تتمادى المناهج التعليمية الإسرائيلية في اعتداءاتها على الدين الإسلامي وأركانه، فوضعت مسميات عبرية لمصطلحات ومفاهيم إسلامية، فالقرآن الكريم يطلق عليه ما يطلق على العهد القديم "التوراة المكتوبة"، ويطلق على السنة النبوية الشريفة "التوراة الشفهية"، وهي التسمية ذاتها التي تطلق في العبرية على تفاسير رجال الدين اليهودي للعهد القديم. كما تقدم العرب على أنهم "عدوانيون"، تحركهم "غرائز العنف".
وتستطرد هذه الكتب في تأكيد أن اليهود يُواجَهون بالعداء والكراهية على الرغم من ميلهم للسلام، وأنهم لم يستطيعوا مواجهة مضطهديهم من اليونان لأنهم غير مدربين على الحرب من ناحية وأنهم ـ منذ الزمن القديم ـ تعرضوا إلى ما يعدّه اليهود عداءً وكراهية من قبل الأغيار.
وتحاول هذه الكتب أن تصور اليهود على أنهم دائماً كانوا الضحية، وأنه قد تم طردهم من بلد إلى آخر واضطهادهم دون سبب واضح ودون رحمة أو شفقة. وفي هذا السياق تحاول هذه الكتب إضفاء الشرعية التاريخية والدينية على احتلالهم مدينة القدس فيطلبون من التلاميذ عقد مقارنة بين قدسيتها في الإسلام وفي اليهودية والنصرانية، كما تُجمع مناهجهم على تسمية المسجد الأقصى بـ"الهيكل" وحائط البراق بـ"الحائط الغربي" أو "حائط المبكى" لنفي أية علاقة للمسلمين بالمسجد الأقصى. كما تغرس هذه الكتب في وجدان الطلاب مجموعة من الادعاءات والأكاذيب، من قبيل أن الفلسطينيين هم الذين احتلوا أرض أجدادهم، وأنهم أشرار متعطشون للدماء ويفضلون أن يموت أطفال اليهود بالإيدز، وأن الشيخ عز الدين القسام هو "زعيم العصابات العربية" الذي قتله البريطانيون وحولته حماس إلى بطل، في إشارة إلى عدم شرعية المقاومة الفلسطينية، وليس ذلك فحسب، بل إن هذه الكتب تصف كل من يقاوم الصهيونية من العرب المسلمين بأنه إرهابي، بينما تصف من يعاديها من الغربيين بأنه معادٍ للسامية. كما تدعي الكتب الإسرائيلية تميز اليهود عن غيرهم من البشر، وأن قدرتهم العسكرية العالية جعلتهم يتولون قيادة بعض الجيوش الإسلامية.
وعلى الرغم من أن الكتب الدراسية ذكرت بعض المآثر والإيجابيات عن معاملة الخلفاء المسلمين لليهود وأنهم أهل ذمة، فإن إحساسهم الدائم بالاضطهاد جعلهم يقفون على أحداث بعينها والتعامل معها على أنها اضطهاد عربي إسلامي لليهود؛ فعلى سبيل المثال ذكرت بعض الكتب أن الخلفاء منحوا اليهود والنصارى مكانة الرعايا، وهذا جانب إيجابي، لكنها مضت لتقول إن الخلفاء قد فرضوا على اليهود قيوداً مهينة. وتنسب هذه القيود تحديداً إلى الخليفة عمر الثاني(عمر بن عبدالعزيز) (717-720م) وتطلق عليها قوانين عمر. وقد وضعت في هذه القوانين محظورات مختلفة: يحظر بناء المعابد أو الكنائس الجديدة، ويحظر أيضاً ترميم ما تضعضع أو تهدم منها إلاّ بإذن خاص، ولا يسمح بإقامة مسيرات دينية في الشوارع، ويحظر تعلم القرآن، وكذلك لا يسمح بالإدلاء بشهادة ضد مسلم في المحكمة، ولا يسمح بركوب الخيل. وقد جاء أيضاً في "قوانين عمر" أن اليهود والنصارى سيضعون على ملابسهم شارات خارجية (شارة صفراء لليهود، وشارة زرقاء للنصارى).
