( الحلقة الرابعة )
ومن مفارقات الزواج أيظا ً هو أدعاء أبناء العم الذين ليس من الدرجة ألأولى أو غيرهم من خارج نطاق ألأقرباء على أن البنت ( موكَوفة ) له منذ الصغر أو أنها ( أموكَوفه له مع راية العباس ( ع ) .. وغالبا ً ماتحل هذه الحالة في فك الحلف عند ( المومن ) الرجل التقي المؤمن أو الشيخ بأن يصوم الذي حالف على هذا الزواج ويرضوه ببعض الفلوس أو الماشية ( الهوش والحلال ) ... أو لا .. إن " الرجل والمرأة " المتحالفين عليهم طبعا ً أبائهم الذين حلفو على ذلك الوقف .. أنهم حقا ً يريدون ألأرتباط , الزواج عندها لايقف في طريقهم إلا أولاد العم وعندها يمكن حل هذه المشكلة بألأمور التي ذكرناها إذا وافق أولاد العم على ذلك ...
وغالبا ً ما يحلف ألأباء وألأمهات على أن تكون فلانة لفلان عندما يكبرو ويصبحو في عمر الزواج وغالبا ً مايقسم الوالدين من الطرفين للولد والبنت يقسمو برأس العباس أبن علي عليهم السلام أو براية العباس ( ع ) .. وغالبا ً مايكون ذلك عندما تكون صلة قرابة غير أولاد العم من جهة النساء أي من الخوال .. أو تكون هنالك صداقة حميمة بين الآباء وألأمهات .. ويفعلون ذلك ( الوقف ) للولد لتترسخ وصائل ووشائج الصداقة والقرابة .. ويحاولون منذ الصغر أن يقربو بين الولد والبنت على أنها ( موكَوفة ) ألك هذا قبل أن يبلغو الحُلم وبعدها ينوهو لهم أنهم لبعض ونحن ألأباء وألأمهات قد (وَكَفناها ) ألك أي حجزناها لك وفي ذلك تنويه للشاب أن يقترب من البنت طبعا ً بشرف وعفة تامة وأن يضع يده عليها لو أراد أحد ما أن يتزوج منها ويطالب بها على أنها ( موكَوفة ) له ..
وغالبا ً الناس تحترم هذا الشئ لدخول أسم أبو الفضل العباس أو رايته في الموضوع .. وتوجد شواذ على هذه القاعدة بأن يطالب أبن العم ببنت عمه .. وإن فعل ذلك فيرضوه كما قلنا ببعض الماشية أو اي شئ يرغب به ..
ومن المفارقات أيظا ً ( المتحالفين ) لبعضهم البعض الولد والبنت على أن لا يتزوج أحدهم غير ألآخر ويكون ذلك عندما تكون علاقة (عشك َ ) حب شريف عُذري بين الولد والبنت في أيام الصبا والشباب ... ويحلف ( العشيقان ) عادة في أحد ألأئمة ( ع ) أو في أحد السادة المدفونين بقربهم فعلى سبيل المثال يحلفون أهالي وسكنة أهوار الناصرية بسيد دخيل المدفون على مشارف ألأهوار هناك أو بسيد موسى المدفون قرب قرية الهصاصرة في مراحب آل حسن قرب سيد دخيل أو بسيد حسين المدفون في آل عواد في قرى الشطرة أو في أي سيد مدفون بالقرب منهم وذلك لأحترام الناس لهؤلاء الناس ليس لأنهم سادة وحسب بل وكذلك لأنهم أ ُناس قد خدمو قومهم في كثير من ألأمور وخصوصا ًحل المشاكل العشائرية المعقدة ويحضون بمنزلة كبيرة في نفوس الناس هناك ..
وتواجه ( المتحالفين ) مشاكل كثيرة وكبيرة منها القيود العائلية والفيتو .. أعتراض أولاد العم لبنت عمهم أو عدم رغبة ألأب وألأم للطرفين بالزواج من هذه العشيرة أو العائلة ....
