تاريخ التسجيل : 18/02/2012 العمر : 68 البلد /المدينة : النمسا / فيينا
موضوع: إبداعات تكنولوجية من الحضارة الإسلامية 1/11/2016, 22:02
إبداعات تكنولوجية من الحضارة الإسلامية
إذا كنت تعتبر التكنولوجيا سمة من سمات عصرنا الحديث فحتماً أنت مُخطئ في ظنك هذا، بحسب تعريف التكنولوجيا هي: مجموعة المعارف المستخدمة في تطبيق المنهج العلمي للوصول إلى هدف أو حل مشكلة ما. في العصور الوسطى حيث ازدهرت العلوم الإسلامية، نجد الجذور والبذور الأولى التي نبتت منها تكنولوجيا العصر الحديث في مجالات الطاقة وعلوم الروبوتيات والتصوير والطيران والساعات….وحتى أجهزة الكمبيوتر!
طواحين الرياح
كانت المياه من بين مصادر الطاقة الهامة في العصور الوسطى، ولكن حين ضرب الجفاف أصقاع الصحراء العربية كانت الرياح الجافة هى أهم مصادر الطاقة. تعود أصول طواحين الرياح إلى القرن السابع الميلادي من بلاد فارس. يُحكى أن رجلاً فارسياً قد أتى إلى الخليفة عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) وزعم أن بإمكانه بناء طاحونة تعمل بقوة الرياح وهكذا أمره الخليفة ببناء واحدة. وفيما بعد انتشر استخدام قوة الرياح في طحن الذرة ورفع المياه من أجل الري. كانت طواحين الرياح الأولى عبارة عن مباني تتكون من طابقين وكانت تُنشأ على أبراج القلاع أو على قمم التلال. كان الطابق العلوي يحتوي على الرحى المُستخدمة في الطحن بينما الطابق السُفلي كان يحتوي على عجلة تُدار بـ 6 أو 12 شراع رأسي.
كان يتم ثقب جدران الحجرة السفلية بقنوات قُمعية الشكل بحيث يكون طرفها الأضيق موجهاً إلى الداخل من أجل زيادة سرعة الرياح التي تضرب الأشرعة. كانت الرحى تتصل من الأسفل باسطوانة خشبية يبلغ قطرها نحو نصف متر وطولها 3.5 مترا تقف بشكل رأسي، وكان يُثبت بها الأشرعة المصنوعة من أحزمة من أوراق الشجر أو النخل. وعندما تهب الرياح فإنها تلف الأشرعة والتي بدورها تلف الاسطوانة الرأسية والرحى. كان يتولي مهمة بناء تلك الطواحين في العادة الطحان وصبيانه…أي أن هؤلاء هم أسلاف المهندسين الميكانيكيين اليوم!
الكاميرا
فشل العالم المسلم الحسن بن الهيثم في مسعاه للتحكم في فيضان مياه نهر النيل، فما كان من الخليفة الحاكم بأمر الله إلا أن حدد إقامته في منزله! غير أن إقامة إبن الهيثم الجبرية في بيته جعلته يُركز كل مجهوداته ووقته في أبحاثه العلمية. وفي يوم من الأيام لاحظ ابن الهيثم ظاهرة غريبة للغاية، من خلال فتحة صغيرة في شباك منزله رأى شعاع ضوء الشمس في وقت الكسوف ينسل ليسقط على الجدار المقابل له وتكونت صورة لقرص الشمس “المكسوف” متخذا شكلا هلالياً ولكنه كان مقلوباً!
وفسر ابن الهيثم تلك الظاهرة بأن أشعة الضوء حين تتقابل عند الفتحة الصغيرة فإنها صنعت شكلاً مخروطياً ثم تقاطع الشعاع العلوي مع السفلي معا ليصنعا شكلاً مخروطياً آخر معاكساً للأول كي تتكون صورة مقلوبة للجسم الموجود وراء الثقب. وأشار إبن الهيثم إلى أنه كلما كان الثقب أصغر كلما زادت جودة الصورة المتكونة على الجدار. ومن وحي المكان أسمى ابن الهيثم اختراعه هذا الحجرة المُظلمة أو القُمرة والتي تترجم في الإنجليزية إلى Camera obscura، وهو الاختراع الذي مهد إلى ابتكار الكاميرات الرقمية كما نعرفها اليوم!
