الحدود الشرعية
الحد في اللغة: المنع
والحد هو العقوبة المقدرة شرعًا، سواء أكانت حقَّا لله أم للعبد
وتسمى حدود لأنها أحكام الله التي وضعها وحدها وقدرها
وسميت العقوبات حدودًا لأنها تمنع من ارتكاب أسبابها كالزنى والسكر والقتل والسرقة وغير ذلك من الاعتداء على حقوق الغير
فقال تعالى: (وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) [الطلاق:1].
وقال أيضًا: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها)[النساء: 14].
وقال -جل شأنه-: (تلك حدود الله فلا تقربوها) [البقرة
ويحاول البعض من أعداء الإسلام أن يصوروا تطبيق الحدود على أنه تعذيب وقسوة وتنكيل
انهم يفكرون في منظر تقطيع اليد، أو الجلد أو الرجم لمن أتى حدًا من حدود الله
ويتناسون تماما ماينتج عن فعل هذه الجرائم من نهب للاموال بغير حق وقد تكون تسببت فى فقر اصحابها وقد يقول بعضهم هل من سرق جنيها كمن سرق بنك؟
نعم
قد يسرق لص جنيه من رجل فقير يحتاجه لشراء طعام ابنائه او شراء علاج وهذا من كده وتعبه وجهده فقد يكون عنده يساوى كثيرا اكثر من الف جنيه عند شخص آخر غنى لايحتاج
ومن سرق بنك سرق مال عام ملك للجميع ويستحق ان يقام عليه حدود الله
اما من سرق فى حالة المجاعة مثلا ليأكل فلا تقام عليه الحدود لانه هنا يحافظ على بقائه ويسد جوعه
اما غير ذلك فهو اعتداء على حقوق الغير
ومن قتل نفس بغير حق اليس من العدالة ان يعاقب القاتل من جزاء عمله؟
والقتل هنا هو ماكان عمدا مع التخطيط للقتل
وعلى الرغم من ذلك اباح الله لاهل المقتول الدية واذا
قبلوها فلم يكن لهم حق قتل القاتل بعد ذلك
ومن زنى اليس هذا اعتداء على المجتمع بالكامل
نعم
اعتداء يستحق الرجم
فماذنب الطفل الذى يأتى من علاقة حرام لانعرف له نسبا
ويواجه المجتمع بانه لقيط
ماذنب امرأة يعتدى عليها رجل بلا حق
ماذنب رجل اعتدى آخر على زوجته او اخته او امه
ايرضى اى انسان بذلك ؟
انهم يريدون ان تصبح الدنيا غابة ليس لها رادع كأن الدنيا خلقت عبثا
فلولا حدود الله لم نعبش فى آمان
والإسلام حين وضع الحدود لم يكن يهدف من ورائها إشباع شهوة تعذيب الناس، بل يطبق الحدود في حدود ضيقة، فيدرأ الحد بأدنى شبهة، ولا يقام إلا إذا وصل إلى الحاكم المسلم، فإن لم يصل،فللذى ارتكب الحد أن يتوب إلى الله تعالى
لأن الحدود فقط لتهذيب المجتمع حتى يفكر الجانى فيما
يفعل قبل فعله ويعرف أن له عقاب صارم
إقامة الحدود الشرعية فيه شفاء لما في الصدور من غل وحقد تجاه الجاني
. ويظهر هذا واضحاً في جرائم القتل والسرقة والقذف والزنا، فبالقصاص من القاتل تشفى صدور الورثة من الغل والحقد اللذين لحقا بهم من جراء قتل ابنهم عمداً.
وبإقامة حد السرقة يشفى صدور من سرق ماله من الغل والحقد تجاه السارق
. وبإقامة حد الزنا يشفى صدر الزانية إذا غصبت، وإن لم يشف صدرها فيشفى صدر أقاربها،
وبتطبيق الحدود يشفى المجتمع الإسلامي من الحقد والغل اللذين لحقا بهم من جراء الجرائم التي وقعت على أفراده
والحدود فيها مساواة بين افراد المجتمع بلا وسطة ولا رشاوى
. لقوله صلى الله عليه وسلم (والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها
فاذا افلت المجرم من عقاب الدنيا بالرشوة والمحسوبية فلم يفلت من عقاب الله
ومن رحمة الاسلام
شدد في الاحتياط عند إقامة الحدود فجعلها تسقط بالشبهة المعتبرة كقوله صلى الله عليه وسلم (أدرأوا الحدود بالشبهات)، والمراد بالشبهة المعتبرة ما يثبت صلاحيتها بقرينة ترجح أن للجاني عذراً في جنايته
واخيرا أحبتى فى الله
هل اذا ارتكب مسلم حد من حدود الله وستر الله عليه ايفضح نفسه حتى يقام عليه الحد ؟
لا
ان الله لايحب المجاهرين بالسوء
ولكن اذا سرقت فارجع الحق الى اصحابه وكما سرقت وهم لايعلمون فارجعه ايضا وهم لايعلمون
وتوب الى الله تعالى وارجع اليه واستر على نفسك كما سترك الله
اذا زنيت وسترك الله فلا تفضح امرك وتوب الى الله واستر على نفسك كما سترك الله
واعلموا جميعا ان من ستر مؤمنا ستره الله يوم القيامة فالحدود تقع اذا رفع الامر للحاكم او افتضح امر الانسان او اعترف على نفسه لذلك فلا تغفل ايها العاصى عن رحمة الله اذا كانت المعصية بينك وبين الله فقط
والله يبشرك
بقوله تعالى: ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) الآية 135 من سورة آل عمران؛