وفي أحيان كثيرة لا يتم زواج هؤلاء ( المتحالفين ) بالزواج الطبيعي المتعارف عليه .. ولكن وللأسف يلجأون الى الزواج بدون موافقة ألأهل من الجانبين أو من جانب بيت أهل البنت في أغلب ألأحيان وعندها يهروب الشاب والبنت الى عشيرة أخرى أو بعيدة عن عشيرتهم جغرافيا ً ويتزوجون هناك أو يكونون قد تزوجو قبل اللجوء الى هذه أو تلك العشيرة حتى لا ينفضح أمرهم ويطلق على البنت الذي تفعل ذلك ب ( الناهبة ) والذي يسكن مع عشيرة جديدة غير عشيرته عندما يلجأ اليها يطلق عليه ( دخيل ) أي داخل عليهم ولا يتمكن أحد عندها من قتله أو قتل البنت لأنهم دخلاء على هذه العشيرة وغالبا ً ما تحترم هذه ( الدخلة ) أو ( ذاب جرش ) ...
( الحلقة الخامسة )
يُقال ومن الحب ماقتل , ذكرنا في الحلقة السابقة إن ( المتحالفين ) على الزواج فيما بينهم وقد لايكتب لهم التوفيق ولاتتم فرحتهم بموافقة ألأهل عندها - وهم المتحالفين ولا يجوز كسر الحلف " القسم " – ولأنهم عشاق ( عاشكَين ) يفكرون في كيفية أتمام زواجهم وبكل ثمن حتى لو أدى الى قتلهم وللأسف كانت هناك حوادث من هذا القبيل ولهذا السبب , في أحدى المرات كنت في زيارة الى مدينة الصدر في بغداد وفي الصباح الباكر سمعنا عدة أطلاقات نارية وعندها خرجنا مفزوعين في ذلك الزمان في السبعينات لم تكن مثل هذا الزمان التعيس خرجنا من أسرتنا الى الشارع وأذا برجل نعرفه قد نزح َ من محافظة العمارة ميسان الى بغداد منذ 25 سنة وكانت معه فقط أمرأته وعرفنا فيما بعد أنه كان متنكرا ً بأسم غير أسمه وغير أسم عشيرته ,, المهم لقد رأينا الرجل مطروح على ألأرض مقتول وعند رأسه ( يهوسون ) بعض الرجال ويقولون ( هذا اليوم الجنه أنريده ) أي كنا ننتظر هذا اليوم بفارغ الصبر لأننا أخذنا ثأرنا منه لأنه أخذ بنت عمنا وأختنا رغم أنوفنا ,, هكذا سردو القصة بكل برود وبعدها بساعة تقريبا ً أتت الشرطة وأقتادهم الى المركز وبعد مدة حكم عليهم ستة أشهر لاغير وتسمى هذه المحكومية بالعراق آنذاك بمحكومية ( رد الشرف ) .
هذه قصة قصيرة على أمثال تلك الزيجات التي تحدث على هذه الشاكلة .
وقلنا قد يلتجأون ( العشاكَ ) الى أحد العشائر أو ويدخلو عليهم ويسمى الرجل عندها ب ( الدخيل ) أو ( ذاب جريش ) وبمعنى آخر لآجئ أجتماعي ولو كان المعنى ألأخير ينطبق على غير الهاربين ( الناهب ) و ( الناهبة ) مثل المهاجر الى عشيرة بعيدة عن عشيرته أو يكون قد ( كسر العصة مع عشيرته ) أي أنه قد خرج من عشيرته ولا يدين لهم بشئ وكذلك العكس صحيح ,, عندها يعيش مع هذه العشيرة الجديدة لفترة من الزمن وقد تطول أو تقصر حسب الضروف المعيشية وألأجتماعية الجديدة التي تحيط به وبعائلته .
