الأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي قال الشاعر الراحل نزار قباني مرة
عن رواية أحلام مستغانمي "ذاكرة الجسد" إنها "دوّختني. وأنا نادراً ما
أدوخ أمام رواية من الروايات ".
ألّفت الكاتبة الجزائرية على مدى
مسيرتها الأدبية التي دامت 25 عاما، روايات من أكثر الروايات مبيعا في
العالم العربي يذكر منها "ذاكرة الجسد" و "فوضى الحواس" و "عابر سرير". حيث
باتت أول امرأة جزائرية تؤلّف رواية باللغة العربية وأول أديبة عربية
معاصرة يُباع لها مئات الآلاف من النسخ من أعمالها وتكتسح بذلك قائمة الكتب
الأكثر رواجا في لبنان والأردن وسوريا والإمارات العربية المتحدة.
وفي
عام 1998، أحرزت مستغانمي جائزة نجيب محفوظ عن روايتها "ذاكرة الجسد" وهي
رواية عن مقاومة الجزائر للهيمنة الأجنبية والمشاكل التي عصفت بهذه الأمة
الناشئة عقب نيلها للاستقلال. ووصفت اللجنة التي منحتها الجائزة المؤلفة
بأنها "نور يلمع وسط هذا الظلام الكثيف، وهي كاتبة حطّمت المنفى اللغوي
الذي دفع إليه الإستعمار الفرنسي مثقفي الجزائر".
وكان والد مستغانمي،
وهو محمد الشريف من قسنطينة بالجزائر، من مقاومي الاحتلال الفرنسي، ففقد
إثنين من إخوته خلال مظاهرة مناهضة للفرنسيين في منتصف الأربعينات. ولكونه
مطلوبا لدى السلطات الفرنسية لمشاركته في أعمال المقاومة، فر مع أسرته إلى
تونس حيث عمل بها مدرسا للغة الفرنسية. وهكذا قدّر أن تولد ابنته الأولى
أحلام في بيئة مشحونة بالعمل السياسي، وذلك قبل اندلاع ثورة عام 1954
بسنوات قليلة. وكان بيت والدها في تونس شبه محطة للمقاومين الجزائريين.
وبعد
حصول البلاد على الاستقلال عام 1962، عادت أسرتها إلى الجزائر للاستقرار
في العاصمة. فأرسل الأب ابنته البكر إلى أول مدرسة معربة في الجزائر، وبذلك
تكون أحلام من أوائل الجزائريات اللواتي تلقين تعليما بلغتهن الأم.
وقبيل
الذكرى 18 لميلاد أحلام، تعرض أبوها الشريف لإنهيارعصبي أجبر الإبنة
الأولى على العمل في الإذاعة الوطنية لإعالة أسرتها. فكان برنامجها الليلي
"همسات" سببا في انطلاقة شهرتها كشاعرة واعدة. وهكذا عرف ديوانها الأول
"على مرفأ الأيام" طريقه إلى النشر عام 1973 في الجزائر. وأتبعته بديوان
آخر تحت عنوان "كتابة في لحظة عري" عام 1976.
غادرت مستغانمي الجزائر في
السبعينات متوجه إلى باريس حيث تزوجت صحفيا لبنانيا وأصبحت أما متفرغة
لرعاية اولادها. وبعد نيلها شهادة الدكتوراه من جامعة السربون في
الثمانينات، نشرت روايتها الأولى "ذاكرة الجسد" وذلك عام 1993. والرواية
اليوم في إصدارها 19 وبيع منها أكثر من 130.000 نسخة. وتواصل نجاح الكاتبة
بإصدار "فوضى الحواس" في بيروت عام 1997 و"عابر سرير" عام 2003 وكلاهما
تتمة لقصة بدأتها مستغانمي في رواية "ذاكرة الجسد".
"ذاكرة الجسد" هي
رواية استرسالية مهداة لوالد مستغانمي وإلى ذكرى الروائي الجزائري
الفرنكوفوني الراحل مالك حداد (1927-1978)، الذي قرر الامتناع عن الكتابة
بأي لغة أجنبية بعد نيل بلاده الاستقلال، فانتهى به الأمر بعدم الكتابة
إطلاقا. وكما ذكرت مستغانمي في إهدائها، فقد توفي حداد "شهيداً محباً للغة
العربية".
وتعبر كتابات مستغانمي التي جعلت من بيروت مسكنها الدائم عن
الحنين إلى وطن "يسكننا ولا نسكنه". ويظهر في أعمالها عشق لجزائر تفتقدها
وأسى لجيل أخفق في بناء أمة قوية بعد رزحه تحت نير الاستعمار 130 عاما.
وتتجاوز رواياتها الحدود المرسومة لتحكي قصة الأحلام المنكسرة والمآسي التي
تجزف بالإنسان، مما يجعل
حكاياتها ذات مغزى لقرائها عبر مختلف أرجاء
العالم العربي.