ويلاحظ أن الكتب الدراسية تقدم نماذج لمعاملة الأغيار كأفراد لليهود، ثم تنتقل للحديث عن المعاملة الجماعية لليهود من خلال تخصيص فصولٍ كاملة عن معاداة الأغيار لليهود. فعند الحديث عن أحوال اليهود في روسيا يشار إلى أن السلطات الروسية حددت أماكن بعينها يقيم فيها اليهود ولا يخرجون منها. كما تم طردهم من القرى وفرض عليهم التجنيد الإجباري الذي يستمر العمر كله، كما أن المجندين يتعرضون لمحاولات الفتنة في دينهم وإبعادهم عن يهوديتهم. ووردت في الكتب نماذج أخرى لأفراد تعرضوا للاضطهاد، مثل: شخصية تيودور هرتزل الزعيم الصهيوني الذي عانى من الاضطهاد والعداء من جانب النصارى في الغرب، وهو الأمر الذي جعله يتجه بفكره إلى "الصهيونية" ويتزعمها ويصبح أبرز قادتها.
خطر إبادة اليهود
من تحليل الكتب الدراسية في التعليم الإسرائيلي تبين أنه على الرغم من أن مفهوم "الإبادة الجماعية" حديث فقد بدأ ظهوره في عام 1946م، حينما أعلنت الأمم المتحدة أن الإبادة الجماعية جريمة يدينها العالم، وعلى الرغم من أن الجمعية العامة أقرت عام 1948م ميثاقاً يقضي بتحريم هذه الإبادة وإنزال أقصى العقوبة على من يرتكبها، ومع أن هذا الميثاق أصبح نافذ المفعول عام 1951م، فإن الكتب المدرسية الإسرائيلية تردده عند الحديث عن أحداث تاريخية موغلة في القدم. فالكتب تشير إلى أنه أثناء وجود اليهود في بابل إبان الحكم الفارسي كان خطر الإبادة يحدق حينئذ بكل اليهود الذين يقيمون في دولة فارس. ويموت هامان الشرير الذي فكر في إبادتهم وينقذ اليهود بمعجزة. ويتم الحديث في موضع آخر عن إبادة حقيقية "حدثت في جزيرة قبرص لليهود ولم يبق منهم شخص واحد".
9- أسماء عبرانية للبلدان العربية:
لوحظ في الكتب التي تم تحليلها عملية (عبرنة) واضحة لأسماء البلدان العربية في فلسطين، وذلك حتى يتعرف عليها الطالب على أنها عبرية في الأصل وليس لها تسمية أخرى. ولكي تدعم الكتب الدراسية في إسرائيل هذا التوجه نجدها تورد خرائط عليها مدن وقرى وأماكن عربية بأسماء عبرية.
فعلى سبيل المثال تخلو اللغة العبرية الحديثة من كلمة "فلسطين" إلا بالشكل الذي يتفق مع التصور اليهودي الصهيوني، وبذا يتم الربط بين الأرض واليهود والتاريخ اليهودي. ولهذا فكلما أشار يهودي إلى فلسطين، فإنه إنما يشير إلى "إرتس يسرائيل".
وحتى لا يُحدث اسم فلسطين الذي يتردد الآن لبساً في ذهن التلميذ الذي يعرفها بأنها أرض إسرائيل، تشير نصوص الكتب إلى أن اسم فلسطين اسم أطلقه الرومان على أرض إسرائيل لمحو اسم أرض إسرائيل؛ نكايةً في اليهود وانتقاماً منهم: "أراد الرومان محو اسم اليهود من بلادهم، لذا أطلقوا اسم فلسطين على أرضنا نسبة إلى البلستيم القدماء". ويطلق مصطلح (يهودا والسامرة) على الضفة الغربية. ونجد أيضاً هذه الكتب الدراسية تجمع بشكل تام على تسمية المسجد الأقصى بـ"الهيكل". كما تسمي حائط البراق بـ"الحائط الغربي أو "حائط المبكى" دون أية إشارة إلى علاقة المسلمين بهذا الحائط من قريب أو بعيد، وتدعي أن الحائط الغربي هو الأثر الوحيد الباقي من الهيكل وهو مركز الصلاة في القدس؛ فيرد في الكتب النص الآتي: "... حتى المسلمين فقد بنوا على جبل الهيكل قبة الصخرة والمسجد الأقصى". وتم إبدال الأسماء العبرية بالأسماء العربية للمدن والقرى والأنهار والأودية والجبال والسهول والمناطق.