الإسطرلاب: الكمبيوتر التناظري
في عصر الأقمار الصناعية والحواسيب الرقمية وبفارق 1000 عام، يمكننا القول أن الإسطرلاب كان هو كمبيوتر العصور الوسطى! ليس معروف تحديداً أصل الإسطرلاب، ولكنه بلا شك قد شهد تطوراً كبيراً على يد العلماء المسلمون منذ عام 800 ميلادياً والذين استخدموه في قياساتهم الفلكية ولمعرفة أوقات الصلاة. كانت الإسطرلاب هو نموذج ثنائي الأبعاد للسماء، حيث يُبين كيف تبدو السماء في مكان وقت محددين، لذا كان الإسطرلاب نموذجاً لجهاز كمبيوتر تناظري يحل الأمور المتعلقة بمواقع الأجسام الكونية مثل الشمس والنجوم وعلاقتها بالوقت.
كانت بعض الإسطرلابات محمولة وفي حجم كف اليد بحيث كانت بمثابة ساعة جيب لفلكيي العصور الوسطى، فبواسطته يمكنهم معرفة الوقت ليلاً أونهاراً ومعرفة أوقات حدوث الأحداث الفلكية مثل شروق الشمس وغروبها. ويعود الفضل إلى على بن خلف الشكاز والزرقالي في طليطلة بالأندلس في صناعة أول أسطرلاب عالمي يمكن استخدامه في أي مكان بالعالم، حيث أن الإسطرلابات في الأغلب تكون مصممة لمكان بعينه لأن قياساتها تعتمد على موقعها. وجد الإسطرلاب المطور على يد المسلمين وبخاصة الإسطرلاب العالمي طريقه إلى أوروبا حيث ولد علم الفلك الحديث.
الطيران
إن أول مسلم وقد يكون أول من قام بمحاولة حقيقية لإنشاء آلة طيران كان العالم الأندلسي عباس بن فرناس في القرن التاسع الميلادي. قام ابن فرناس بمحاولة طيرانه الأولى الشهيرة في عام 852 ميلادياً، وفيها استخدم عباءة كبيرة مقواه بدعائم خشبية حيث قفز من مئذنة المسجد الكبير في قرطبة. كانت تلك العباءة بمثابة أجنحة وقد هبط باستخدام شئ أشبه بالبراشوت ولكن هبوطه في تلك المرة الأولى لم يكن موفقاً وإن كان البراشوت قد أبطأ من سقوطه فلم يخرج من ذلك الحادث سوى بإصابات بسيطة.
لم ييأس ابن فرناس من فشله في المحاولة الأولى بل كان الفشل دافعا له كي يحسن من تصميمه ويعيد الكرة ولكن تلك المرة من فوق جبل العروس وقد ثبت في ذراعيه أجنحة مصنوعة من الحرير والمغطاة بريش النسور. نجح ابن فرناس في الطيران وحلق في الهواء لمدة 10 دقائق كاملة… قبل أن يسقط عمودياً متسبباً في كسر الأجنحة وإحدى فقرات عموده الفقري! وهنا أدرك ابن فرناس الدور الحيوي الذي يلعبه الذيل في هبوط الطيور حيث تهبط الطيور من جهة الذيل أولاً كما تهبط الطائرات اليوم على عجلاتها الخلفية. لم يمت ابن فرناس جراء تجاربه الخطيره على عكس المعتقد “الشعبي” السائد لكنه للأسف لم يتمكن من مواصلة تجاربه على الرغم من اكتشافه سر الذيل، ولكنه على أي حال يكون بذلك قد سبق محاولة الطيران “الأولى” التي نسبت خطأً للأخوين رايت.
ساعة الفيل
استوعب المسلمون مفهوم الوقت وأدركوا أنهم ليس بإمكانهم إيقافه ولذا فقد حرصوا على معرفة الوقت من أجل استغلاله في القيام بالأعمال الصالحة كما كانت معرفة الوقت ضرورية لتحديد أوقات الصلوات والأحداث السنوية الهامة مثل شهر رمضان والعيد وأوقات الحج. كانت ساعة الفيل مثالاً على الإبداع الميكانيكي والتي قام بإنشائها العالم العبقري الجزري، مُبيناً في تصميمها التنوع العرقي للعالم الإسلامي الذي امتد من إسبانيا حتى منتصف قارة آسيا. تضمنت الساعة فيل هندي وعنقاء مصرية وشخص عربي وسجادة فارسية وتنانين صينية.
