الهندسة والفنون
مع باقة ورد عطرة منتدى الهندسة والفنون يرحب بكم ويدعوكم للإنضمام الينا

د.م. أنوار صفار

المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني %D9%88%D8%B1%D8%AF%D8%A9+%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9+%D8%B5%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9



الهندسة والفنون
مع باقة ورد عطرة منتدى الهندسة والفنون يرحب بكم ويدعوكم للإنضمام الينا

د.م. أنوار صفار

المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني %D9%88%D8%B1%D8%AF%D8%A9+%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9+%D8%B5%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9



الهندسة والفنون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الهندسة والفنون

 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل    دخولدخول        المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني I_icon_mini_login  

 

 المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
دكتورة.م انوار صفار
Admin
دكتورة.م انوار صفار


تاريخ التسجيل : 04/04/2010
البلد /المدينة : bahrain

بطاقة الشخصية
المجلة:

المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني Empty
مُساهمةموضوع: المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني   المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني Empty6/24/2010, 12:01

الجزء الثاني


1- شروط اختيار مواقع المدن الإسلامية
منذ أوائل العصر الإسلامي كان للعوامل البيئية والمناخية أثر كبير في اختيار مواقع المدن الإسلامية ، فعندما طلب قادة الجيوش من عمر بن الخطاب الإذن في إنشاء مراكز ومعسكرات لسكن الجنود أقرهم على ذلك واشترط أن يكون اختيار الموقع من قبل خبراء، وأن يكون على طرف البادية قريبا من الماء والمرعى، ولا تفصله عن المدينة المنورة موانع طبيعية كالأنهار والجبال (15)، وبموجب هذا التوجيه تم اختيار البصرة والكوفة ، اللتين كانتا هن أوليات المدن الإسلامية التي أنشئت في البلاد المفتوحة.
كما أن اختيار موقع مدينة الفسطاط جاء موافقا لتوصية عمر بن الخطاب ، فقد تم اختيار موقعها في مكان لا يفصله عن المدينة المنورة ماء، سواء في شهور الصيف أو شهور الشتاء (16)، ويؤكد ذلك ما ذكره المقريزي في خططه (17): "أن عمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبي وقاص وهو نازل بمدائن كسرى، وإلى عامله بالبصرة ، وإلى عمرو بن العاص وهو نازل بالإسكندرية ، ألا تجعلوا بيني وبينكم ماء، متى أردت أن أركب إليكم راحلتى حتى أقدم عليكم قدمت ، فتحول سعد من مدائن كسرى إلى الكوفة ، وتحول صاحب البصرة من المكان الذي كان فيه فنزل البصرة ، وتحول عمرو العاص من الإسكندرية إلى الفسطاط".
كما اهتم المسلمون أيضا بالاعتبارات الصحية والمناخية عند اختيارهم لمواقع مدنهم الجديدة ، فعند إنشاء مدينة "واسط" طلب الحجاج من أصحاب العلم والدراية في قضايا الصحة والزراعة والري والتجارة اختيار موقع مناسب لها، وطلب منهم أن يكون المكان مرتفعا وعلى نهر جار عذب ، وأن يكون مناخ المنطقة جيدا وطعامها سائغ(18)، وسار على النهج نفسه المعتصم بالله حين أراد أن ينشئ مدينة "سامراء"، فموقعها المختار مرتفع عن مستوى سطح النهر، فهي غير معرضة للغرق وهواؤها عذب وأرضها واسعة تحيط بها أراض زراعيه واسعه (19).
وعدت "جودة الهواء" من الميزات التي أشاد بها الجغرافيون في حديثهم عن الصفات الحسنة للمدن ، ومنهم من دلل على ذلك بأدلة عدة من المقاييس التي كانت تعتبر نافعة في معرفة طيب هواء الموقع أو فساده ، فقد ذكر القزويني مثلا في حديثه عن صنعاء مدللا على صحة هوائها أن : اللحم يبقى بها أسبوعا لا يفسد"، وذكر عن طليطلة أنه "من طيب تربتها ولطافة هوائها تبقى الغلات في مطاميرها سبعين سنة لا تتغير"، وعندما تحدث عن أصفهان ذكر: "أنه لطيب هوائها يبقى بها التفاح غضا سنة والحنطة لا تسوس واللحم لا يتغير"(20).
ومن الروايات الطريفة في هذا المجال أن صلاح الدين الأيوبي عندما أراد بناء قلعته في القاهرة لجأ إلى طريقة علمية لا تخلو من الطرافة بغية اختيار أفضل مكان يصلح مناخه للإقامة ، فقد أمر بتعليق بهائم مذبوحة في أماكن عدة مناسبة وكلها تفي بغرضه العسكري، ولكن الموضع الذي تأخر فيه فساد اللحم عن سائر المواضع الأخري دل على أنه الجو الأنقي هواء وفيه أقيمت القلعة (21).
وعن شروط اختيار المدن بصفة عامة يشير ابن الأزرق إلى أن ما تجب مراعاته في أوضاع المدن أصلان مهمان (22): دفع المضار وجلب المنافع ، ثم يذكر أن المضار نوعان : أرضية ، ودفعها بإدارة سياج الأسوار على المدينة ووضعها في مكان ممتنع ، إما على هضبة متوعرة من الجبل ، وإما باستدارة بحر أو نهر بها، حتى لا يتوصل إليها إلا بعد العبور على جسر أو قنطرة ؛ منالها على العدو ويتضاعف تحصينها والنوع الثاني من المضار سماوي، ودفعه باختيار المواضع طيبة الهواء ؛ لأن ما خبث منه بركوده أو تعفن بمجاورته مياها فاسدة أو منافع متعفنة أو مروجا خبيثة يسرع المرض فيه للحيوان الكائن فيه لا محالة ، كما هو مشاهد بكثرة".
والجدير ذكره هو أن المسلمين الأوائل لم يحبذوا اختيار مواقع مدنهم في المناطق الساحلية لضرورات أمنية ، ولكن بعد أن أصبح لهم قوة بحرية يعتمد عليها في حماية مدن السواحل اتجهوا لاختيار المواقع الملائمة مدنهم الساحلية ، ولا أدل على ذلك من تلك المدن العديدة التي أقامها المسلمون على سواحل شمال أفريقيا والأندلس ومن أمثلتها البارزة : المهدية والمرية (23).
ونظرا لوقوع معظم المدن والحواضر الإسلامية في مناطق صحراوية حارة ، فقد لجأ المسلمون إلى اتباع معالجات تخطيطية عدة بعد استيفاء شروط اختيار موقع المدينة ، كما أوضحنا سابقا، لمجابهة قسوة المناخ والظروف البيئية غير المواتية ، وهو ما سيتم توضيحه في النقاط التالية :