10- الزعم بشراء أراضي "أرض إسرائيل":
تشير بعض الكتب الدراسية إلى أن الصهاينة اشتروا أرض فلسطين من محتليها الفلسطينيين، وتنص على أن "الحاخامات شجعوا سكان البلاد اليهود على شراء أرض من الأغيار حتى تعود البلاد إلى الحوزة اليهودية. وقد علّموا الشعب ألا ييأس من عودته إلى أرضه. سيبنى الهيكل بسرعة وتعود البلاد إلى كامل بهائها ومجدها".
11- المشاركة في تحرير الأرض:
تستخدم بعض الكتب الدراسية تعبير "تحرير الأرض"، وتعبير "حرب التحرير" إشارة إلى حرب عام 1948م، كما يطلق عليها أيضاً تعبير "حرب الاستقلال". من هنا تضفي هذه الكتب مسحة بطولية على التنظيمات العسكرية الصهيونية قبل قيام إسرائيل مثل: "هجانا"، "إيتسيل"، "ليحي" وغيرها. وقد بثت هذه التنظيمات الرعب في نفوس الفلسطينيين وشردتهم.
البعد السياسي
1- أهمية القدس والهيكل:
يلاحظ أن الكتب الدراسية تؤكد أمر أهمية القدس والهيكل عند اليهود في التاريخ القديم، فتشير إلى أن اليهود يحتفلون بالكثير من المناسبات الدينية التي ارتبطت بالأحداث التي مرت على القدس والهيكل، منها: يوم التاسع من أغسطس يوم حريق الهيكل، ويوم التاسع من يوليو الذي احترقت فيه أسوار القدس، وغير ذلك. ولما كان الهيكل "بيت حياتنا" فإن "الرب سيرسل مسيحه المخلص الذي تنبأ به أنبياء إسرائيل، ولن يسمح بسقوط هيكله في أيدي الأغيار".
وتورد الكتب بعض الاستشهادات ـ من العهد القديم والتلمود ـ التي تؤكد الحزن على الخراب الذي حل بالقدس والهيكل، مثال ذلك: "يقول الحاخامات إن أي شخص يمارس أي عمل يوم التاسع من أغسطس ولا يحزن على القدس لن يرى فرحتها، ومن يحزن على القدس سيحظى بمشاهدة فرحتها" (فصل الصوم في المشنا:5). كما يفسر أحد الحاخامات ما جاء في العهد القديم: "وتبكي عيني بكاءً وتذرف الدموع لأنه سبى قطيع الرب" (إرميا 17:13) و بأنه "يجب على اليهودي أن يذرف ثلاث دمعات: واحدة على الهيكل الأول، والثانية على الهيكل الثاني، والثالثة على اليهود الذين تشتتوا من موطنهم".
وتسعى الكتب الدراسية ـ من خلال النصوص المتكررة ـ إلى إضفاء الشرعية التاريخية والدينية على احتلالهم للمدينة، فيطلب من الطلاب عقد مقارنة بين قدسية مدينة القدس في الإسلام وفي اليهودية والنصرانية: "قدسية القدس في الإسلام مقابل قدسيتها في اليهودية والمسيحية". وتشير الكتب إلى أن مدينة مكة هي أكثر المدن قدسية لدى المسلمين، وتأتي بعدها المدينة المنورة، أما القدس فإنها اكتسبت قدسيتها عند المسلمين بمرور السنين، وبالتحديد بعد الإسراء والمعراج، وبعد أن بنى المسلمون فيها مسجد قبة الصخرة (مسجد عمر) بالقرب من المسجد الأقصى.
وتؤكد النصوص الواردة في الكتب الدراسية أن الخليفة عبد الملك قد بنى قبة الصخرة في القدس لتكون بديلاً لمكة: "وقبيل القرن السابع بنى الخليفة عبد الملك في القدس مبنى قبة الصخرة (المسماة مسجد عمر). وقد أمل عبد الملك أن تصبح بديلاً للقدس، التي كانت تحت سيطرة معارضيه، ولتكون مركزاً للمسلمين".
