وقفة على طريق العشق-محمود عربو
من أول الطريق لآخر الطريق
وليلنا طويل وحزننا عميق
فقولى يا سماء
إلى متى العناء
والموت والبكاء
والعشق والنساء لدربنا محيط
واسطر برسائلى تعانق الزهور
والموت كالحياة بكأسه يدور
يا ليتها أناملى من رعشة تفيق
فقد سكر من دونى الطريق
وعانق الحريق
الموت فى روضى يسير
والريح تعبث بالهجير
ولئن نجوت من الردى
فلقد تعبت من المسير
ولقد رسوت بألف قرن
والنفس تجهل ما القرار
غير أن العشق يبقى
وأعمار العاشقين قصار
هى الأمواج تحملنا برفق
ثم يتبعها الدوار
حتى إذا ما ثرنا وثارت
تحوينا رمادا هذى البحار
أنا من قوم يرون الحب عيبا
وينسون أن البغض عار
يئست من صمم أناشد
وأعلم أن فى يأسى انتحار
ولست أدرى من أحدث
أذاك حشر أم خيالى
وقد ذهب لونى وفعلى
بعد أن شحب ابتهالى
يقولون ما لروحك سكنت إلى الخيال
وليس لوقعهم شىء من الجمال
فعجب لعجبهم يسير إلى ضلال
لهم عزم النساء
وأسماء الرجال
ولست من يهوى على صخر المحال
أعود لعالمى
لو كان قدرى نقل الجبال
وكذا بستان كلماتي وارف الظلال
وعينى تطل ولاتطل....
على شمس الزوال
وأنا الفعل ورد الفعل
ولست شيئا من هذي الأفعال
فلا تعجب إن كان القبح بعض الجمال
أو كان النقص بعض الكمال
قد ينجو من سكن السفح
ويسقط من علا فوق الجبال
وقد يجدى حسن الكلام
وقد لايجدى إلا ضرب النعال
لكل موضع..
ضع القبيح فى موضعه ولا تبالى
لا تقل للآمال أمال
إلا ما زرعت فى ارض المحال
يعلم الجاهلون..
أن الفهم قدح من زعاف السم
فكيف تحدث أو تنصت لحديث تمثال
وتراهم ساهدين وسائرين
لكن عقولهم تغفو تحت الرغام
فلا عيون ناظرة ولا خطاهم سائرة
فقد أقاموا فى القبور على الدوام
واحذر سهام العشق
فكم من فارس يقتله سهم
وقد نجا قبل من مطر السهام
واحذر فواتك فتنة
يخفقن كالنسيم ويمشين بلا عظام
تلك التى سفكت دمى عيناها
وأسكنتنى سجن الهيام
أنا إن أتيت أو نأيت
فما سلمت من العتاب أو الملام
يا ألسن الوالغين فى دمائى
وعيون قد تقول بلا كلام
ستعود يوما للحياة أشلائى
ويموت الراقصون على حطامى
أيتها الشمس أنا مثلك بلا لثام
فقبّلى دمع عينى ونامى
وعند الصباح أعلمى القوم
أنا قد نجونا من الظلام
لو تجلس الوردة فى سرير الحب
فها أنت واقفة أمامى
ولتعلم كل فتاة قبلتها أن ستموت
وتعيش القبلة ألف عام
وأنى العشيق وأنى الغريق
لكن طفوت على بحر الأنام
قديس الحب والقلب عنوانى
أزرع الورد بقلوب اللئام
لا الشوك يجرحنى فينأينى
حتى أحوله حقول ياسمين
كان الليل بحرى ومرساتى
مهما نأيت ذاك البدر يدنينى
مهما وشت تلك النجيمات
لا كثرة الهمسات
ولا برق خلف الغمامات يعنينى
وقد أنشأ الكذبات
حتى أرى ماءا فى عينيك يروينى
وتلعثم الشفتين
وحيرة المشتاق عند الرحيل منك ترجونى
يا قمرا يزرع فى مسائى الكلمات
فتطرح ألف قنديل
ويداعب الأطياف
كالأحلام تنزع عنا ثوب المستحيل
أحبك أقولها
لكنها لا تقول عن حبك بعض القليل
وأقولها
حتى ترى على دقات قلبى المشتاق
رقص الخيول
وأعيدها
لو أنها تشعل النار فى ردائى
وهل غيرها شىء يبدد وحشة المساء
أنا الغارق فى بحرك
كيف تغوصين فى دمائى
وأنا المحلق فى سمائك
كى تنيرى فى سمائى
فالليل والوسائد
وحفيف الأشجار
وخرير الأنهار
وغناء الأطيار بعض من غنائى
تعاتبنى اليوم عيناك
وكان عهد ألا يكون عتاب
وتجرحنى سهام ونظرات
جراحات ما لهن ذهاب
تحدثنى عن الماضى وسيرته
كأنا ما عدنا لليوم أحباب
وتضحك ساعة وتئن ساعة
وتمطرنى بدمعات ما لهن سحاب
وتهرب من عينى إلى صدرى
لتشتت من أفكارى أحزاب
عذابا تصظنعين يا عمرى
ما كفاك أنك أنت العذاب
تغاضبين الدمع بالبسمات
فكيف صارت للبسمات أنياب
أنا أهواك لحنا وعودا
ضائعا بصحراء عشقك مفقودا
ما زالت لى عيناك أملا منشودا
ألاحقها تلاحقنى ونلتقى
فأخرج من مدن أحلامى مطرودا
كأن الحياة حلم دائم
كأنى أروم طيرا لن يعود
أفسدت الظنون ما بيننا
وصارت عيناك بابا موصودا
يا لعينيها تجود بالدموع
فأطفأت لهبا قد صبغ الخدود
كأن عينيها وعينى إذا التقيا تحت مزن
تمنى أن يجود
لكنها الدموع فى الكون قد جفت
فتمطرنا...
أنجما...
وورودا.