عثمان محمد نائب المديرة
تاريخ التسجيل : 22/12/2011 العمر : 42 البلد /المدينة : فلسطين
بطاقة الشخصية المجلة: 0
| | لروح شهيد | |
تدخل الى مدينة الأموات , تزور سريره الأبدي كل يوم , تمطر على سريره قطرات من دموع , لتروي زهرات زرعتها هناك , وشجرة زيتون , تقرأ عليه كلمات تطمئن روحه , وتسقي روحها سكينة ولو للحظات , ما أن تنتهي حتى تبدأ تغني له أغنية أحبها , كان حين يسمعها يغلبه النعاس , ينام بثقل رأسه على صدرها , واليوم يثقلها غيابه , قلبها يؤلمها لكثرة إشتياقها له , لكثرة أحزانها به , ما أثقل حزنها , وما أكبر فراغ الروح , حمله الموت وسافر به غطاه التراب , زرعت على قبره أزهار من كل الأنواع , أخضر العشب على جفون عينيه , وهناك نمت كل الأزهار , لتقطف كل يوم ٍ زهرة وتعود بها الى البيت , هي زهرة الذكرى التي تغني لها ذكراه . هو يسكن هنا , يسكن في كل أركان البيت , روحه هائمة هنا , ذكراه في كل ركن , طائر الذكريات لا يهدأ أبداً , كطيف يتجول هنا , تتخيله جالسا ً يتلو كتاب الله , كملاك يضمه بشوق بين يديه , تذكره وهو جالس على شرفة البيت , عيناه تنظران الى السماء , تراقبان العصافير , دفاتره وألوانه على طاولة تسكن زاوية غرفته , يداه تلعبان بالأشياء , تحاولان تلمس الحياة , شفتاه تمزقان الصمت تضحكان , ما أجمل ضحكته البريئة , وكأنه هنا , تلك السلة من غصون الأشجار , كان يجمع بهما حبات التين وعناقيد العنب , تراها اليوم فارغة بلا تين ولا عنب , تحترق السلة رويدا رويدا ً على ذكراه , قد إشتاقت للمسة يديه وهو يحملها سائرا ً بين الحقول .
لازالت تخونها كلماتها ودموعها وكل الحياة , تلك الخيانة بدأت حين أتى محمولا ً على أكتاف من ورود , هي كانت تؤلف له أشعار تغنت بها أشجار اللوز والزيتون , حفظتها عاصفير الأرض , لتغرد بها كل صباح , حفظتها كل أم على هذه الأرض , فتلك اللحظة من الحياة تمر دائما ً تذكره بوجه منير , تذكر نبأ إستشهاده , كانت تنظر أليه بعيونها لتحفظ صورته , هي تدرك أنها لن تراه مجددا ً , تسلل الموت الى شفتاه سيكون أخر ما تراه , سرق منها صوته الجميل , تسرب خفية الى صدره أفرغ منه الهواء , تسرب الى قلبه إختبئ بين قطرات دمه ليوقف نبضه , جال أمام وجه , ينتظر تلك اللحظة التي أغلقها فيها للمرة الأخيرة , أخذ منها بريقها , وكسر كل مرايا الحياة داخلها , هي تعلم في مكنون داخلها إنه شهيد , فهذا عزاؤها , فالوطن أغلى من الحياة , فحب الموت هنا عشق جنوني , هو يعود بنا الى الأرض لتبدأ رحلة الحياة الأخرى , حياة نصبح بها تراب ً , يبتلعنا جوف الأرض , فالماء تبخره الشمس , تحمله الغيوم , ثم تعود تبكيه لتمتصه الأرض هي علاقة أبدية بين الموت والحياة .يا أمي , يا أم الشهيد , ساعديني على إنهاء كلامي , عانقيني كما عانقته يوما ً , إركبي أحزان الفجر , جدفي في بحر الذكريات , ثم أهربي بعد الآذان , أهربي الى الصلاة والدعاء , إقرأي كلام الله لتهدء الروح , إن قرآن الفجر كان مشهود .
كل ذكرى وانت بخير يا صديقي | |
|
1/31/2012, 23:08 من طرف دكتورة.م انوار صفار