي الكلمات وأغربها ونسأل عن أشياء غريبة لا يستطيع أن يجيب عليها أحد… ما هي الطقوس البوذية؟ كيف هو السماح والغفران في الدين الزردشتي؟ هل هناك دليل لاثبات وجود الله ؟ أين هو؟ في الجنّة؟ في برزخ؟ كل هذه الاسئلة لا تنفع لأنها تأتي من الأنا الصغيرة المنفصلة والمعزولة عن الأنا الكونية…
سواء إن كان الله موجوداً أو غير موجود، ماذا ستفعل في كلا الحالتين؟ أنت لست بحاجة إلى إله لتكون إنساناً صالحاً… الإنسانية هي البداية في طريق الألوهية… اذا تعرّفت على مرشد وحاولت أن تسأله هذه الأسئلة سيجيب بشكل مختلف تماماً عن ما تتوقعه… أحياناً يعطيك جواباً ويقول اذهب وتأمل عليه ويكون الجواب ليس له أي علاقة بما سألت… المرشد يريد ن تكتشف الحقيقة بنفسك ولهذا يجب أن تتعرّف على نفسك أولاً وعلى النبع والمكان الذي أتت منه الأسئلة… الجواب في أكثر الأحوال سيكون غير منطقي وغير معقول… إذا جلست وتأملت، عليك أن تترك الجواب والسؤال يطوفان من حولك كأنها غيوم في السماء تتحرك كما تهوي الرياح، تتحرك بدون هدف معين وبدون الوصول إلى نتيجة هكذا ستنسى السؤال والجواب وتتعرف على اللحظة، هذه اللحظة التي تملكها وستستجيب لما يحصل فيها…
هناك فرق بين رورد الأفعال والإستجابة… ردود الأفعال تأتي من العادات والتقاليد والإستجابة تكون عفوية وحسيّة… المرشد الحقيقي يجعلك تستجيب لما يحصل من حولك…
ذهب صحافي إلى أحد الحكماء وطلب الحصول على حوار معه للنشر في مجلته، فوافق الحكيم… حين جلس الحكيم والصحافي والتلاميذ، نظر الحكيم إلى أحد التلاميذ وسأل: أي يوم هو اليوم؟
فأجاب التلميذ: اليوم هو السبت. فصرخ الحكيم: كيف يمكن أن يكون اليوم هو السبت والبارحة كان الجمعة؟ لم يجب التلميذ، عندها خرج الصحافي من المكان…
من الطبيعي أن يكون الخروج ردة فعل الصحافي لأنه لم يتعوّد ان يبدأ حواره بأشياء مجنونة… مَن هذا المرشد المجنون؟ كيف يمكن لهؤلاء التلاميذ اتباعه؟ اذا كنت تلميذا شاطرا فستستجيب فقط والسكوت والاستسلام هما الاستجابة لما كان يفكر به المرشد… ردود الأفعال تأتي من الغرور اذاً تأمل أفعالك وأفكارك واربطها ببعض إذا كنت تجد لأفعالك دليل وبرهان منطقي فكل ما تفعله هو ردودٌ لعادات وأفكار مخزّنه داخلك… أي حجّة وسبب تحاول أن تقنع نفسك بها حتى وإن كانت الجنة فسيكون منشأها الغرور…
أحبّه لأنه زوجي… أحترمه لأنه غني… اصلّي لأدخل الجنّة… أعبد الله لأني أخاف النار… اذا اختفى كل هذا سيبقي الاستسلام فقط ستكون مستسلما لكل شيء، ستجد أسماء الله وصفاته في كل شيء ولن يضير سواء إن كنت ترى الرحمن الرحيم أو القهار المنتقم… أنت مستسلم في كل الاحوال… لست مجبراً عليه… لا توجد فكرة ولا غرور في كل ما يحدث…
مستسلم … سعيد …. ممتن…
منقول