السؤال:
ما حكم الشرع في الهجرة إلى البلدان الغربية مثل كندا واستراليا لمدة معينة لغرض العمل والكسب لأنه كما تعلمون فرص العمل في الكثير من البلدان العربية ضئيلة جدًا وأن وجدت فالأجر لا يغطي حاجيات الفرد فما بال الأسرة ؟ مع العلم أنني أنوي الذهاب لسنوات فقط كي أجمع مبلغًا من المال ثم أعود أي أنني لا أنوي الاسقرار هناك وأحيطكم علما أنني أعزب؟
الإجابة:
يقول فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن الهجرة أحياناً تكون مباحة وأحياناً تكون فريضة إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه في بلده فهنا جاءت الآية الكريمة "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا.." (النساء:97) فهذه الهجرة ليست مجرد مباح بل هي أمر واجب على المسلم إذا وجد أرضاً تسعه وتسع دينه ويستطيع أن يحتفظ فيها بدينه على الأقل في الشعائر والأشياء الأساسية يجب عليه أن يهاجر، ولكن على المسلمين الذين يهاجرون في هذه البلاد عدة واجبات، ليست مجرد أنني أهاجر وانتهى الأمر، هناك للأسف مسلمون هاجروا إلى استراليا وهاجروا إلى الأرجنتين، وهاجروا إلى أمريكا الشمالية والجيل الأول ذهب تماماً، ذاب في المجتمع، ومُحِيت هويته؛ لأنه لم يكن عنده معرفة بالإسلام ولا التزام جيد بالإسلام، وقد ذهب للرزق وللعيش فقط، وبعضهم تزوج من المجتمع وعاش وانتهى تماماً، هذا لا يجوز.
ولذلك نحن نقول من يذهب إلى هذه البلاد عليه واجبات خمس :
واجب نحو نفسه .
واجب نحو أسرته وأولاده.
واجب نحو إخوانه المسلمين .
واجب نحو المجتمع الذي يعيش فيه من غير المسلمين.
واجب نحو قضايا أمته الكبرى.:
وأهم هذه الواجبات هو الواجب الأول أن يحافظ على شخصيته الإسلامية أن تذوب في هذا المجتمع وليس معنى هذا أن ينغلق عن المجتمع وينعزل عنه فهذه آفة أخرى لا نريد للمسلم أن ينعزل وينغلق وينكفئ على ذاته ويترك المجتمع ولا نريد منه أيضاً أن ينفتح انفتاحاً يذيب شخصيته ويزيل الحواجز تماماً .. لا، نحن نريد كما قلت في بعض المحاضرات نريد تماسكاً دون انغلاق وانفتاحاً دون ذوبان، هذه هي الوسطية التي نريدها لمن يعيش هناك.
والخلاصة أن العبرة في السفر إلى بلاد الغرب هو الأمن والطمأنينة على الدين.
والله أعلم