العرب تبكي شعر العرب
ماجد الراوي من ديوانه المطبوع ( طيوف ساحرة )
في زمان لم نعد فيه نسمع النابغة الذبياني ينشد
عوجوا فحيوا ل( نعم ) دمنة الدار ----- ماذا تحيون من نؤي وأحجار
ولم نسمع جريرا يقول
لمن الديار ببرقة الروحان ------ اذ لا نبيع زماننا بزمان
ولا لسان الدين الخطيب يصدح :
جادك الغيث اذا الغيث همى ----- يازمان الوصل في الأندلس
يقف المرء ناظرا الى الصحراء العربية قائلا:
تَبْكي تميم وتَبْكي شِعْرَها مُضَرُ = أهْلُ البَلاغَةِ والإبْداعِ ما حَضَرُوا
أيْنَ الجَهابِذَةُ الأعلامُ أيْنَهُمُ = مِنْ حُسْنِ ما صَنَعُوا قَدْ أشْرَقَتْ غُرَرُ
قَدْ أشْرَبُونا كُؤُوسَ الرَّاحِ صافِيَةً = ما في كُؤُوسِهُمُ مُرٌّ ولا كَدِرُ
لِمَجْدِهِمْ أشْرَقَتْ شَمْسُ الضُّحى طَرَباً= وراحَ يَضْحَكُ في آفاقِهِ القَمَرُ
ُوجُوهُ أفْعالِهِمْ في الكون ناصِعَةٌ = عُيُونُ أمْجادِهِمْ في طَرْفِها حَوَرُ
إيقاعُ أشْعارِهِمْ بالحُسْنِ أسْكَرَنا = إذا تَراقَصَتِ الأنْغامُ والصُّوَرُ
وَحُسْنُ إبْداعِهِمْ بالسِّحْرِ أمْتَعَنا = إذا أضاءَتْ على آفاقِهِ الفِكَرُ
جاءَتْ قَوافِيْهُمُ غَرّاءَ واضِحَةً = كأنَّها الحُورُ تَزْهُو تَحْتَها السُّرُرُ
كَعْبٌ وعُرْوَةُ وابْنُ العَبْدِ كُلُّهُمُ = كأنْجُمِ اللَّيْلِ في آفاقِنا انْتَثَرُوا
أهْلُ الفَصاحَةِ والإبْداعِ شِعْرُهُمُ = بادٍ على النّاسِ لا يَخْفَى لَهُ أثَرُ
أسْفارُهُمْ إذْ نأتْ أسْفارُهُمْ بَقِيَتْ = فَوَمْضَةُ الفِكْرِ لا يَنأى بِها السَّفَرُ
بِصَدرِ أُفْقِ العُلا تَعْلُو شُمُوسُهُمُ= وأنْ بِجَوفِ الثَّرَى ضَمَّتْهُمُ الحُفَرُ
يا حَسْرَةَ الشّاعِرِ المُوهُوبِ في زَمَنٍ = لَوْ عاشَ فِيهِ جَريرٌ كادَ يَنْتَحِرُ
الشِّعْرُ رَوْضَةُ حُسْنٍ لا نَظِيْرَ لَها = فِيها الطُّيُورُ وفِيها الزَّهْرُ والثَّمَرُ
قَدْ أوْدَعَ اللّهُ سِرّاً في خَلائِقِهِ = فَلَيْسَ يُحْجِمُ عَنْ تَسْكابِهِ النَّهَرُ
ولا الكَواكِب تُخْفي نُورَها صَلَفاً = ولا عَنِ النّاسِ يُخْفي ظِلَّهُ الشَّجَرُ
أطْلِقْ عِنانَكَ كالماضِيْنَ يا قَلَمي = وَحَيِّ عَنِّي الأُلى ماتُوا وما انْدَثَرُوا