كان بطن الفيل مملوءاً بالمياه وعلى سطح المياه يطفو وعاء مثقوب من أسفله وبينما يتسرب الماء إلى داخل الوعاء فإنه يغرق بالتدريج على مدار 30 دقيقة وعندما يغرق تماماً فإنه يُفعل آلية تتسبب في جعل العنقاء الموجودة في الأعلى أن تدور حول نفسها ثم تنطلق كرات صغيرة لتسقط في فم التنين الذي ينحني بدوره ليُسقط الكرة في مزهرية بجانب راكب الفيل. وإثر سقوط الكرة يقوم راكب الفيل بتحريك يديه معلناً مرور نصف ساعة. شاهد آلية عمل الساعة:
الروبوت
في غمرة الطفرة التكنولوجية التي نعيشها في مجال الصناعات الروبوتية والأجهزة ذاتية التحكم، لا ننسى أن ندين للجزري عبقريته الميكانيكية في صناعة أول روبوت ذاتي الحركة في التاريخ! صنع الجزري عديد من الروبوتات متعددة الاستخدامات ومنها مثلا روبوت لفتاة روبوتية نادلة تُقدم الماء والشاي والمشروبات! في هذا الجهاز يكون المشروب مخزناً بحيث يقطر في وعاء وبعد بذلك بسبع دقائق يُصب في كوب لتخرج الفتاة الروبوتية بعد ذلك من باب بالجهاز لتقدم المشروب.وبالإضافة لذلك صنع الجزري فتاة روبوتية أخرى لغسل اليدين متضمنة في جهاز يعمل بآليات طرد مشابهة لآليات الطرد الموجودة في دورات المياه اليوم! وفي هذا الجهاز تقف الفتاة الروبوتية إلى جانب حوض ماء وحينما يطرد المستخدم مياه الغسل من الحوض تقوم الفتاة بإعادة ملئه مرة أخرى. أما النسخة المُطورة من جهاز غسل اليدين كان جهاز الوضوء الآلي وهو يتكون من طاووس وروبوت بشري على هيئة خادم. فعندما يقوم المستخدم بضغط على ذراع معينة فإن الماء يتدفق من فم الطاووس وعندما يصل مستوى الماء في الحوض أسفله إلى مقدار معين فإنه يُحرك رافعة ليفتح باباً في الجهاز يخرج منه خادم ليُقدم الصابون، وبينما يستمر تدفق المياه حتى يعلو مستواه في الحوض إلى مقدار أعلى هنا يُحرك رافعة أخرى لتفتح باباً يخرج منه خادم آخر ليقدم المنشفة!
للحديث عن الإكتشافات والإسهامات التكنولوجية للعلماء المسلمين نحتاج إلى مجلدات ولكن كانت هذه مجرد قبسات لحثكم على البحث فنحن في أمس الحاجة لاستمداد الماضي واستلهامه عزماً وقوة لا مباهاة وفخراً لمعرفة الحاضر والانطلاق نحو المستقبل بأمل وثقة.
المصادر
كتاب 1001 اختراع [url=http://home.swipnet.se/islam/articles/HistoryofSciences.htm#IX. Mechanical Engineering]1[/url] 2 3 4 5
دكتورة.م انوار صفار Admin
تاريخ التسجيل : 04/04/2010 البلد /المدينة : bahrain
بطاقة الشخصية المجلة:
موضوع: رد: إبداعات تكنولوجية من الحضارة الإسلامية 1/14/2016, 21:09
كانت المياه من بين مصادر الطاقة الهامة في العصور الوسطى، ولكن حين ضرب الجفاف أصقاع الصحراء العربية كانت الرياح الجافة هى أهم مصادر الطاقة. تعود أصول طواحين الرياح إلى القرن السابع الميلادي من بلاد فارس. يُحكى أن رجلاً فارسياً قد أتى إلى الخليفة عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) وزعم أن بإمكانه بناء طاحونة تعمل بقوة الرياح وهكذا أمره الخليفة ببناء واحدة. وفيما بعد انتشر استخدام قوة الرياح في طحن الذرة ورفع المياه من أجل الري. كانت طواحين الرياح الأولى عبارة عن مباني تتكون من طابقين وكانت تُنشأ على أبراج القلاع أو على قمم التلال. كان الطابق العلوي يحتوي على الرحى المُستخدمة في الطحن بينما الطابق السُفلي كان يحتوي على عجلة تُدار بـ 6 أو 12 شراع رأسي.