2- اتباع الحل المتضام للمبانى.
يقصد باتباع الحل المتضام في تجميع المدينة (24) هو تقارب مباني المدينة بعضها من بعض بحيث تتكتل وتتراص في صفوف متلاصقة لمنع تعرض واجهاتها بلا داع للعوامل الجوية مثل أشعة الشمس المباشرة ورياح الخماسين المحملة بالرمال ، التي تؤدي إلى رفع درجة الحرارة داخل المباني (25)، كما أن الاختلاف في ارتفاع المباني المتجاورة يؤدي إلى تظليل أجزاء كبيرة من أسقف هذه المبانى وحمايتها من أشعة الشمس وما ينتج عنها من طاقة حرارية ضاغطة خلال ساعات النهار (26).
إن أحياء المدينة الإسلامية لم تكن تفصلها بعضها عن بعض حواجز أو فواصل، وكانت البيوت في دمشق مثلا متلاصقة ، لا فسحة بين الدار والأخرى، حتى أنك لتحسب المدينة بناء واحدا ، وتماسك الأبنية الإسلامية وضيق شوارعها والاشتراك في الجدران يعود إلي عدة أسباب منها(27):
ضيق الرقعة المبنية وانحصارها ضمن سور أو واحة ، وهناك سبب مهم آخر تحكم بتركيب المدينة الإسلامية يعود إلى طبيعة المناخ المغبر الحار، فأكثر البلاد الإسلامية تمتد من الصين حتى الأندلس مرورا بالشام وشمال أفريقيا بين خطى 10 و35 درجة شمال خط الاستواء في بيئة معظمها حار تحيط بها الصحاري.
إن اتباع الحل المتضام أدى إلى اللجوء للشوارع الضيقة وتقليص مساحة الفراغات الخارجية المكشوفة في المدن الاسلامية ، فبمقارنة النسبة المئوية للفراغات والمساحات الكلية لبعض المدن وجد أن نسبة الفراغات الخارجية في المدينة الإسلامية حوالي 11% ، في حين أنها في المدينة الإغريقية 27%، وفي المدينة الرومانية 31%(28)، إن هذه المقارنة توضح ملاءمة نسبة الفراغات الخارجية بالمدن الإسلامية لطبيعة المناخ الحار، إلى جانب ملاءمتها من جانب آخر للمقياس الإنساني ووسائل النقل البسيطة في تلك العصور.
ولتعويض قلة نسب الفراغات الخارجية بالمدن الإسلامية فقد اتبع أسلوب تفريغ كتلة مباني هذه المدن عن طريق الأحواش والأفنية الداخلية ، والتي كان يتم عن طريقها توفير التهوية والإضاءة الطبيعية لمباني المدينة، إلى جانب ما توفره من خصوصية على مستوى المباني السكنية.
وإذا كان اتباع الحل المتضام في تخطيط مباني المدينة الإسلامية قد نجح كمعالجة مناخية فإنه يبدو، لأول وهلة ، حلا غير جيد من وجهة نظر مكافحة الضوضاء، خاصة أن الدراسات الحديثة للموجات الصوتية أوضحت أنها تتحرك من مصادرها في موجات كروية طويلة مستمرة وتقل سرعتها كلما زادت بعدا عن مصدرها، فكلما زادت المسافة إلى الضعف تقل الضوضاء بمقدار"5" ديسيبل (وحدة قياس الضوضاء)، وهذا يعني أن أفضل دفاع ضد الضوضاء هو زيادة المسافة بقدر الإمكان بين مصدر الضوضاء والمبنى المراد حمايته (29)، أي أن المبدأ الاساسي لتقليل الضوضاء يبدو كأنه لا يتفق مع أسلوب التخطيط المتضام الذي تم اتباعه في تخطيط المدن الإسلامية التقليدية ، حيث إن المسافة بين المباني والشارع ( مصدر الضوضاء) تكون صغيرة.
ومع ذلك فقد جرى مراعاة بعض المبادئ التخطيطية التي ساهمت في تقليل انتشار الضوضاء في شوارع المدينة الإسلامية ، خاصة في المناطق السكنية ، ويأتي على رأس هذه الحلول التخطيطية عزل مناطق الإزعاج والضوضاء كالأسواق مثلا عن المناطق السكنية ، حيث كان لكل تجارة سوق أو شارع خاص به ، فقد كانت الصورة الغالبة لأسواق القاهرة القديمة ، على سبيل المثال ، هي الشوارع التجارية التخصصية التي سميت أسواقها بأسماء السلع والبضائع التي تحويها (30)، أي أن الفصل الوظيفي بين الشارع التجاري والشارع أو الحارة السكنية قد ساهم بشكل كبير في تقليل الضوضاء بالأحياء السكنية ، إلى جانب أن تميز الشوارع والحارات السكنية بالنهايات المقفولة (31) قد ساهم بشكل كبير مع عوامل تصميمية أخرى كزيادة سمك حوائط المباني والانفتاح على الأفنية الداخلية ، في التغلب على مشكلة الضوضاء أو الحد منها نتيجة لاتباع الحل المتضام كحل مناخي يعمل على توفير الظلال ويقلل من تعرض المباني للإشعاع الشمسي في المدينة الإسلامية.
3- ضيق الشوارع وتعرجها:
إن اللجوء لاتباع الحل المتضام في النسيج العمراني للمدينة الإسلامية أدى بالتبعية لأن تكون شوارع المدينة ضيقة ، حيث يؤدي ذلك إلى تعرضها لأقل قدر ممكن من الإشعاع الشمسي المباشر، إلى جانب أن ضيق الشوارع كان يتناسب مع وسائل الانتقال في ذلك الوقت (الدواب والعربات التي تجرها الدواب ) والتي لم تكن تتطلب شوارع ذات عروض أكبر(32).
فلقد أوضحت دراسة شوارع المدينة المنورة - قديما - تعدد أشكال شبكة الطرق ما بين شارع وحارة وزقاق ، كل منها كان له وظيفة وغرض خاصان ، فالشارع والطريق وصل عرضه إلى أربعة أمتار ويصل بين الأبواب الرئيسية ومركز المدينة (حيث المسجد النبوي)، أما الحارات فتراوح عرضها بين 2-3 أمتار واستعملت كحركة رئيسية داخل المناطق السكنية ، ووجد بها بعض الأنشطة التجارية الخفيفة ، أما الزقاق فتراوح عرضه بين 1.50 – 2.00م ولم توجد عليه أي أنشطة تجارية(33).
وقد كان لارتفاع المباني على جانبي الشارع أثره الواضح في تحقيق نسبة ظل معقولة في هذه الشوارع ، فقد كانت نسبة ارتفاع المبانى إلى عرض الشارع بالمدينة المنورة 1 :2وأحيانا 1 :3 أو 1 :4 (34) ، وقد زاد من كمية الظلال تلك الرواشن والأجنحة التي كانت تبرز إلى عرض الشارع في الطوابق العليا من المباني.
لقد كانت الشوارع في المدينة الإسلامية ، بشكل عام ، ضيقة جدا لدرجة يصعب معها على دابتين سلوك الطريق باتجاهين معاكسين ، وذلك في القاهرة في أوج عزها أيام الفاطميين (35)، غير أن هذا لا يعني أن بعض المدن الإسلامية لم يعرف شوارع عريضة ، فيروى أن الشارع الرئيسي في البصرة أيام خلافة عمر بن الخطاب جعل عرضه حوالي اثنين وثلاثين مترا والشوارع الفرعية اثني عشر مترا أما الطرق الداخلية فأربعة أمتار(36).
