عثمان محمد نائب المديرة
تاريخ التسجيل : 22/12/2011 العمر : 42 البلد /المدينة : فلسطين
بطاقة الشخصية المجلة: 0
| | قصة , هي وأخرى | |
في تلك الليلة المليئة يغيوم ماطرة , بسحابات قريبة لامست سطح الأرض , بخيوط زرقاء إمتدت من أعالي السماء الى الأرض , إلتقت هي وأخرى , شيء ما كان يجمع بينهم , علاقة لم تقدر الخيوط الزرقاء على كسره , ولا ذلك الصوت الذي يأتي قبل نزولها , تلك اللحظة التي لم يستطع أن يجمعهما القدر إلا في تلك الليلة أثارت بكل واحدة حب البقاء , رغم ما يحيط بهما من أجواء ضبابية , قد تجعل من اللحظة كلمات مختفية , حواجز صنعت بفعل الطبيعة , شيء غريب أثار حوارهما كان علاقة مميزة وروابط روحية بلغت أعماق النفس , صداقة حاكتها الحياة بأروع الخيوط صداقة لم تكن كتلك التي تتفاوت قوتها مع الأيام , كانت ترى فيها نفسها , وروحها العذبة التي لاتمل , قلبهما المليء بالحب , ببساطة التعامل , بشاعريتهما وضعفهما أمام الألم والحياة . تبادلا الكلام كل شيء يخرج معه آهات الغياب , أفكار تخرج دون تردد , دون حواجز .
تحدثت الأخرى : - . في غربتي تضيق بي الأماكن , لا أقدر على إيجاد ذاتي في أي مكان أزوره , أو تطأ قدماي عليه , لم يكن لي في تلك المدينة مقدرة على إستنشاق الحياة , وعبير الورد كما هنا , هي لا تستطيع أن تستوعبني , لا تستطيع أن تحتويني من الصعب أن تملكني , فجسدي ملك لأخرى وقلبي يأسر ترابها الذي لطالما لعبت به ونمت عليه , وعالجت جروحي عندما أسقط .
هي : - ألم تتعبي من الترحال ؟ ألم تهلكي نفسك من السير في دورب بعيدة ؟ ألم تقسوا عليكي الغربة والوحدة ؟ ألم تثقلك الحقائب المسافرة المليئة والفارغة .؟
الأخرى :- غربتي هي مسكني , ماذا أنا فاعلة بالله عليكي أجيبيني ؟ أهناك حل لإنقسام جسدي , لكن غربتي أفضل من مقتلي , فيها لا ألتقي بأعماق ذاتي , , أن أعيش غريبة عنكي أفضل , وتلك الحقائب لا تثقل كاهلي , ولا ترهقني , لأنني أفرغها دائما ً , هي جاهزة لترحال دائم هي :- لا تؤلميني أكثر, غيابك عني شطر الروح لنصفين , روح تسكنك ورح تسكن هنا , أنشأي صداقة مع المكان الذي تسكنيه , مع كل غربة تزورينها , حتى تستطيعين العيش , فأنا أعيش على اللقاء , غيابك يعني مصرعي , مدي يداك بالوهم الى الحياة تخيلي السعادة , أبحثي في داخلك , توهمي العالم الخارجي كما تشائين , حتى يبقى ترابي ينبض بهمسك .
الأخرى :- هذا صعب , أنا إمرأة أهوى الواقع , لا أستطيع أن أتحايل على الزمان ولا حتى المكان , أكره أن أطارد السراب , حتى لا أظمأ من الشوق , ولا أضل طريقي في النهاية , سأضيع بين العوالم كلها , أبحث عن سكينة لروحي فلا أجد .
هي :- إن الوقت يمضي بسرعة , كم من الوقت تحتاجين الترحال ؟ أكتب علينا اللقاء لدقائق ؟ أتواصلين الرحيل الى عالم ليس بعالمك ؟ الأخرى :- ألازلتي ترددين هذا السؤال ؟ , سأبقى مسافرة , لكنني أخاف أن أكتشف غبائي , وأصطدم بواقعي المرير . هي :- إذا كوني لنفسك حلما ً ورديا ً , تخيلي الحقيقة , أكذبي على نفسك , حاولي أن تحبي المكان , أبحثي في أرضه عن بحر أو نهر , أو حتى قطعة أرض تمارسين فيها طقوسك , تكلمي مع الامواج , أبني قصورا ً من رمال شطأنه , ألعبي مع الزهور أركبي غيومه الماطرة , أذهبي بنظرك نحو الأفق البعيد , عددي نجومه , أكتبي على وجهك حكايات الماضي , وقصائد المستقبل , أغزلي من جدائل شمسة قلائد من نور . الأخرى :- سأكتشف زيفي , سأكره نفسي أكثر , سأكره الحياة , ستعريني مرآتي إذا نظرت الى وجهي , سأرى وجها ً مزيف لإمرآة مزيفة , لا أعرفها , سأكره زيفي , لا يمكنني العيش بمكان لا أشعر بروحي تنتمي له .
هي :- لماذا تتهربين ؟ لماذا تذهبين بوجهك الى البعيد ألا يكفي أن هناك من أخفاه ؟ إلا زلتي تكابرين ؟ ألم تملي السفر بعد ؟ ألم ترسوا سفينتك على أي شاطئ ؟ كم نشتاق لكي ؟
الأخرى :- أجل , لقد مللت السفر , أرهقني البحث بإستمرار , لكن عشقت الغربة , وحين أمل المكان وأغادره , أعود لأحبه في غيابه وبعد رحلي عنه , وإذا عدت أليه في أحد الأيام تعود نفس العداوة التي بين وبينه من جديد
هي :- ( بصوت خافت ) , أهكذا تعامليني أيضا ً ؟
الأخرى :- تختلفين أنتي , تركت هنا أجمل الذكريات , سافرت ونزفت أروع اللحظات رغم رحيلي , أشعل فتيل الذكريات , لكي أنير طلمة الوحدة , لأستحضر نورك , لأقرأ حكاياتنا سطور ً خلف سطور , فلكل مكان ذاكرة , أتذكر كل مدنك التي مررت بها , هي في ذاكرتي الى الأبد , ستبقى بصماتك على كل شيء , على رمال شواطئك , على ذرات ترابك , سأستمتع بألحان النسمات على أوتار ألحانك , سأراك كملاك على وجوه أطفال الغربة التي تشبهك , وفي كل صباح مشرق سأتذكر خيوط شمسك الدافئة , وسأبقى أتحمل رحيلي عنك , وأن أتعايش مع قدري وقهري وحزني ودموعي لفراقك وإختناق روحي بذكرياتك .
هي : - أتودعيني الأن بكلامك ؟ هل مملتي ؟
الأخرى :- أعذريني , لقد أفرغت حقيبتي , سأسافر أجمع حقيبة أخرى , ليأتي يوم كهذا أفرغها أمامك , سأبتعد قبل أن تتجلى الغيوم , ويكشف ستري الليل , حتى لا أرى ترابك أشجارك , زهورك , وأناسك , كي لا أموت من البكاء , على ذكريات قد مضت . | |
|
1/28/2012, 21:58 من طرف دكتورة.م انوار صفار