فتاة روسية في مقتبل العمر، جميلة، تقف في السوق تتلفت كأنها تبحث عن شيء ما، حتى وقعت عيناها على شاب عربي جاء إلى بلادها يطلب العلم، ابتسمت ابتسامة من يعثر على ضالته، أما هو فقد وقعت نظرتها إليه وقع سهم كاد أن يصيبه في مقتل، فأخذ يتبعها بنظراته، اطمأنت الفتاة إلى أنها نجحت في مهمتها، ومشت في طريقها، فقام يمشي في إثرها لا يلوي على شيء، وكانت بين الفينة والفينة تلتفت إليه كأنما تتأكد إلى أنه لا يزال خلفها، ثم تبتسم مطمئنة، أثار تصرفها استغرابه الشديد، فالفتاة تنظر إليه وعيناها تقطران براءة، لا، لا يمكن أن تكون من فتيات الهوى اللاتي يسمع عنهن من بعض قرناء السوء، لكنها تبتسم في وجهه!! قرر أن يتبعها وليكن ما يكون، حتى وصلت إلى منزلها، ودخلت، فما كان منه إلا أن دخل المنزل وراءها، فإذا بامرأة كهلة تقف في طريقه، وتخاطبه بلسان عربي مبين قائلة: أهكذا يفعل أحفاد رسول الله ؟! يلاحقون بنات الناس إلى بيوتهن؟!
أسقط في يد الشاب؛ فهذه مفاجأة لم تخطر له ببال، توقع أي شيء لكنه لم يتوقعها، ولم يكن المسكين يدري أن ما خفي عليه كان أعظم مما بدا له، تلفت حائراً في أنحاء البيت، لم يجد الفتاة..تلعثم وهو يقول: لكنها..هي.. هي التي ابتسمت في وجهي.. هي.. كانت تدعوني، ثم قال مستدركاً خجلاً: أو ربما هكذا خيل إلي، أنا.. أنا آسف، سامحيني يا سيدتي، قالت المرأة: نعم، لقد كانت تدعوك فعلا، ازداد الشاب حيرة بينما تابعت المرأة تقول: أنا أمُّها وقد طلبت منها أن تستخدم كيد الأنثى في استدراج طالب عربي إلى منزلنا لنسأله هل معه نسخة من المصحف الشريف؟! جلس الشاب على الأريكة القريبة وهو يحاول إدراك ما تقوله هذه المرأة، استطردت تقول: ألا تعلمون في بلادكم أننا محرومون من المصاحف؛ فكل من يعثر معه على صفحة واحدة من المصحف يعدم دون محاكمة؟ أمّا أنتم فتعتبرون هنا سُيّاحاً ويحق لكم ما لا يحق لنا، ولم نكن نستطيع أن نطلب منك المصحف في غير منزلنا مخافة العيون حولنا والآذان، عاد الشاب يكرر اعتذاره ويعد صاحبة المنزل أن يأتيها بالمصحف الذي أهدته له والدته وهي تودعه قبيل سفره، كم شعر يومها بضآلته أمام هؤلاء العمالقة، وكم شعر بالخزي من نفسه، فهو حتى لم يفتح المصحف الذي أهدي إليه بل تركه مع سقط المتاع، بينما يتحرق هؤلاء الناس لرؤية هذا الكتاب العظيم فيبذلون الغالي النفيس في سبيل ذلك، إنه درس لا ينسى.
هذه قصة رواها الشاب العربي كما حدثت معه
منقووووووووووول