وفي المناطق الحارة يتجه التفضيل في توجيه الشوارع من الشمال إلى الجنوب ؛ لأن ذلك يساعد على عدم تعرض الطرق وواجهات البيوت المطلة عليها فترة طويلة للشمس ، فمن المدن ما وجهت شوارعها الرئيسية الكبيرة من الشمال إلى الجنوب حتي تكون عمودية مع حركة الشمس الظاهرية ، وهذا ما يجعل الشوارع تكتسب ظلالا طوال النهار، بالإضافة إلى اكتسابها الرياح الشمالية التي تساعد على استمرار برودتها أطول فترة ممكنة لوجود نسبة التظليل العالية في هذه الشوارع ، وقد تجلت هذه الظاهرة في أروع أمثلتها في القاهرة ، وسارت على هذا المدن صعيد مصر وكذلك مدن المناطق الحارة من العالم الإسلامي، ولعل اتجاهات شوارع مدينة الدرعية الباقية تؤكد هذه الحقيقة ؛ فمعظمها ولاسيما الشوارع الرئيسية يتجه نحو الشمال (37).
كما تميزت شوارع المدينة الإسلامية بتعرجها، فقد كانت كل الأزقة كثيرة التعرج حتى أنك تحسب عند كل منعطف أنك وصلت إلى طريق مسدود، ولكن الأسواق المسقوفة (المظللة) غالبا ما كانت مستقيمة ، ذلك أن السقف يؤمّن الظل ويخفف من وصول الغبار (38).
وقد تميزت الشوارع الضيقة المتعرجة بانفتاحها على مجازات (بعض الأماكن الواسعة قليلا) ذات نهايات منغلقة تقوم بالوظيفة نفسها التي تقوم بها الأفنية ، فهي تعمل على تخزين الهواء المعتدل البرودة في الليل ، وتمنع تسربه مع أول هبوب للريح) ، وهذا ما قد يحدث في حاله التخطيط الشبكي للشوارع العريضة (كما في المدن الحديثة )، حيث يؤدي إلى سهولة فقدها للهواء البارد المتجمع بها أثناء الليل أول هبوب للريح نهارا (40).
لقد تميز تخطيط النسيج الحضري للمدينة الإسلامية بمظهرين أساسيين هما : الشوارع الضيقة والأفنية الداخلية المكشوفة ، والمظهران السابقان يعملان على توفير الظلال والحماية من الأشعة الشمسية (41) ، ومن جانب آخر فإن اختلاف الضغط الناشئ نتيجة ضيق الشوارع مقارنة بالأفنية الداخلية يسمح بانتقال الهواء من خلال فتحات ومداخل المباني من الشوارع الضيقة الأكثر تظليلا (ضغط عال ) إلى الأفنية الداخلية المشمسة (ضغط منخفض)، خاصة أثناء فترات الظهيرة وتعرضها لأشعة الشمس .
فلقد أوضحت القياسات (42) التي أجريت داخل فناء بيت السحيمي بالقاهرة الإسلامية أنه في فترة الصباح تكون حركة الهواء الغالبة آتية من مدخل المنزل الجنوبي بالدور الأرضي، والذي يفتح على حارة الدرب الأصفر، وينتقل هذا الهواء عبر المدخل إلى الفناء الداخلي ومنه إلى التختبوش ثم الحديقة الخلفية بالجهة البحرية ، وحركة الهواء هذه تنشأ بفعل التباين في درجات الحرارة وتصل سرعة الرياح إلى أقصاها في التختبوش حيث تبلغ 1.3 م /ث ، بمتوسط سرعة 0.70م /ث خلال ساعات النهار.
وفي قياسات أخرى (43) تمت في بيت السناري بحي السيدة زينب بالقاهرة ، اتضح أن سرعة الرياح بفعل فارق ضغط الهواء والحرارة تتضاعف عبر ممر المدخل الضيق الطويل ، والذي يفتح على حارة "مونج" بالجهة البحرية ويؤدي إلى الفناء الداخلي من الجهة الجنوبية ، ليصل متوسط سرعة الرياح به لحوالي 120% عند بدايته ولتصل إلى 40% عند نهايته قرب الفناء، وذلك كنسبة من سرعة الرياح الحرة صباحا.
ولم تقتصر فوائد الشوارع الضيقة والمتعرجة على المعالجة المناخية للجو الحار فقط ، بل كانت تقوم بأداء وظيفة بيئية مهمة أخرى، فعدم جعل شوارع وممرات المدينة مستقيمة جنبها أن تتحول إلى أنفاق للرياح الشتوية الباردة أو لرياح الخماسين الساخنة والمحملة بالأتربة والرمال ، ومع أن ضيق هذه الشوارع يمنع حدوث ذلك ، فإن التكسيرات والانحناءات تؤكد هذا المنع ، كما تتيح وجود مناطق مظللة في مختلف أجزاء الشارع في معظم ساعات النهار بصرف النظر عن توجيه هذا الشارع(43).
وقد يرجع أيضا نظام الشوارع المتعرجة ، الذي انتشر في المدينة الإسلامية ، إلى إعطاء الفرصة للتأمل الهادئ وكسر الملل ، وهو ما يوضح أن بعض المعالجات البيئية في المدينة الإسلامية قد نجحت - فيما يبدو - في أن تقوم بأداء أكثر من وظيفة ناجحة في وقت واحد.
4- تسقيف الشوارع وبروز الواجهات
تم اتباع بعض الحلول والمعالجات لتوفير المزيد من الظلال بشوارع المدينة الإسلامية ، ومن أهم هذه الحلول التي لجأت ، إليها العمارة الإسلامية هي تسقيف بعض الشوارع التجارية أو استخدام "الساباطات" ، أو عمل بروزات بالواجهات المطلة على الشوارع .
ارتبطت ظاهرة تسقيف الشوارع ، التي تضم الأسواق علي جانبيها ، بحماية نوعية معينة من السلع كالحرير وغيره من الأقمشة ، وانتشرت هذه الظاهرة في كثير من المدن الإسلامية وعرفت "بالسقائف " ، كسقيفة رضوان في القاهرة (سوق الخيامية )، واختلفت أساليب تغطية الشوارع التجارية باختلاف المناخ ومواد البناء المتوافرة ، فبينما كانت السقف مسطحة في القاهرة وجدت على هيئة أقبية من الآجر وعرشات العنب والخشب في الأندلس ، واستخدمت الأقبية الحجرية في مدن أخرى كعلب وغيرها ، وكان التسقيف للحماية من العوامل الجوية كالمطر والشمس ، حتى أن هناك من الشوارع التجارية ما غطي بأكمله في مكة المكرمة لاشتداد الحرارة ، واستخدم القماش أحيانا في تغطية بعض الأسواق في شوارع القاهرة ، كسوق القفصيات ، الذي كان سقفه عبارة عن خيمة من القماش ، كما أن حوانيت الفاكهة عند "دار التفاح بالقاهرة " غطيت الشوارع فيها بسقف من القماش حتي لا تتأذى الفاكهة من الشمس ، وفي مدن الصعيد ساد هذا الأسلوب في قيساريات المدن المختلفة التي مازالت محتفظة بشكلها العام(45).
ومن العناصر الأخرى التي استخدمت وانتشرت في المدينة الإسلامية "الساباطات" ومفردها "ساباط" ، وهو عبارة عن ممر مستقوف يربط بين دارين أو جدارين (46)، فقد كان بين قصر قرطبة ومسجدها ساباط ، وآخر بين قصر الزهراء ومسجدها، وفي مدينة طرابلس حي سمي "تحت السيباط"(47).
وقد استخدمت فكرة المعابر العلوية (الساباطات ) في العمارة الإسلامية التقليدية وخاصة في المناطق الصحراوية التي تتعرض لأشعة الشمس الحارقة ، حيث تكون هذه المعابر على هيئة جسور معلقة تعلو فراغ الفناء، حيث تربط جناحي المسكن (الحرملك والسلاملك )، كما هي الحال في المعبر العلوي المستخدم في مسكن الحاج عبد الله أحمد بواحة القصر، وقد تعلو فراغ الحارة حيث تربط المساكن المتقابلة ، وذلك حينما توجد صلة قربي شديدة بين ساكني هذه المنازل (48)، ومن أمثله هذه الساباطات ما هو موجود بشوارع قرية " شالي" بواحة سيوة بمصر(49).
