أول خريجة في «هندسة طيران»: أدعو البحرينيات إلى اقتحام التخصصات الجديدة
أكدت أن المرأة باتت اليوم قادرة على العمل في كل المجالات الصعبة
اختارت ألا تشبه أحداً، واختارت أيضاً أن تكون فقط هند العوضي التي تحمل في داخلها حباً لمهنة كانت في الماضي القريب تعد مهنة ذكورية دون منازع. ولعلها بهذا التخصص ورغبتها الشديدة في تحقيق التفرد والتميز، استطاعت أن تحقق أولى خطواتها نحو المستقبل المشرق.
حملت هند العوضي منذ طفولتها حلم هندسة الطيران في مخيلتها، وأبت إلا أن تدخل هذا العالم الذي ظن البعض أنه لا يصلح للجنس الناعم، حملت أحلامها وترصدت الفرصة. وحين أعلنت «تمكين» ضمن برامجها للتنمية البشرية عن إطلاق برنامج هندسة صيانة الطائرات فتحت أمامها فرصة تحقيق حلم كان الجميع يعتبره من ترهات الصغر التي ننساها ما أن نقف أمام مفترق طرق المستقبل لنختار أي طريق منها سنسلك، تمكين منحت هند حلمها، وهند أقبلت على هذه الفرصة بكل حبها وعزيمتها على النجاح.
تحقيق الحلم
اليوم هند العوضي هي أول مهندسة طيران بحرينية تنهي دراستها الأكاديمية من البحرين. واليوم، تقف هند بكل زهو لتثبت للجميع أنه ما من عائق يقف أمام طموح المرء، وأن المرأة البحرينية قادرة على العمل في كل المجالات والقطاعات الاقتصادية.
عن دخولها هذا المجال تقول هند: «حلمت بهذا التخصص منذ زمن طويل، وكان الجميع ينظرون له بأنه تخصص ذكوري، وأنه من الصعب على فتاة أن تمارسه. لم تستطع هذه التعليقات ولا محاولات ثنيي عن تحقيق حلمي أن تحول دوني ودون المضي في هذا تحقيق هذا الحلم. قدمت لي «تمكين» فرصة تحقيق هذا الحلم من خلال برنامجها لهندسة صيانة الطائرات. وفعلاً، دخلت الامتحانات واجتزتها بنجاح، وتأهلت للمشاركة في هذا البرنامج الذي تشرف عليه شركة «باس» للتدريب على هندسة الطيران».
وتضيف هند العوضي في معرض حديثها عن هذه التجربة: «تواصل البرنامج على امتداد أربع سنوات، خصصت السنتان الأوليان للدراسة النظرية والسنتان الباقيتان للتدريب العملي، وبهذه المناسبة لا يفوتني أن أشكر شركة طيران الخليج التي احتضنتني طوال الفترة العملية، وقدمت لي كل التسهيلات من أجل إتمام تدريبي العملي على أكمل وجه. التجربة كانت ممتازة بكل المقاييس، وتمت في أجواء احترافية تمكنت من خلالها من اختبار العمل في ظروفه الطبيعية، وهو ما منحني خبرة كفيلة بأن تثري مسيرتي المهنية مستقبلاً».
نعتز بـ «هند» الأنموذج
من جانبها، تشير مدير أول تنمية الموارد البشرية في «تمكين» أمل الكوهجي، إلى ما حققته هند العوضي بقولها: «نفتخر كثيرا بما حققناه من إنجازات، وما نجاح هند في هذا التخصص إلا دليل راسخ على قدرة الشباب والمرأة البحرينية وخصوصاً على خوض التحديات واجتيازها بنجاح، ونحن فخورون جدا بروح التحدي التي ميزت هذا البرنامج، لقد راهنا على كفاءة شبابنا ونجحنا في هذا الرهان، وعلى رغم صعوبة هذا التخصص إلا أن ذلك لم يحل دون تميز هند وزملائها وتمكنها من أن تحصل على لقب أول مهندسة طيران تتخرج من البحرين وذلك بفضل التسهيلات التي هيأتها «تمكين». هذه خطوة أولى، ونتمنى أن تلحقها خطوات أخرى نشهد خلالها تخرج عدد كبير من الخريجين من هذا التخصص الواعد الذي يزخر بوجود شواغر عديدة محلياً وإقليمياً».