وقد وردت أيضاً نصوص في الكتب تؤكد أنه "عندما عاد شعب إسرائيل إلى أرضه وأقيمت دولة إسرائيل، عادت أورشليم عاصمتنا، لتصبح المركز الأهم للشعب اليهودي بأسره، يحج إليها يهود من البلاد ومن العالم، ويزورون الأماكن المقدسة لدى اليهود، مثل الحائط الغربي".
وترد في الكتب نصوص تحاول التشكيك بصحة بعض المعتقدات الإسلامية تجاه القدس، وتقدم معجزة الإسراء والمعراج على أنها حكاية أسطورية: (لم ترد القدس في القرآن بالاسم، ولكن يحكى أن محمداً طار من مكة راكباً دابته العجيبة البراق - رأسها رأس إنسان وجسمها جسم حصان، ولها جناحان، وقد ربط البراق بسلسلة مثبتة بالحائط الغربي، ومن هناك صعد إلى جبل الهيكل ثم إلى السماء، لذلك سمي الحائط الغربي عند العرب البراق).
2- الفخر باليهود القدماء:
تبين من تحليل الكتب أن الفخر باليهود القدماء يمثل توجهاً عاماً، فالنصوص التي تناولت هذا الجانب تسند لليهود في كل مكان وزمان ـ سواء تحت حكم المسلمين أو تحت حكم النصارى، وسواء في الأندلس أو في فلسطين ـ أنهم الأنسب لشؤون الإدارة والمناصب الرفيعة، وأن الشعوب الأخرى لم تتقدم إلا بمعاونتهم ومساعدتهم واستشارتهم. والنص الآتي يمثل هذا التوجه: "استعان الخلفاء بالرعايا اليهود والنصارى، لأنهم كانوا يعرفون القراءة والكتابة، ذلك الأمر الذي جعل المحتلين العرب يعتمدون عليهم ويعينونهم في وظائف إدارية مهمة". وفي نص آخر: "إن الحكام المسلمين لم تكن لديهم في البداية أية خبرة في إدارة الدولة، لذا اضطروا إلى الاستعانة بخدمات اليهود، فأبقوهم في وظائف مهمة في بلاط الخليفة، وفي إدارة خزانة الدولة. لقد استعان الخلفاء المسلمون باليهود لأنهم أدركوا أن اليهود لا يهددون سلطانهم، وأنهم يعملون فقط لكسب عيشهم. ولم تكن لديهم أطماع في الحكم... وكان اليهود معروفين بأنهم أذكياء ومثقفون وذوو علاقات وثيقة مع إخوانهم في الشتات".
ونص آخر يؤكد تميز اليهود عبر التاريخ: "عندما يحتاج خليفة أو وزير مالاً كان يتوجه إلى التجار اليهود للاقتراض منهم. وبذلك أصبح هؤلاء التجار الكبار صرافي بلاط الخليفة".
وتؤكد الكتب دور اليهود في الفتوحات الإسلامية وأن اليهود لعبوا دوراً في فتح بلاد الأندلس: "رحب اليهود بقدوم الجيش الإسلامي الذي وضع حداً لسيطرة المسيحيين المتعصبين في بلادهم. لقد اعتمد قادة الجيش الإسلامي على ولاء اليهود، واستعانوا بهم في إعادة الهدوء والسلام إلى الأندلس؛ فلم يكن المسلمون على علم بظروف هذه البلاد، ولا عادات سكانها، ولا لغاتهم، أما اليهود فكانوا يعرفون جيداً البلاد وسكانها. لذا عيّن المسلمون اليهود جنود حراسة في المدن المحتلة، وأعطوهم أراضي من التي صودرت في الحرب. واستعانوا بهم فجعلوهم مديرين للمزارع التي انتقلت إلى سيطرة المحتلين المسلمين بعد الحرب. وعمل يهود آخرون مستشارين سياسيين واقتصاديين للحكام الجدد). وتؤكد الكتب تميز اليهود وقدرتهم العسكرية العالية وأنهم تولوا قيادة بعض الجيوش الإسلامية. فتذكر شموئيل هناجيد (993م-1056م) الذي كان وزيراً وقائداً لجيوش ملك غرناطة لمدة تزيد على ثلاثين عاماً، وأنه أدار شؤون المملكة وخرج على رأس جيشها في الحروب، وحقق انتصارات مهمة.