وبالإضافة إلى أن هذه المعابر تساعد على توفير الخصوصية فإنها تعد بمنزلة معالجة مناخية ممتازة حيث تحمي السكان من التعرض المباشر لأشعة الشمس عند الانتقال بين أجزاء المسكن الواحد أو المساكن المختلفة ، بالإضافة إلى ما تلقيه من ظلال على الأفنية أو الشوارع وواجهات المنازل التي تربط بينها، كما تعتبر هذه المعابر عنصرا مهما لتحريك الرياح ، وهو ما أوضحته إحدى الدراسات الحديثة.
فقد تم إجراء قياسات لسرعة الرياح تحت الساباط الذي يربط بين الدارين المكونتين لما يعرف "بدار الكريدلية" ، بهضبة "يشكر" بالقاهرة ، واتضح أن الممر المسقوف (الساباط )، الواصل بين المنزلين ، يعتبر عنصرا من عناصر ، تحريك الرياح السائدة بفعل قوة ضغط الرياح (الرياح الشمالية الشرقية بمتوسط 0.80م /ث ) وفي لحظات سكون الرياح السائدة تنشط تيارات غربية عكسية بالاتجاه المقابل تفوقها في السرعة (2.50م /ث )، وذلك لانفتاح الممر: تحت الساباط على الفناء الخارجي لجامع ابن طولون بالجهة الغربية(50).
إن تظليل الشوارع يساهم في خفض درجة حرارة الهواء المحيط بحوالى 4 درجات مئوية(51) ، لهذا كان الحرص على توفير الظلال في شوارع ودروب المدن الإسلامية ، إما بتسقيفها وإما بتغطية أجزاء منها عن طريق المعابر العلوية ، أما في حالة الشوارع غير المسقوفة فقد لجأ المعماري المسلم ، بالإضافة إلى ضيق الشوارع وتعرجها ، إلى وسيلة معمارية أخرى حتى يتم إلقاء المزيد من الظلال على أرضيات الشوارع وواجهات المبنى أيضا، فابتكر فكرة عمل بروزات بواجهات المباني المطلة عليها عن طريق البروزات المتراكبة (52)، حيث يشغل الطابق السفلي قطعة الأرض بكامل مسطحها، بينما تبرز واجهات الدور الأول عن واجهات الدور الأرضي على هيئة بروزات كابولية ، ثم تبرز واجهات الطابق الثاني عن واجهات الطابق الأول وهكذا ، وبذلك تقوم هذه البروزات المتراكبة بإلقاء الظلال على واجهة المبنى نفسه وعلى أرضية الشارع التي تطل عليه ، كما أنه في حالة وجود بعض العناصر المعمارية البارزة كالمشربيات مثلا فسيتم إلقاء المزيد من الظلال.
إن البروزات المتراكبة بالمباني على جانبي الشارع لها وظيفة أخرى غير التي ذكرناها، فالناظر إلى القطاع العرضي للشارع يجد أن البروزات الخارجية للمباني على جانبي الشارع تزداد تدريجيا من الأدوار السفلية إلى الأدوار العليا وهذا يزيد من عرض القطاع عند مستوى الطريق عن العرض العلوي للقطاع مما يساعد على حركة الهواء وتجدده من أسفل إلى أعلى (53).
وإذا كان هذا التشكيل المميز لخط القطاع الخارجي يظهر في العمارة الإسلامية في مصر، إلا أنه لا يظهر في مناطق أخرى كإيران أو المنطقة الوسطى بالسعودية أو في عمارة اليمن (54)، ويرجع ذلك لاختلاف الظروف المناخية في هذه المناطق عن مصر، وهو ما يؤكد أن اختلاف النمط التشكيلي أو المعالجات البيئية في بعض مناطق العالم الإسلامي يرجع لاختلاف التفاعلات البيئية والاجتماعية من منطقة لأخرى.
5- مراعاة الجوانب الصحية:
لم تقتصر المعالجات البيئية بالمدن الإسلامية على النواحي المناخية بل تعدتها أيضا إلى النواحي الصحية ، ويتمثل ذلك في تغذية المدن بالماء النظيف والعناية بشبكات الصرف الصحي، إلى جانب الحرص على النظافة العامة للمدينة ، وهي كلها عناصر تتصل بالجوانب الصحية وتزداد أهميتها في المناطق ذات المناخ الحار.
كانت تغذية المدن بالمياه النظيفة في مقدمة المرافق التي عني بها التخطيط العمراني للمدينة الإسلامية ، واستكمالا لعناية التخطيط العمراني بالمدينة الإسلامية ، عنيت السلطات المختصة بتسهيل وصول الماء إلى تكويناتها المعمارية المختلفة ، وارتبط ذلك بنظام تخطيط الشوارع والطرق ، وتشير المصادر التراثية والأثار الباقية إشارات واضحة إلى نماذج رائعة لشبكات المياه التي كانت تغذي تكوينات المدن الإسلامية (55).
ومن أمثلة اهتمام المسلمين بتزويد المدن بالماء الصالح للشرب منذ العهود الأولى ما قام به أبو موسى الأشعري في حل مشكلة تزويد مدينة البصرة بالماء الصالح للشرب ، ولاسيما أن المياه التي تصل إليها كانت مالحة ، فبدأ مشروع حفر نهر"الابلة" الذي تم في عهد عبد الله بن عامر (25- 36 هجرية /646- 657م )، هو وغيره من مجموعة الأنهار التي زودت المدينة بالماء اللازم ووصلتها تجاريا بالأقاليم المجاورة ، فدفع ذلك نموها وازدهارها(56).
أما على مستوى المباني فقد أنشئت للمجموعات المعمارية الكبيرة شبكات تغذي وحداتها المختلفة بالماء من مصادر مختلفة ، ويكفي أن نشير إلى مجموعة السلطان قلاوون في القاهرة ، التي حفرت لها بئر خاصة وأنشئت لها ساقية ترفع الماء إلى "مصنع " كبير مرتفع يغذي المدرسة ووحداتها المختلفة والبيمارستان ووحداته (57).
كذلك كانت شبكات الصرف في المباني محل عناية كوسيلة للتخلص من فضلات قاطنيها، وارتباط ذلك بكثافة السكان وأهمية المحافظة على صحتهم وسلامتهم ونظافة المدينة واستمرارية الحياة بمستوى حضري راق ، وتشير المصادر إلى وجود شبكات صرف في بعض المدن الإسلامية بلغت أعلى المستويات (58).
وفي المنازل حفرت آبار الماء بعيدة عن آبار الصرف حتى لا تتأثر بها، ولاسيما أن من المنازل ما اشتمل على بئر للصرف وأخرى لتزويد المنزل بالماء، في مدينة الفسطاط ، وقد اعتبر ذلك أيضا في أن تكون المواجل في المدن ، التي اعتمدت على الأمطار، بعيدة عن آبار الصرف وقنواته مراعاة للنواحي الصحية (59).