تخصص صعب، ولكن...
وفي إجابتها عن صعوبة هذا التخصص الدراسي، وعدم ملاءمته للفتيات، أجابت هند بأن «تخصص هندسة الطائرات هو بالفعل تخصص صعب، ولكن ذلك لا يعني بتاتا أنه يقتصر على الذكور دون الإناث، والمرأة اليوم قادرة على دخول مثل هذه المجالات وقد أثبتت جدارتها في العمل وتفوقت على زملائها من الرجال»، مضيفة «كانت دراستي لهذا المجال صعبة جدا من جهة تقبل الناس وكذلك بالنسبة لعائلتي، وفي الغالب فإن نسبة إقبال الفتيات في جامعات البحرين ومعاهدها للتخصص في مهن تقنية وميكانيكية قليلة، وهو ما ينطبق على تخصص هندسة الطائرات».
وتابعت العوضي «الفتيات اللاتي اشتركن في برنامج تمكين لهندسة الطائرات أثبتن جدارتهن وتفوقهن على الرجال وهو ما يؤكد أن المرأة البحرينية امرأة كفوءة وقادرة على تحقيق نجاحات كبيرة في كل المجالات التي تخوضها. ولذلك، أدعوها للإقبال على التخصصات الجديدة والابتعاد عن التخصصات التقليدية من أجل ضمان مستقبل وظيفي متميز».
كانت عائلة هند متخوفة من الصعوبات التي قد تعترضها في قطاع كان حكرا على الرجال وتخوفهم، تقول: «لم يكن خوفهم من منطلق عدم ثقتهم في قدراتي أو التشكيك في جدارتي بالاضطلاع بهكذا أعمال ولكنه تخوف من نظرة المجتمع لفتاة تمتهن مهنة لم تمتهنها النساء من قبل وتوجس من المشاكل التي قد تصادفني أثناء أداء العمل. وخصوصاً أن التخصص الذي اخترته هو تخصص ميكانيكي أقوم بموجبه بالتأكد من سلامة الطائرة وجاهزيتها للإقلاع والتأكد من سلامة وكفاءة الأجهزة الميكانيكية، وصيانتها، واستبدالها إن دعت الحاجة، لكن عائلتي بادرت لمساعدتي وتشجيعي ولم يبخلوا علي بالدعم احتراماً منهم لمواهبي وكفاءاتي، وهم اليوم يفتخرون بي، وبالنجاحات التي حققتها، وأنا سعيدة بأني كنت عند ما يأملون».
يذكر أن «تمكين» قامت برصد مبلغ أكثر من 1 مليون دينار بحريني لتنفيذ برنامج هندسة الطائرات الذي انطلق في الربع الأول من العام 2007، وتستمر الدراسة فيه لمدة أربع سنوات، يحصل على إثرها الخريجون على شهادة دولية في صيانة الطائرات وهندستها، وتعتبر هند العوضي أول خريجة لهذا البرنامج والأولى التي تتخرج من البحرين.
وعن مستقبل هذا القطاع تقول هند: «القطاع واعد جداً على المستويين المحلي والإقليمي، وخصوصاً أن المنطقة تشهد حركة طيران مزدهرة وتوسع كبير في المطارات والأساطيل الجوية للشركات الناقلة، بالإضافة إلى افتتاح مطارات جديدة مما يفتح آفاقا تشغيلية كبيرة في هذا المجال». وتضيف هند متحدثة عن طموحاتها الشخصية: «أتمنى مواصلة دراستي في هذا المجال الذي يشهد نقلة نوعية على كل المستويات، أطمح أن أستكمل دراستي في الجانب الإداري من هندسة الطيران، وكلّي أمل أن أحقق النجاح».
الرئيسية
البوابة
التسجيل
دخول
