قصيدة : أغنية قديم
_ 1 _
في المقهى القديم المزدحم النائي ، في ذات مساء ،
و عيوني تنظر في تعب ،
في الأوجه ، و الأيدي ، و الأرجل ، و الخشب :
و الساعة تهزأ بالصخب .
و تدق _ سمعت ظلال غناء ..
أشباح غناء ..
تتنهد في الحاني ، و تدور كإعصار
بال مصدور ،
يتنفس في كهف هار
في الظلمة منذ عصور !
_ 2 _
أغنية حب .. أصداء
تنأى .. و تذوب .. و ترتجف
كشراع ناء يجلو صورته الماء
في نصف الليل .. لدى شاطئ إحدى الجزر ؛
و أنا أصغي .. و فؤادي يعصره الأسف :
لِمَ يسقط ظل يد القدر
بين القلبين ؟! لم أنتزع الزم القاسي
من بين يدي و أنفاسي ،
يمناك ؟! و كيف تركتك تبتعدين .. كما
تتلاشى الغنوة في سمعي .. نغما .. نغما ؟!
_ 3 _
آه ما أقدم هذا التسجيل الباكي
و الصوت القديم ؛
الصوت القديم
ما زال يولول في الحاكي .
الصوت هنا باق ؛ أما (( ذات )) الصوت .
القلب الذائب إنشاداً
و الوجه الساهم كالأحلام ، فقد عادا
شبحاً في مملكة الموت _
لا شيء _ هنالك في العدم .
و أنا أصغي .. و غداً سأنام عن النغم !
أصغيت .. فمثل إصغائي
لي وجه مغنية كالزهرة حسناء
يتماوج في نبرات الغنوة ، كاَلظل
في نهر تقلقلة الأنسام ؛
في آخر ساعات الليل ،
يصحو .. و ينام .
أثور ؟! أأصرخ بالأيام ! و هل يجدي ؟!
إنا سنموت
و سننسى ، في قاع اللحد ؟
حباً يحيا معنا .. و يموت !
_ 4 _
ذرات غبار
تهتز وترقص ، في سأم ،
في الجو الجائش بالنغم ،
ذرات غبار !
الحسناء المعشوقة مثل العشاق
ذرات غبار !
كم جاء على الموتى _ و الصوت هنا باق _
ليل .. نهار !!
هل ضلقت ، مثلي ، بالزمن
تقويماً حط على كفن ،
ذرات غبار ؟!؟