ونظرا إلى أن تعاليم الإسلام تدعو إلى النظافة فقد كانت الشوارع تكنس وترش بالماء صيفا، وما يؤكد ذلك ما تضمنته وثيقة وقف منشأة جمال الدين الاستادار بالجمالية بالقاهرة ، ما يشير إلى أنه رتب شخصا من السقاءين بالقرب الكتافيّة على الآبار - جيدا قويا على العمل كافيا فيه - ليكنس التراب حول الخانقاه المذكورة وأزقتها الدائرة عليها من الجهات الأربع ، ويرش ذلك بالماء مرتين في الصيف ، وإن احتيج إلى ذلك في الشتاء فعله مرة أو مرتين ، ويشيل ما يتحصل من الكناسة إلى الأماكن البعيدة ، والتنظيف على العادة (60).
وبما أن المياه كانت تصل إلى أكثر طبقات الدور في المدن كطرابلس والقاهرة ، إلا أن الناس كانوا يمنعون من إقامة ميازيب تصب مياهها من السطوح مباشرة على الشوارع ، وكان عليهم حفر مسيل في الحائط يكلس تجري فيه المياه لتصب في قناة الطريق ، وتسد مصارف المياه القذرة أثناء الصيف ، وتحفر في البيوت أجباب تتجمع فيها وينظفها عمال مختصون (61).
ومن الأساليب التي استخدمت للتخلص من القمامة بالمدن الإسلامية أن تسخين الماء في الحمامات العامة كان يتم بوقد الزبل والحطب (62)، وكانا يخزنان في مستودعات ملحقة بالحمام.
ثالثاً: عناصر المعالجات المناخية في المباني:
شكلت المباني بمختلف أنواعها والطرق نسيج المدينة الإسلامية القديمة ، فالمسكن والمسجد والسوق والطريق وباقي عمائر المدينة تعتبر العناصر الأساسية في النسيج العمراني الإسلامي (63). وبتكامل الحلول والمعالجات البيئية ، التي ظهرت في تخطيط وتصميم مباني المدينة ، تمكن المسلمون من مواجهة الظروف المناخية القاسية ، ومن تهيئة بيئة صالحة للمعيشة في المدن والمباني التي أقاموها .
ويتفق علماء الآثار على شمول العمارة الإسلامية على العمارة الدينية والعمارة المدنية والعمارة الحربية (64)، وهذه التقسيمات تكاد تنطبق أيضا على كل الإنتاج المعماري في مختلف الطرز المعمارية الأخرى.
ولقد تعددت العمائر والمباني الدينية لتشمل الجوامع والمساجد والمدارس والخانقاوات والأربطة والتكايا والمشاهد والأضرحة والأسبلة والكتاتيب (65) أما العمائر المدنية فقد تنوعت أنماطها وتباينت عناصرها ، وقد شملت القصور والمنازل والوكالات والخانات والبيمارستانات والأسواق والقياصر والحمامات (66) ، وغيرها مما يخدم أهداف الحياة المدنية المستقرة وبالنسبة للعمارة الحربية فقد استخدم المسلمون العديد من المباني والوسائل الدفاعية لتحصين مدنهم والدفاع عنها، وقد تمثلت في القلاع الحربية والأربطة وأسوار المدن وغيرها من العناصر الدفاعية الأخرى (67).
ولقد حرص المصمم المسلم على تهيئة الراحة الحرارية داخل مباني المدينة الإسلامية من خلال استخدام بعض العناصر والحلول المعمارية ، ولأهمية هذه العناصر فسيتم توضيح العديد من الجوانب التي تتعلق بأسلوب أدائها لوظيفتها ، ومن أهم هذه العناصر والمعالجات ما يلي:
1- نوعية مواد البناء المستخدمة:
إن المواد المحيطة بساكني المبنى مهمة جدا لتوفير الوقاية من الحر والبرد، ويجب بذل عناية كبيرة في اختيار مواد الجدران والسقوف وسمكها بحيث يتناسب ذلك مع خواصها الفيزيائية بالنسبة للتوصيل الحراري والمقاومة الحرارية والإنفاذ الحراري وعاكسية الضوء (68)، ولمواد البناء المستخدمة في بناء الحوائط الخارجية أهمية كبرى حيث إنها المسؤولة في تحديد المدة الزمنية لانتقال الحرارة من الجو الخارجي لداخل المبنى.
ولقد حرص المسلمون على اختيار مواد البناء المتوافرة في البيئة والملائمة في الوقت نفسه للمناخ الحار، خاصة ما كان منها ذا كفاءة عالية في العزل الحراري، وفيما يلي عرض لأهم مواد وأساليب البناء التي اتبعها المسلمون في إقامة مبانيهم :
أ- الطوب اللبن : يوجد على الأقل عشرون طريقة مختلفة معروفة في مجال البناء بالطين ، ولكن من بين هذه الطرق تسود طريقتان أساسيتان (69): الأولى هي طريقة (الطوب Adobe) وهي كلمة عربية وبربرية جاء بها الإسبان إلى الأمريكتين ، حيث أدخلت في اللغة الإنجليزية ، وطبقت على الطوب الطيني الذي يشكل في قوالب ويجفف في الشمس ، ومن ثم يستعمل في بناء الأسوار والقناطر والقباب. والطريقة الثانية هي (بيسيه دي تير Pise de terre)، وهو اسم لاتيني الأصل استعمل لأول مرة في ليون (بفرنسا) عام 1562 ، ويطبق على أسلوب تشييد الجدران بسماكة لا تقل عن 50سم عن طريق كبس أو دك الطين بين هياكل خشبية متوازية ، وفي كلتا الطريقتين السابقتين يتم اختيار الطين بعناية ويخلط مع الماء والألياف النباتية (تبن أو قش مقطع عادة ) لتكوين خليط متماسك .
ويقتصر استعمال الطين على المناطق الجافة التي يندر أن تتعرض لسقوط أمطار غزيرة (70)، لذلك فإنه خلال القرون الماضية تم الوصول إلى حلول "إيجابية تحمي مباني الطين من تأثيرات المياه السلبية ، وتعتمد هذه الحلول على وجود سقف لحماية الجدران من المطر، وأساسات تحمي أسفل الجدران من المياه الجارية والرطوبة ، بالإضافة إلى استعمال الطلاء المصنوع من القار لوقاية المنشآت الطينية(71).
ويعتبر الطوب اللبن أفضل مادة بناء طبيعية يمكنها توفير العزل الحراري للمبنى، لذلك استعملت على نطاق واسع في حضارات ما بين النهرين ومصر، وفي وقت لاحق استعملها الرومان وشعوب الشرق الأوسط ، ويعد المسجد النبوي من أوائل المباني الإسلامية التي استعمل في بناء حوائطه الطوب اللبن ، ثم استعمل في العديد من المساجد والمباني الإسلامية في العالم الإسلامي على مر العصور (72).
ب - الآجر: يعد الآجر من أهم مواد البناء التي استخدمت في العمارة الإسلامية وخاصة في مصر والعراق وايران وبلاد المغرب العربي، حيث يندر وجود الخشب والحجر، ويعرف في العراق باسم "الطابوق"، وفي مصر باسم "الطوب الأحمر" (73)، وهو يستخدم في بناء الحوائط الحاملة ، أو كأكتاف ، أو في بناء القباب والأقبية ، وفي حالة بنائه بسمك كبير فإنه يساعد على توفير عزل حراري جيد للفراغات الداخلية بالمباني.
وقد تميزت العمارة الإسلامية بمدينتي "فوة" و "رشيد" بمصر باستخدام كل من الطوب اللبن والآجر، حيث إن بيئة نهر النيل الفيضية قد أتاحت تصنيع النوعين السابقين من الطوب ، وقد تم استعمال ثلاثة أنواع من الطوب في عمارة " فوة" (74).
