للزخرفة الإسلامية حضور قوي في المجال الفني، فهي فن مكاني ارتبط بتزيين المعالم الأساسية، وازدهر مع نمو المدن الإسلامية وأكسبها طابعها المميز، وهي فن بصري يأخذ بعده الأساسي من تشكل اللون والفراغ ويقوم بدور الوصل بين الحضارات الغابرة والحاضرة.
تدل الدراسات التي قام بها المختصون في دراسة فنون الزخرفة بصورة عامة والزخرفة الإسلامية على خصوصية بحتة على أن هذا النوع من الفن ظل مستمرا بفضل ما يحتويه من أصالة وجمال وطابع جمالي وروح زخرفية ذات صفات واضحة على عناصرها ووحداتها الزخرفية التي تشكل في نهاية الأمر عملا واحدا مترابطا بهذه العناصر والوحدات.
وقد كان أول من فكر بالزخرفة على دور العبادة هو عبدالملك بن مروان عندما اعتنى بقبة الصخرة في القدس وأعطاها جل اهتمامه لتكون رمزا معماريا يحتوي على أرقى الزخارف الإسلامية التي كما قلنا تبتعد عن تصوير كل ما به روح حتى ورقة الشجرة تجزأ إلى نصفين لتظهر بشكل جامد لا حياة فيه فأسند الإشراف على بناء قبة الصخرة عام 72 هـ إلى رجاء ابن حياة الكندي ويزيد بن سلام اللذين بذلا كل ما لديهما من فن لإخراج القبة بهذا الشكل الذي لا يضاهيه فن حتى يومنا هذا من حيث التقنية الفنية والروعة في المعمار.
وقد يعترف معظم مؤرخو الفنون بأن هذه القبة متكاملة من جميع الجوانب في الفخامة والإبداع الزخرفي بالإضافة إلى البساطة في التصميم وتناسق الأجزاء وروعة في البناء بحيث بنيت القبة وهي تحيط بالصخرة المقدسة التي عرج من عليها الرسول الأكرم - صلى الله عليه وسلم - إلى السماء، وتعتبر جذور فن هذه الزخرفة بحسب ما اتفق النقاد عليه أن الزخرفة الفارسية هي الموارد للزخرفة الإسلامية التي اعتمدت في غالبها على الابتعاد عن أي صورة لأي كائن حي، فاتخذت النباتات وأوراق الشجر عناصر أساسية متداخلة مع بعضها لإعطاء لوحة زخرفية في نهاية الأمر كما تعتبر الزخرفة العثمانية استنباط للمتخصصين في الزخرفة الإسلامية، ولهذا نجد التقارب وثيقا بين الزخرفة الإسلامية التي استخدمت لتزيين بعض المساجد في صدر الإسلام مع تلك التي ظهرت في السلطنة العثمانية، وهي واضحة على أغلب المساجد الأثرية الموجودة في تركيا ومصر، وهي شاهدة على هذا حتى أيامنا هذه.
وقد نجد في بلاد فارس أيضا من يستخدم حروف الهجاء أو أجزاء من قصائد المشهورين أمثال عمر الخيام وسعدي الشيرازي وغيرهما من الشعراء، كما أن الزخرفة الفارسية دخلت في صناعة الحلي والمصوغات أو بعض الأواني الفضية والبرونزية وأصبحت أساسا لبناء مداخل القصور والمباني التي يمتلكها الملوك والأمراء، وقد استمر هذا الفن الزخرفي حيا نابضا حتى هذه الأيام لأسباب عديدة.