كيف تدرّبين طفلكِ على الصبر؟
لا يطيق الأطفال الانتظار، ويلحّون بشدّة عندما تكون لديهم رغبة في أمر معيّن، ما يسبّب توتراً كبيراً للأم خصوصاً إذا كانت منشغلة في أعمالها اليومية. هل يمكن للأم أن تنمّي لدى طفلها فن الانتظار؟ سؤال حملته «سيدتي» إلى الاختصاصية في علم النفس والإرشاد التربوي نوال عبد الوكيل:
تشكّل فترة الانتظار للصغير ضرباً من ضروب المعاناة والعذاب، فيلجأ إلى الإلحاح والبكاء والصراخ للتخلّص من هذا الوضع المحبط، بهدف الوصول إلى إشباع رغباته. وبالطبع، يضاعف عدم امتلاك الطفل لوسائل نفسيّة تعينه في مواجهة الانتظار من معاناته التي تعيش الأم مترتّباتها، خصوصاً إذا اتّسمت معاملته في فترة طفولته الأولى بالدلال وسرعة الاستجابة. ولذا، يجدر تدريبه منذ نعومة أظفاره على أنّ رغبته في أمر ما
لا تعني الاستجابة الفورية له، وأنه عندما يرغب في أمر معيّن فإنّ عليه المطالبة أولاً، ثم الانتظار حتى يستجاب طلبه.
برنامج تدريبي:
يستحيل تحدّي الأم لغريزتها الفطرية وإيداع رضيعها يبكي بدون أن تسارع في تلبية رغباته، إلا أنه يمكن رسم حدود بصورة مبكرة تهدف إلى تعليم الطفل الصبر. فخلال الأشهر الثلاثة الأولى من عمره، يطالب بصورة ملحّة عن طريق البكاء، فإذا استجبت لبكائه بسرعة أي خلال دقيقة واحدة فسيتعلّم أنه يمتلك القوة التي يؤثّر بها على الآخرين.
ومن الشهر الرابع وحتى الثامن، تتعدّد أسباب بكائه، فلا تقتصر على المطالب بل تشمل الضيق والملل والخوف من الفراق. فإذا بكى طفلك ليحوز على انتباهك، انتظري قليلاً حتى تسرعي إليه، ودعيه يبكي لدقيقتين ليفهم أنه يمكن أن يتحمّل قدراً من الإحباط أو الملل. ويسهم إيداعه مع ألعابه لدقائق معدودة في ترجمة بكائه بصورة صحيحة، ليتعلّم أنه عندما يكون وحيداً يلجأ إلى هذه الأخيرة ليهدّئ من روعه.
أمّا في الشهر الثامن وحتى عامه الأوّل فيكتسب قدرات حركية جديدة، وتمتدّ يده للعبث في كل شيء من حوله، ويحاول في كل مرّة الإتيان بأمر ممنوع. لذا، يجدر بالأمّ أن تكون حازمة، مع الحذر من الإفراط في إطلاق عبارات المنع والتحذير على كل صغيرة وكبيرة يأتي بها الطفل، لأن تكرار الرفض يجعله يستخفّ به ويصبح أكثر عنداً.
وفي فترة لاحقة من عامه الأول، سيفهم ما تعنيه كلمة لا، وأنه يستطيع تسلية نفسه والانتظار قليلاً حتى يحصل على بعض الانتباه، وأنّ الصبر وليس الإلحاح والعناد هو ما يجلب له اهتمام الآخرين، وأنّه مهما تحدّى والديه لن يستجيبا لصرخاته الغاضبة. فإذا نجحت في تلقين طفلك هذه الدروس المبكرة في عامه الأول، فإنّك تكونين في طريقكِ لتعليمه فنون الصبر، وستجدينه أقل ميلاً للجوء إلى الإلحاح. وتبدأ الأمور في التحسّن ابتداءً من عمر 4 سنوات، وذلك عندما يصل إلى مرحلة يكون قادراً فيها على الحوار، ويشعر بالأمان والطمأنينة.
العناية بالنبات :
وتؤكّد دراسات، في هذا الإطار، أنّ الأطفال الذين تتاح لهم فرصة لإجراء تجارب زراعية يكونون أكثر هدوءاً وأقرب للوصول إلى أهدافهم في الحياة من سواهم، إذ تمنحهم هذه الأخيرة رقةً في التعامل مع الأشياء، وبعداً عن العنف والسلوك السيّئ، كما الترقّب وقوة الملاحظة التي يكون لها عظيم الأثر في دراستهم، وحياتهم ما بعد الدراسة. وتضيف أنّ هؤلاء الأطفال يتمتّعون دون سواهم بحس من الأناقة وتمييز الألوان، وكذلك التعبير المناسب. وتعتبر الزراعة نشاطاً مفيداً وممتعاً للصبيان والفتيات، فاحرصي على اقتناء طفلكِ لمستلزماتها من تراب وبذور وأصص. وإذا كان عمره لا يتجاوز 3 سنوات، يمكن استبدال التربة بالقطن وزراعة حبّات من الحلبة لأنها تنمو بسرعة فتناسب قدرته على الانتظار.
وشاركي طفلكِ مراقبة نموّ نباتاته يوماً بعد يوم، واطلبي منه تدوين تاريخ الزراعة وملاحظاته عن نموّها ومواعيد ريّها. ويفضّل أن توكلي إليه مهمّة العناية بها وتنظيف المكان حولها.
خطوات مفيدة :
- لا تهرعي إلى تلبية طلب صغيرك من النداء الأول، وذلك حتى يتعلّم كيفيّة التحكّم في الوقت ومعنى الانتظار.
- ساعدي طفلكِ على التمييز بين الحاجة الضرورية والرغبة، فقولي له: «سنبدأ بتناول الطعام لأنك تحتاجه، وبعدها نلعب معاً أو نخرج للتنزّه».
- كوني قدوة لطفلكِ لأنّ الصبر سلوك ينتقل من إنسان إلى آخر، فابعدي عن العجلة أثناء الاستعداد لموعد حضانته أو مدرسته كلّ صباح، من خلال الاستيقاظ قبل الموعد المحدّد بفترة كافية لإنجاز المهمّة المطلوبة.
- كوني محدّدة في وقت الانتظار الذي تطلبينه من طفلك، فلا تجعلي فترة انتظاره مفتوحة. على سبيل المثال، إذا وعدته بقطعة من الحلوى بعد تناول وجبته، لا تنتظري كثيراً حتى تمنحيها له.
- تجنّبي إثارة حماسة صغيرك لأمر معيّن قبل موعد تحقيقه بفترة طويلة.
- إذا انفجر طفلك باكياً وغاضباً في مواجهة كلمة «لا»، واصلي أعمالكِ حتى تنتهي نوبة غضبه ويهدأ.