1- الطوب الأحمر البلدي من طمي النيل والأراضي الزراعية ،فبعد تخميره يشكل بواسطة قالب يدويا على الأرض ، ثم يترك ليجف ، ثم يحرق في قمائن أو أفران فيتحول إلى مادة صلبة تقاوم تأثير الماء.
2- طوب أحمر ضرب سفرة ، وهو الطوب العادي نفسه ، إلا أنه هنا يشكل أو يضرب على لوح من الخشب ثم يجفف ويحرق.
3- النوع الثالث يرجع ابتكاره لظروف البيئة ، والتي كانت معطياتها مادة واحدة غير متنوعة ، وهي الطين الذي يصنع منه الآجر المحروق ، حيث يتم حرق الطوب في القمائن لدرجة السواد ليكون مع لون الطوب الطبيعي - وهو اللون الأحمر عند البناء - شكلا زخرفيا وذلك توفيراً للنفقات ، وقد استخدم تناوب اللونين في واجهات مسجد نصر الله ومسجد النميري وغيرهما (75).
وتوجد أمثلة عديدة لعمائر إسلامية في بيئات مصرية مختلفة كالأشمونين ونقادة وسوهاج ، بالإضافة إلى فوة ورشيد، كانت تتميز مبانيها بطابع شعبي محلي نابع من استخدام الطوب الملون في زخرفة الواجهات مع الخشب كمواد محلية وبيئية سواء في المساجد أو المنازل (76).
ج - الحجر: يعد الحجر من أهم مواد البناء التي استخدمت في العمارة على مر العصور، كما تم استخدامه في تشييد مختلف أنواع العمائر الإسلامية ، وهو يستخدم في العادة بسمك كبير، مما يوفر عزلا حراريا جيدا للفراغات الداخلية للمبنى، كما هي الحال بالنسبة للآجر (77).
وفي معظم البيوت الإسلامية المقامة بالمدن فإن الحوائط الخارجية للطابق الأرضي عادة ما تبنى بالحجر الجيري بسمك 50 سم وأكثر، وبسبب اللون الفاتح للحجارة فإنها تعكس جزءا كبيرا من الإشعاع الشمسي الساقط عليها، والحجر الجيري مادة ذات سعة حرارية عالية ، حيث إن كثافته كبيرة ( 1920 كجم /م 3) مما يجعل زمن النفاذ الحراري من خلاله يصل إلى 15ساعة (78)، وهذا يعني أن الحرارة الخارجية سوف تأخذ وقتا طويلا لتصل لفراغات المبنى الداخلية نظرا لطبيعة وسمك الحجر المستخدم في بناء حوائطه ، لذلك فإن ارتفاع درجة حرارة الهواء نتيجة إشعاع الحوائط الخارجية للحرارة المخزونة بها ليلا لن يسبب إزعاجا، حيث إن الأدوار الأرضية في البيت الإسلامي كانت تستخدم غالبا في النوم ، وعلى ذلك فإن الفراغات الداخلية تحتفظ بهوائها البارد معظم ساعات النهار أثناء ارتفاع درجة حرارة الهواء في الخارج.
أما الجزء العلوي من الحوائط الخارجية ، وهو يمثل الأدوار التي تعلو الدور الأرضي، فعادة ما كان يبنى بالطوب المنهي بالبياض ، ويكون أقل سمكا من حوائط الدور الأرضي الحجرية ، وعلى ذلك فإن انتقال الحرارة للداخل سيكون أسرع ، وهذا يعني أن الفراغات الداخلية تصبح دافئة مساء ولكن يتم التغلب على ذلك عن طريق تهويتها بالهواء البارد أثناء الليل (79).
وقد انتشر استخدام الحجر في حوائط الدور الأرضي والطوب في الأدوار العلوية في أماكن عديدة من العالم الإسلامي، ومن الأمثلة الأولى لذلك قصر الحير الشرقي في سوريا، وهو أسلوب استمد من البيزنطيين (80)، كما أن هذا الأسلوب اتبع في بناء العديد من المآذن كما في مئذنة المسجد الكبير بحران Haran ، والذي بني ما بين 744 –750 هجرية (81).
إن استعمال مادة الحجر في البناء بدأ في أوائل العصور الإسلامية الأولى من خلال مباني العصر الأموي، مثلما نرى في مسجد "حماة" وفي جزء من المسجد الكبير بقرطبة ، وقد أصبح فيما بعد البناء بالحجر إحدى مميزات عمائر العصر المملوكي والعثماني أيضا (82).
د- الخشب : تعتبر مادة الخشب من المواد النادرة في معظم أراضي العالم الإسلامي، وهو ما أدى إلى التميز الخاص في الأعمال الخشبية في المباني الإسلامية (83). وحرصا على استغلال هذه المادة لأقصى حد، فقد استخدم الخشب في عمل السقف الأفقية المستوية، كما استخدم في إنشاء بعض القباب ومن أهمها قبة الصخرة في بيت المقدس ، حيث أنشئت من طبقتين من الأخشاب : الطبقة الخارجية منها مغطاة بشرائح معدنية لعكس الإشعاع الشمسي ولحماية القبة الداخلية ذات النقوش والألوان من التأثر بهذا الإشعاع ، وللسماح بالتهوية من خلال الفراغ الهوائي بين السقفين(84).
كما تم استعمال السقف الخشبي المزدوج ووضعت بين الطبقتين أوان فخارية في قصر الأمير بشتاك بالقاهرة (1334 م )، وقد تم استعمال الفخار لما له من خاصية المسامية وتخفيف الحمل الحراري والإنشائي على المبني والفراغات أسفله(85)
وعلى الرغم من تميز الخشب بأنه عازل جيد للحرارة وخاصة استخدامه في الأسقف بالمناطق الحارة ، إلا أن ندرته في البلاد الإسلامية الحارة حالت دون استخدامه بكثرة في معظم البلاد الإسلامية مثل الجزيرة العربية ومصر، فتم استخدام جذوع النخيل كأعمدة عند بناء المسجد النبوي كما استخدمت ككمرات في سقوف المساكن والمساجد بعد شقها طوليا إلى شريحتين كما هي الحال في بيوت مدينة الفسطاط ، كما استخدم جريد النخيل في تغطية سقوف بعض المباني (86).
وقد استعمل الخشب كمادة مساعدة في بناء الحوائط ، فعلى سبيل المثال تمتاز مساجد "فوة" بمصر بوضع كتل خشبية بسمك الجدار تسير بشكل حزام بالجدران الأربعة للمسجد وذلك على مستويين (87): الأول الأعتاب السفلية (الجلسات ) لشبابيك المستوى الأول بالجدار، أما المستوى الثاني فيمثل الأعتاب العليا لفتحات هذه الشبابيك ومداخل المسجد، ولهذه الطريقة عدة مميزات منها (88):
1- أن تنوع مواد البناء يزيد من تماسك الجدار.
2- أن هذه الأحزمة الخشبية تستعمل كعتب للفتحات سواء النوافذ أو الأبواب .
3- أنه إذا حدث تصدع بجزء من الجدران لا يؤثر ذلك على باقي الجدران أو السقف .
وإذا كان معظم الأبواب والنوافذ في المباني الإسلامية قد صنعت من الخشب ، فإن الخشب يعتبر من أنجح المواد وأكثرها شيوعا في صناعة المشربيات (و الرواشن ) ويرجع ذلك لعدة أسباب أهمها(89):
1- مميزات الخشب التي تناسب المناخ الحار من حيث امتصاصه الحرارة بنسبة كبيرة إلي جانب قابليته لامتصاص أو فقد ما به من رطوبة لمساميته
2- سهولة تشغيله وتشكيله سواء بالخرط أو الحفر إلى جانب ما يتمتع به من قوة وخفة وزن .
