الكرسي هذا المخلوق الجميل
بقلم محسن الصفار
قد يظن البعض ان الكرسي هو مجرد قطعة اثاث مثله كمثل السرير او الطاولة او الخزانة او اي قطعة اثاث اخرى ولايستحق ان تكتب فيه مقالة , ولكن الواقع يقول غير ذلك فالكرسي الذي نسب ظلما الى الاثاث هو واحد من اقوى انجازات البشرية منذ فجر تأريخها حتى يومنا هذا وهو اختراع يفوق بقيمته الذرة والصواريخ والانترنت وكل شيئ اخر .
فالكرسي هو محور تطور الحضارة البشرية من الاف السنين ما قبل التاريخ وحتى يومنا هذا فهو الذي قامت بفضله الدول والامبراطوريات وهو الذي قامت من اجله الحروب المدمرة ولم يكن هناك حدث عظيم تاريخي الا وكان الكرسي محوره واللاعب الرئيسي فيه .
والكرسي له مجال جاذبية خاص به يفوق قوة الجاذبية الارضية وحتى جاذبية الثقوب السوداء وهذا المجال لايترك لاي شخص يقترب منه فرصة للافلات او الهرب ولايستطيع الافلات من جاذبية الكرسي الا من انجذب الى مجال جاذبية لكرسي اكبر واقوى او جذبه اليه سيدنا عزرائيل .
والكرسي بخلاف الجوامد الاخرى يتمتع باحساس عميق ومشاعر دافئة تجعل من يتعرف عليه لايود مفارقته ويظل ملتصقا به حتى اخر يوم من حياته وحتى بعد موته لايحب ان يترك كرسيه العزيز لاحد غريب فيتركه لأبنائه فقط وهو من اجمل المشاعر البشرية واسماها .
كما ان الكرسي لعوب ودلوع وغنوج وليس له أمان ومن يعاشره يجب ان يضع عينيه عليه ليلا ونهارا كي لايهرب مع غيره ويكون اذكى لو انه اصطحبه معه في حله وترحاله كي لايقع فريسة للطامعين .
والكرسي لديه قوى خارقة تفوق قدرات اي جني او عفريت او السوبرمان نفسه , فمن يجلس عليه يتحول من احمق الى نابغة ومن جاهل امي الى فطحل وبليغ ومن قبيح الى وسيم ومن فقير معدم الى ملياردير منعم وما أن ينهض بأرادته ( وهو مالم يحصل في العالم العربي حتى الان بسبب الجاذبية طبعا ) او يخلع عنه بالقوة , حتى يزول السحر ويصبح البطل الصنديد جبان والوطني خائن وهلم جرا .
ومن يعاشر الكرسي يعشقه ويبذل الغالي والنفيس من اجله لابل و يخون الوطن من اجله, ويغلق عينه عن اهات المظلومين وينسى كل شيئ ولايرى امامه الا هذا المعشوق ذو القوام الممشوق .
والكرسي لدى العوام من الاشياء المضرة فهو يسبب اوجاع الظهر والبواسير ويكبر الكرش ولذلك فان الحكام وحرصا منهم على صحة الشعوب يمنعنونهم من الاقتراب من كراسيهم لا بل وحتى حذفوا الكراسي من المدارس كي لايتعود الجيل الناشئ على الكراسي ومضارها الصحية .
ويبقى الكرسي ملهم الشعراء والرسامين والفنانين ومعشوق السياسيين حتى يجد علماء الفيزياء حلا لجاذبيته القوية عسى ان نتمكن يوما من التخلص من سيطرته على كل حياتنا اليومية .