في يوم ذات صباح شتوي قارص خرجت الفتاة إلى شجرة المورنجا لتروي الأشجار وبعض الشتلات في الأحواض الأخرى
تأملت الفتاة شجرة المورنجا وفروعها المترامية وأغصانها المتشابكة وأخذت تطلق العنان لخيالها وتأملت البراعم وأزهارها البيضاء وكيف غطت كل أوراق الشجرة
لفت نظرها وجود عصفور بألوان زاهية وخلابة بين الأغصان كانت أصواته تطرب منها الآذان وحركات تسلب الألباب
كان العصفور يتحرك بحركة رشيقة وجميله يقفز بين الأغصان المتشابكة ويصدر ترانيم ندية أثارة إعجابها وتمنيت أن يقف على راحة يديها وما أن فتحتها وأخبرت برغبتها بان يحط على راح يديها كأنه فهم ما قالته له وما فكرت فيه نشر جناحية في الهواء عكست أشعة الشمس جمال ألوانه وروعتها وطار في اتجاهي وحط برجليه على يديها وبدأت الفرحة واضحة على عيناي بريقهما عكس فرح قلبي وبهجتها قالت للعصفور هل بالإمكان أن نصبح أصدقاء
عزف لحن بصوت جميل وعيناه تلمعان كأنه ينتظر مني هذا الطلب رحب بصداقتي له
طار قلبها من فرحه العصفور يفهمني وقبل صداقتي غمرتها سعادة ليس بعدها سعادة وأصبحت وكأنها ملكت الدنيا بأجمعها
اليوم دخل إلى حياتها صديق جديد
توطدت علاقتها بالصديق الجديد وأصبحت تنتظر طلوع الفجر بشغف حتى تلقي ذلك الصديق في كل صباح يعزف لها أجمل الألحان ويغرد أروع الأغاريد
كلما كانت تجلس بجانبه تشعر بالرياح كأنها نسيم رقيق يداعب جسمي
ووجوده معها ينسينها البرد القارص ويصوره كأنه يضيف دفئا إليه فيصبح ألجوء القارص البرود دافئ وجميل
صار الصديق يمنحنها دفئ والسعادة وثق بها ووثق به كل يوم يزداد تتعلق به ويتعلق بها أصبحت تحبه أكثر من نفسي وتحميه وتغذيه من أجود أنواع الحبوب والثمار وتسقيه أعذب وانقي المياه
هو يستمع إليها يعزف لها أجمل موسيقى وأعذب الألحان ويقفز من رأسها تارة إلى كتفها تار أخري ضحكاتها وبسماتها تعكس صداه في أغصان شجره المورنجا بفرحها تفرح الأشجار وترقص الأغصان
كانت سعادة وفرح ليس بعدها فرح منح كل منا الأخر ثقة وثق بلا حدود وأضاف كل منهما إلى حياة الأخر فرح وسعادة وكأنهما كل منا وجدت ضالته في الأخر لا يعلم ما تخفيه الأيام
وكالعادة كانت تنتظر طلوع الفجر لزيارة شجرة المورنجا للقاء الصديق الحميم ولكنه في ذلك اليوم جافي النوم عيونها وأقلقها الأرق أردت زيارة الشجرة ولكنه وقت السحر نام الجميع وعم السكون ذهبت وجلست تحت الشجرة وهي تسال حالها بصوت مسموع يا تري أين صديقي وهل يا تري هو غارق في النوم والأحلام ولكنه فجاءه قاطعها صوت مريب
تسلل الخوف إليها ولكن كان لها فضول ما عسي ان يكون ذلك
كان عقاب كبير ويبدو مخيف وصوت مرعب جدا أرد أن يقف على كتفها ويخبرها بأنه ذلك العصفور الصغير والصديق الحميم ولكنها خافت وصرخت لا لست أنت عصفوري بل أنت وحش كاسر قضيت عليه تساقطت الدموع على خدها وركضت نحوي مخدعها والخوف يملا قلبها
طار إليها ليخبرها الحقيقة ولكنها رفضتها وأخبرته لا يمكن أن تقبل عقاب هرما صديقا لها
صدم العقاب من كلامها وشعر بتمزيق فؤاده كيف ذلك وهي صديقة التي تملاه حياة سعادة وهنا أين تلك البسمة والفرحة التي تكون في عيناها والبسمة التي تكون على شفتاها حينما كانت تلاعب وترقص لسماع ألحانه بكي العقاب بحرق قلبه
صديقة الوحيدة رفضت حقيقته ومن يكون غادر العقاب والدموع تملاه عيناه والحزن يسكن فؤاده الكسير طار بلا رجعه إلى شجرة المورنجا ولكنه ترك رسالته فهي من حفظت سره اخبرها ان تخبر صديقته بأنه لن يعود أبدا ذلك العصفور الوديع هي حكمت عليه من ظاهره ورفضته حقيقته وسيبقي عقاب هرم إلى الأبد ولن يعود لرؤيتها مرة ثانية وانه اخفي حقيقته من اجلها خوفا من أن تتركه
في الفجر استلمت الرسالة وبكل البرود يملاه وكان كل الساعات الجميلة التي قضها معه تبخرت ولم تبقي الا تلك اللحظة التى كشفت فيها حقيقته فقط وهتف بصوت بارد كالثلج فلتذهب صداقة العقاب الهرم