3- خواصه الفنية والتشكيلية الرائعة من حيث ألوانه وملمسه وتجزيعاته مما يشيع الكثير من النواحي الجمالية(90).
و- الجبس والجير، يوجد الجبس في مناطق عديدة من الشرق الأوسط وإيران ، ويتم حرقه في درجة حرارة أقل بكثير من الجير وهو عامل تظهر أهميته في المناطق قليلة الأخشاب أو أن المواد التي تستخدم في عملية الحرق تكون غالية الثمن (91).
ويعتبر استخدام مادة الجبس (الجص ) من المعالجات البيئية المهمة في بعض مناطق العالم الإسلامي والتي يتميز مناخها بالرطوبة العالية ، فالجص مادة رخوة هشة قابلة لامتصاص رطوبة الهواء ويتكون من كبريتات الكالسيوم (كبريتات الجير) محتوية على الماء ومتحدة به اتحادا تاما (92).
لذلك فقد انتشر استخدام الجص الأبيض في طلاء حوائط المباني بمنطقة الخليج العربي حيث درجات الحرارة والرطوبة عالية ، فاللون الأبيض يعكس أشعة الشمس مما يخفف الأحمال الحرارية على المبنى، ومن جانب آخر فإن للجص حساسية شديدة للرطوبة وقدرة كبيرة على امتصاص كميات كبيرة منها، فعند تعرض الجبس للحرارة في الجو الجاف فإنه يفقد الرطوبة المخزونة والناتج عن تلك العملية هو الانخفاض في درجة حرارة سطح الجبس وبالتالي الهواء الملامس له ، ففي مدن الخليج القريبة من البحر ترتفع الرطوبة جدا في فصل الصيف (نتيجة التبخر) فتنشط مادة الجبس أكثر في امتصاص الرطوبة من الجو ليلا، أما في النهار ومع ارتفاع درجة الحرارة فيبدأ الجبس في طرد الرطوبة المخزونة فيه ، فينشأ عن ذلك انخفاض في درجة حرارة المكان (93).
ومن فوائد تغطية الحوائط الطينية بالجص أو الجبس أنها تعمل كطبقة عازلة بينها وبين المطر كما تعمل على تقوية الجدران وعزلها مما يقلل من عوامل التفسخ والانهيار (94)، كما اشتهر في مدن الخليج عمل المشربيات بالجبس المزخرف بدلا من الخشب مع المحافظة على الشكل الأصلي للمشربيه (95) ، وقد ادى استخدام الوحدات الزخرفيه باشكال هندسيه ونباتية معينة إلى خلق نوع من الزخرفة المميزة سميت بالزخرفة الخليجية (96).
إن مواد البناء التي استخدمت في المباني والعمائر الإسلامية كان لها أثر كبير في معالجة الظروف المناخية والبيئية خاصة في المناطق الحارة من العالم الإسلامي، وقد حددت هذه المواد بشكل كبير أسلوب وطريقة إنشاء المبنى أو أسلوب في زخرفته وتزيينه .
2- الفناء الداخلي:
يتم تعريف الفناء Courtyard في قاموس أكسفورد على أنه (97): " مساحة مفتوحة محاطة بحوائط أو مباني.."، أما الباثيو (98): فيعرف على أنه فناء داخلي في المنازل الأسبانية أو الأسبانية - الأمريكية ويكون مفتوحا للسماء , وهي كلمة أسبانية الأصل وانتقلت للغة الإنجليزية عام 1827م ، وهذا المصطلح يستعمل بالتبادل مع كلمة الفناء، أما لفظ الفناء Fina فيستعمل عادة في اللغه العربيه لأي مساحه مفتوحة بالمسكن (99).
ويعرف الفناء الداخلي على أنه (100) : " حوش داخلي أو منور يترك في وسط مسطح المبنى لإضاءة وتهوية وحدات المبنى الداخلية ، وقد يكون المنور محاطا بوحدات المبنى من أربعة جوانب (منور مغلق )، أو من ثلاثة جوانب أو جانبين (منور مفتوح ) ".
أما غالب فيعرف الفناء - وجمعه أفنية وفُنى _ بأنه (101 ): " باحة - ساحة - صحن - ما اتسع أمام الدار" , أما الصحن (102) - وجمعه صحون - فيأتي بمعنى الفناء أيضا ، وصحن الدار: وسطها ، وهو عبارة عن مساحة مكشوفة مسورة .
وتجدر الإشارة إلى أن الفناء الداخلي كأحد أهم الحلول المناخية قد تم استعماله في أغلب الحضارات المعمارية السابقة ، ففي العمارة المصرية الفرعونية ظهر الحوش في مساكن العامة وكذلك في قصور الفراعنة آخذا مسمى آخر هو ساحة القصر، وفي الحضارة الإغريقية ظهر المسكن ذو الأحواش بشكل عام في مدينتي " ديلوس " و" أولينثث "، كما عرف الحوش في العمارة الفارسية والرومانية أيضا (103).
ويعتبر الفناء الداخلي هو العنصر الثابت والمتواجد باستمرار في مختلف العمائر الإسلامية سواء كانت دينية أو مدنية ، فهو في المساجد والمباني الدينية عبارة عن مساحة مكشوفة محاطة بالأروقة أو الأواوين ، وفي المساكن محاط بالحوائط أو الأسوار.
وتجدر الإشارة هنا إلى أمرين غير مناخيين لاستعمال الفناء أو الصحن (104): أولهما يتعلق بالمسجد حيث يعد الصحن مساحة إضافية تستعمل للصلاة عند كثرة المصلين ، وثانيهما يرتبط بإيجاد الخصوصية داخل المساكن مع توفير الهدوء والبعد عن ضوضاء الشارع وفضول المارة والجيران .
ونظرا لوقوع العديد من مدن العالم الإسلامي بالمنطقة الحارة الجافة حيث يكون الفرق بين درجات الحرارة في الليل والنهار كبيرا وهو أحد الظواهر المناخية المميزة لهذه المنطقة ، فإن عمل الفناء الداخلي يعتمد على هذه الظاهرة المناخية في أداء وظيفته ، حيث يقوم ليلا بإعادة إشعاع كميات الطاقة الشمسية التي اختزنها طوال النهار،في حوائطه وأرضيته ، إلى السماء مرة أخرى وفي الوقت نفسه يتم تخزين الهواء البارد به ليتم الاستفادة من برودة الفناء أثناء نهار اليوم التالي (105).
أما في أثناء النهارفيختلف أداء الفناء الداخلي مع تعرضه للإشعاع الشمسي، ففي بعض الواحات بالصحراء الجزائرية استغل البناءون الاختلاف في درجة الحرارة ليحصلوا على توزيع جيد للهواء بالمباني، فقد بنيت المنازل حول فناء داخلي وخلال هذا الفناء تتم عملية سحب هوائي، فعندما يتعرض الفناء الداخلي لأشعة الشمس يقل وزن الهواء الساخن ويرتفع إلى أعلى من الفناء المفتوح وفي هذه الحالة يسحب الهواء البارد من خلال نوافذ الحجرات ليحل محل الهواء الساخن(106).
أما في واحة " أمزروا " بالجزائر فيتم تشييد فناءين أحدهما أكبر من الآخر، فحين تسقط أشعة الشمس في الفناءين أو واحد منهما فإن الفناء المتعرض للشمس يكون الهواء فيه أسخن من الفناء الآخر فيرتفع الهواء فيه إلى أعلى ويخرج خارج المبنى، أما الهواء البارد فيسحب من الفناء الآخر ليحل محل الهواء الساخن الذي خرج ، وبذلك يمر الهواء البارد خلال الفراغات والغرف الواقعة بين الفناءين فيساعد على خلق جو مناسب داخل المنزل ، ونظرية الفناءين السابقة مستعملة أيضا في الشوارع الضيقة بواحتي " أمزروا " و" غرداية " فبعض الشوارع مغطى وبعضها مفتوح في مقاطع متعددة وهذا يتيح للشمس تسخين المناطق المفتوحة ومن ثم يكون لها التأثير نفسه على حركة الهواء كما تم توضيحه في نظرية الفناءين (107).