3- تشويه الشخصية العربية:
يتضح من تحليل الكتب الدراسية، ومن خلال فحص النصوص التي تناولت الشخصية العربية والمسلمين أنها تعرض صورة مشوهة لهم من خلال ربطهم بأعمال القتل والشغب، فتصفهم بالمشاغبين الذين يقتلون الحكام والمسؤولين ممن لهم الفضل في إدارة الدولة الإسلامية كاليهود؛ فقد ورد في السياق أنه بعد موت شموئيل هنغيد شغل ابنه يوسف منصبه، ولكن بعد مضي عشرة أعوام (قتل في أعمال شغب أثارها المسلمون في غرناطة بدعوى أن الدولة أصبحت تحكم بأيدي اليهود). تتخذ الكتب من الأحداث الفردية حججا لتشويه صورة شعب مسلم أحسن معاملة اليهود في الأندلس.
وسيراً على هذا التوجه في توجيه أصابع الاتهام للمسلمين بأنهم يقتلون الأدباء، فقد تضمنت الكتب النص الآتي: "عندما بلغ الحاخام يهودا هليفي عامه الـ65 قرر الهجرة إلى أرض إسرائيل، وبعد رحلة بحرية شاقة وصل إلى مصر وهناك توفي. وتقول رواية أخرى إنه عندما تمدد في الصلاة بجوار الحائط الغربي داهمه فارس عربي). ومع اختلاف الروايات فقد اختارت الكتب الإسرائيلية الرواية التي تشوه صورة العرب.
هذا وإن النصوص الواردة في الكتب المدرسية تتضمن ما يشير إلى أن فلسطين العربية قبل أن يصل إليها الصهاينة كانت مكاناً تنتشر فيه السرقة والنهب: "فقد عرف الحاخام يهودا القلعي الوضع في البلاد وأدرك أن السرقة والنهب أعمال تحدث فيها كل يوم". وتشير في نص آخر إلى أن العربي اليمني يضطهد اليهودي ويذله ويهينه ويتعامل معه بعنف واحتقار: "عاش اليهود في اليمن طوال فترة شتات اليهود، وعانوا من القيود والاضطهادات والإبادة أكثر مما عانى اليهود في أي شتات آخر"، ثم إن النصوص التي تناولت هذا البعد تحاول أن تصف الشخصية العربية بأنها تهرب في المواجهة مع السوبر يهودي (تعبير يهودي يعني اليهودي النابغة الذي ليس له مثيل) في ساحات القتال وبالتحديد قبيل حرب عام 1948م. وتذكر الكتب أن الحي اليهودي قد واجه الأحياء العربية ببطولة، ومع وصول كتائب "بلماح": هرب العرب وتركوا أحياءهم ودارت معركة كبيرة في حيفا وانهزم العرب بسرعة على أيدي قوات هجانا. وسيطرت قوات إيتسيل على يافا وأقاموا فيها حكما عبريًّا، وحينما شاهد العرب المدن تسقط في أيدي اليهود بدؤوا يفرون من مواقعهم، ولما كانت الشخصية العربية عدوانية وتميل إلى استمرار إقامتها ـ كما تراها تلك الكتب - فقد رفضت يد السلام التي مدتها إسرائيل بعد إقامتها: "كانت حكومة إسرائيل مستعدة للتوقيع على اتفاقية سلام مع الدول العربية ولكنها أصرت على كراهيتها ورفضت الاعتراف بالدولة التي أقيمت على أرض الوطن القديم للشعب الذي عاد إليها بعد شتات دام أجيالاً وأجيالاً".
4- أرض بلا شعب:
تبين من تحليل نصوص الكتب التي تناولت موضوع الأرض أن مقولة "فلسطين أرض بلا شعب" تتكرر في مواضع عدة، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر؛ فهي مازالت أرضاً خاوية على عروشها خربة منذ تركها اليهود أيام السبي الروماني، لم يقم فيها أحد. ففلسطين العربية تتحول في الفكر الصهيوني إلى إريتس يسرائيل أو صهيون، أي "أرض بلا شعب"؛ ليصبح يهود العالم في المقابل أشخاصاً مقتلعين لا وطن لهم؛ فهم "شعب بلا أرض". ويتوقف تاريخ فلسطين كما يتوقف تاريخ يهود العالم.
منقول