وتتوسط هذه العشيرة عند عشيرة البنت للأصلاح وفي الغالب لايوفقون الى الصلح لأنها قضية شرفبالنسبة لهم ولكنهم يعطو ألأمان له مادام عند هذه العشيرة وفي ديارها ولكن لو غادر أرضي تلك العشيرة فهو مهدور الدم , وهنا لاتتعرض عشيرة الزوج ( العاشك َ ) الى أي تهديد أو ضغوط أو أعتداء من عشيرة البنت ( العاشكَة ) ,, ألا أن حياته تظل في خطر وتوجس وخيفة من الغدر والقتل من عشيرة زوجته ,, ولكن هذا ليس القانون الساري في كل العشائر , هناك عشائرلا تحترم هذه ( الدخلة ) ويعطو ( عطوة ) مدة من الزمن الى العشيرة التي أعطت حق اللجوء ألأجتماعي ( الدخلة ) ومعنا ذلك عليكم أخراج هذا الرجل وزوجته من دياركم خلال مدة شهر أو أكثر بقليل ويخرج المغضوب عليه وعلى زوجته الى ديار أخرى بحثا ً عن أمان ٍ ضائع ,, وشاهدت رجل في أربيل عندما كنت في العسكرية وهو من البصرة وقال لي لقد أصبح لي في أربيل 35 سنة وله 7 أولاد وبنتين من زوجته التي هرب بها من البصرة ولم يتمكنو لحد ذلك الوقت من التعرف عليه وكان لايفشي بسره إلا للقليل من الأصدقاء الخلص وذلك لمساعدته لو أرادت عشيرة البنت من البحث عليهم عندها يكون واجب الذي يعرف السر ,,طبعا ً بعد أن يعلم أن أُناس يبحثون عن ذلك الرجل عندها يكون من واجبه أن يعطيهم معلومات خاطئة ويرسلهم الى محافظة أخرى حفاظا ًعلى حياة صديقه وحياة عائلته .
( الحلقة السادسة )
سنخصص هذه الحلقة الى المرأة المظلومة إلا وهي ( الفصليّة ) هذه المرأة التي عانت وستعاني المرار بسبب عادات لم ينزل الله بها من سلطان .. في الحقيقة وددت ُ لو لم أتعرض أنا كاتب الموضوع بالنقد الى بعض العادات وأترك لكم التعليق والنقد ولكن لحد ألأن لم يأتي النقد بما يُرتجى , أي أنه يجب علينا تقويم وتصحيح هذه العادات بما نمتلك من قوة وإلا ماسبب طرحنا الى هذه المواضيع هل لسبب التأرشف ؟ .
أو أننا نحب أن نذكر بعض عاداتنا الغير جيدة .. كما لايخفى أنه توجد بعض العادات الجيدة والحميدة في الزواج وبالتحديد في العراق سأذكرها في حلقات قادمة أن شاء الله تعالى , وددت ُ لو تكرم أخوة والأخوات أعضاء هنا في معالجة هذه العادات معالجة موضوعية شرعية أو اي شئ أخر يرتأونه .
( الفصليّة ) تكون عادة ً هي تلك المرأة التي تعطى وفي كثير من ألأحيان عنوة ً الى أهل المقتول الذيب قتل في أي حادثة كانت في العراق وتعطى هذه المرأة المسكينة على أن لا يهدر دم القاتل أي كدية الى عائلة القتيل .. وفيها تفاصيل كثيرة ..
منها أن المراة الفصلية " طبعا ً يُعقد عليها عقد زواج شرعي " لايُأخذ رأيها في الرجل الذي تعطى له كدية أو ( فصل ) وعليها أن ترضى بأي رجل تُقدم له وذلك حتى لايُقتل أخيها أو أبوها أو أبن عمها .. وعادة يكون الرجل كبير السن هذا الذي يتزوج ( الفصليّة ) نكاية وأذلال ً في أهل البنت ..
ومنها أن ( الفصليّة ) قد تطلق بعد يوم من زواجها لأذلال أهلها , وغالبا ً ما تعامل هذه المرأة البائسة والغلوبة على أمرها بقسوة شديدة حتى في يوم زواجها الذي أُرغمت عليه .. وأذا لا يريد الرجل طلاقها فليس لها حقوق الزوجة العادية فللبنت المتزوجة وحسب العادات المعروفة لها الخلوة بزوجها سبعة أيام أو ثلاث أيام حسب عادات بعض المناطق ولكنها ( الفصليّة ) ليس لها إلا ليلتها وفي اليوم التالي يجب عليها الخروج الى العمل في الحقل أذا كان أهلزوجها يسكنون القرى وألأرياف أو يجب عليها العمل في البيت صباح زواجها ولا تُخدم من قبل أخت أو أم الزوج ..
وغالبا ً لا تكون هنالك ً حفلة زفاف بل فقط أعلام بزواج فلان على فلانة بنت فلان القاتل ..
وكذلك تُهان هذه المرأة على أقل خطأ ودائما ً ما تُنادى بالفصلية " شنو عمي أنتي كلج فصلية " يقولون لها هذه الجملة التي قد تكون حفظتها وعلى مر الزمن قد لا تبالي لها .. وتُهان ( الفصليّة ) من كل عائلة الزوج من زوجته ألأولى أو أمه أو أبنه أو أخته أو أي طفل موجود في بيته .. وعليها أن لاترد عليهم وأذا ردت مرة ما فياويلها منهم .. قد تلاقي الضرب المبرح ولا أحد يمكن له أنقاذها منهم إلا الله ..
وكذلك لايُسمح ( الفصليّة ) لها بزيارة أهلها إلا مرة أو مرتين في العام هذا في القرى وألأرياف أما في بغداد والفرات ألأوسط فيمكن أن يكون الوضع أقل تعقيدا ً ولكن يُسمح لعائلتها بزيارتها وغالبا ً ماتزورها أمها أو أخواتها ويخففن عليها ويذكرنها بأنها مضحية وحقنت دم أخيها أو أبوها ..
وغالبا ً ما يُعطى ( الفصل ) بأكثرمن أمرأة ( فصليّة ) الى أهل القتيل وذلك حسب نوع القتل ومن هو المقتول .. هل هو شيخ عشيرة أو أبنه أو من المقربين اليه ؟؟ .. عندها تُعطى أكثر من ( فصليّة ) لهم مع بعض ألأموال ( فلوس ) والمواشي ( الحلال ) وتكون مشية الفصل كبيرة جدا ً فيها وجهاء العشائر وهنا يجب علينا أن نقول رغم التعسف والظلم الذي يلحق بالمرأة يجب أن نقول أن هذه الجلسات ( المشيات ) أو ( المشاية ) الذين يفصلون أنهم يحقنو الدماء وهذا عمل كبير بحد ذاته حتى المرأة ( الفصليّة ) أنها بعملها وبقبولها بالزواج من عائلة القتيل هو تضحية جبارة لأنها تضحي بحياتها ومستقبلها ومستقبل أولادها .. لأن حتى أبن الفصلية لا يعامل معاملة حسنة من قبل الزوج وأهله ..
إلا انه كانت هنالك ( فصليّات ) قد غيرن من بعض ردود أفعال أزواجهن وقلبن الكره الى محبة ووئام ساد العشيرتين المتقاتلتين ,, بل حتى أبنائها قد تربعو على عرش العشيرة وأصبح الكل يحبهم وذلك بفضل حنكة وذكاء تلك ( الفصلية ) التي عرفت كيف تروض هذا الزوج وتدخل المحبة الى قلبه .. وكذلك عرفت كيف تتصرف مع أهل زوجها وبالخصوص أم الزوج أو زوجته ألأولى .. الحنكة التي أقول عليها هي ألأيمان بالله والقبول بقضائه وقدرة ومخاطبة الزوج وأهله بالخطاب ألأيماني هذا أذا كانت مُلمة ببعض الأمور الشرعية .. فكلما تحدث حادثة تذكرهم بيوم الحساب وكيف سيلاقون الله لو عملو معها هذا الظلم والتعسف .. وتذكره بأنها زوجته رغم أنها ( فصليّة ) .
( وللفصليّات ) قصص كثيرة في جنوب العراق ووسطه تُدمي القلب ..
أتسائل هنا كيف يُمكن لنا أن نوقف أو نرشد هذه العادات الغير جيدة ونحولها الى مصدر رفاه وتقدم يخدم العراق والعراقيين وخصوصا ً العراقيات ؟؟ ..
منقووول للفائدة
بأنتظار ردودكم