وفي دراسة تحليلية لنسب الأبعاد الهندسية لأفنية الدور بالعالم الإسلامي (108)، وجد أنها في الوسط بين خطى عرض 20 و30 درجة شمالا كانت النسبة ( 1.6 : 1.3 : 1) (عرض : طول : ارتفاع ) وتعادل من 12: 15% من مساحة الدار، وبالشرق ( 1 : 1.4 : 1 ) وتعادل من 25: 45% من مساحة الدار، وبالغرب (1.6 : 1 : 1) وتعادل من 7: 25% من مساحة الدار.
وفي دراسة أجريت على ثمانية أفنية داخلية مختلفة المساحة والشكل والأبعاد بمنازل تقليدية بمدينة الرياض (109) , وجد أنه على الرغم من أن النسبة بين العرض الى الطول بهذه الأفنية تتراوح ما بين ( 1 :1 ) إلى (1.7 : 1) فإن النسبة (1.3 : 1) قد تكررت في ثلاثة أفنية ، أما النسبة ما بين العرض والارتفاع فقد تراوحت ما بين (1 : 1) إلى (2.7 : 1) ولكن مرة ثانية فقد وجد أن النسبة( 1.3 : 1) قد تكررت في خمسة أفنية من الثمانية ، وقد دعمت دراسات أخرى هذه النسبة مما يجعل النسبة المثلى لأبعاد المسقط الأفقي للفناء هي ( 1.3 : 1) وذلك لأفنية المنازل التي لا تتعدى مساحتها 200م2.
وفي مقارنة بين كمية الظلال داخل فنائي منزل السحيمي ومنزل الكريدلية بالقاهرة خلال أيام ا2يونية (الانقلاب الصيفي ) وا2 مارس وسبتمبر (الاعتدالين ) وا2 ديسمبر (الانقلاب الشتوي)، تبين أن فناء منزل السحيمي يتمتع بنسبة ظلال أكبر من 45% صيفا و75% شتاء، أما فناء منزل الكريدلية فإن كفاءته في التظليل كانت أكبر حيث إن ارتفاع حوائطه كان أكبر من العرض أو الطول (110)، أي أن درجة احتوائه كبيرة (111).
وفي دراسة مقارنة أخرى بين أفنية منازل السحيمي وجمال الدين الذهبي والمسافرخانة وزينب خاتون وكلها تقع في القاهرة ، كانت نتيجة القياسات أن درجة حرارة الهواء داخل هذه الأفنية أقل من درجة حرارة الهواء الخارجي صيفا، كما توصلت الدراسة إلى أنه توجد علاقة بين زيادة درجة احتواء الفناء وكفاءته كمخزن للهواء البارد (112).
وفي دراسة أخرى لمعرفة تأثير الفناء الداخلي بأحد المنازل التقليدية بالقاهرة في خفض درجة الحرارة ، تبين أن درجة الحرارة داخل الفناء تكون أقل من درجة الحرارة فوق سطح المنزل ، كما أن درجة حرارة الفناء تقل بحوالي 4 إلى 7م (113).
وبصفة عامة فغالبا ما كانت تتوسط الفناء الداخلي نافورة أو شاذروان أو بركة ماء، كما كان يزود بالأشجار المثمرة التي كانت تلقي بظلالها على أرضيته وعلى الواجهات المطلة عليه ، حيث كانت هذه العناصر مجتمعة تعمل على ترطيب الهواء الجاف وتخفض من درجة حرارته (114) , ونظرا للتكامل بين الفناء الداخلي والحديقة بعناصرها المختلفة فقد تم توضيح هذه العلاقة التكاملية بينهما بصورة أكثر تفصيلا في الفصل السادس من هذا الكتاب .
3- التختبوش والمقعد والإيوان
التختبوش والمقعد والإيوان من العناصر والفراغات المعمارية الأساسية التي وجدت في أ غلب المساكن بالمدن الإسلامية خاصة في مصر، وكان ارتباط التختبوش والمقعد بالفناء الداخلي ارتباطا أساسيا وعضويا .
والتختبوش عبارة عن عنصر فراغي معماري على هيئة حجرة (أو صالة )،واجهته مفتوحة بالكامل على الصحن ويتوسط واجهته عمود أو دعامة ،وترتفع أرضيته بمقدار درجة واحدة أو درجتين عن الصحن ، وهو معد لاستقبال الضيوف في فصل الصيف حيث توجد به مصاطب حجرية أو دكك خشبية (115)، وتواجه واجهة التختبوش المطلة على الصحن عادة الشمال لاستقبال الرياح الشمالية الباردة .
وقد وجد التختبوش في العديد من مساكن القاهرة الإسلامية(116) كما في بيت السحيمي (بمقاسات 6.00 , 4.800 م ) وبيت السناري (بمقاسات 5.10 – 8.10 م ) ومنزل علي كتخدا (بمقاسات 5.50 – 6.85 م ) ومنزل علي لبيب جبر (بمقاسات 3.60 – 5.50 م )، ويرى حسن فتحي (117) أن التختبوش يعتبر أحد التعديلات التي أدخلت على مفهوم الفناء لضمان تدفق الهواء بفعل الحمل Convection, حيث يتم وضعه بين الفناء الداخلي والحديقة الخلفية فيطل بواجهته المفت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eng-art.yoo7.com
ملك الاناي
مشرفة
ملك الاناي


تاريخ التسجيل : 11/04/2010

المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني   المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني Empty6/24/2010, 23:10

شكرا للمعلومات المهمة جدا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مريم
مشرف
مريم


تاريخ التسجيل : 04/04/2010

المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني   المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني Empty6/25/2010, 16:29

شكرا معلومة مهمة فعلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دكتورة.م انوار صفار
Admin
دكتورة.م انوار صفار


تاريخ التسجيل : 04/04/2010
البلد /المدينة : bahrain

بطاقة الشخصية
المجلة:

المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني   المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني Empty6/29/2010, 11:45

شكرا لمروركم الجميل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eng-art.yoo7.com
 
المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم مباني المدينة -الجزء الثاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم المباني
» المعالجات المناخية في تخطيط وتصميم المباني-الجزءالثالث
» الشروق في ليلة مظلمة
» (ام الجماجم والحب بالمقابر) جمع الاجزاء
» مقال للدكتوره ناعمه عن شخصية الطفل لا يفوتكم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الهندسة والفنون :: --الهندسة البيئية(تشمل البناء الصديق للبيئة)-
انتقل الى: