كثير من الناس يمرون على آيات الله دون تدبر أو تفكر بينما المسلم يدرك عظمة خالقه وإبداعه سبحانه وتعالى فى خلقه ومن هذه الآيات ما أعطاه الله عز وجل الإنسان من أعضاء تدل على عظمة الخالق. وكثير من الناس يظن أن هناك أعضاءً ليست لها فائدة للإنسان مثل الشعر والأظافر..
فحاش لله تعالى أن يخلق شيئاً عبثاً لا فائدة له (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْءٍ) (النمل:88) فسبحانه خلق الإنسان فى أحسن تقويم وكرمه أعظم تكريم وزينه بالشعر والأظافر والأسنان فى أماكن مخصوصة لكى يزيد الإنسان بهاءً وجمالاً فكل منها له حكمة فى جعله ينمو فى مكان ووقت معين فيجب على الإنسان أن يفكر ويتدبر فى عظمة خالقه لذلك ورد فى الأثر «تفكر ساعة خير من قيام ليلة» وسوف نتناول فى هذه المقالة الإعجاز فى نعمة الشعر.
الشعر عضو ملحق بالجلد وهو زينة فطرية جعله الخالق عز وجل للبشر ولكثير من الحيوان بل إن الكثير من النباتات لها أوبار تقابل الشعر فى الإنسان والحيوان وهى فى النبات أيضاً زينة وجمال فتبارك الله أحسن الخالقين.
ويغطى الشعر جلد الإنسان ما عدا راحتى اليدين وأخمص القدمين وتتراوح غزارة الشعر ما بين (40-800 شعرة/ فى كل سنتيمتر مربع من الجلد) وأغزر الشعر يكون فى الرأس وتحت الإبطين وفى العانة وفى اللحية عند الرجل فسبحان الله فالشعر يملأ الرأس تماماً فى حين ينحسر عن باقى أجزاء الجسم حتى يكاد يكون معدوماً.
حكمة ربانية
يلحق بالشعر ملايين الغدد الدهنية التى تقع عند جذور الشعر فتجد مع كل شعرة غدة دهنية خاصة بها ولهذه الغدد الدهنية فائدة كبيرة جداً فى ترطيب الشعر والمحافظة على حيويته وهذه الغدة تعمل على تزييت الشعر بواسطة مادة زيتية تفرزها الغدة والتى تصب محتوياتها فى كيس الشعرة عبر قناة تصل بينها وبين جذر الشعرة. وتلحق بالشعر أيضاً ملايين الغدد العرقية أيضاً التى تفرز العرق وتساعد فى تعديل درجة حرارة الجسم فالحرارة التى تتولد داخل الجسم وتفيض عن حاجته يتشرب جزء منها عبر الجلد ويتبخر الجزء الآخر وخلال الغدد العرقية المنتشرة فى الجلد والشعر وكذلك يوجد بالقرب من كل شعرة نهاية عصبية تسمى بقعة لمس فعندما تزحف حشرة على الجلد فإنها تحدث اضطراباً فى الشعيرات محدثة تغييرات فى حاسة اللمس فتشعر بإحساس ينذرك بوجود الحشرة ومن عظمة الله تعالى أنه لا توجد شعيرات عند أطراف الأنامل ولكنها حساسة جداً لأسباب أخرى فإننا لو رفعنا راحة اليد وفحصنا جلدها لوجدنا خطوطًا عليها بارزة بينها أخاديد دقيقة تشكل أنماطا من الأقواس والدوائر وهذه الخطوط البارزة حساسة جداً نستعملها باستمرار لنتحسس بها طبيعة الأشياء.
تركيب الشعر تشريحياً
يعتبر الشعر زوائد بروتينية تنمو على أجسام الثدييات ويظهر الشعر فى جسم الجنين خلال الشهرين الأولين من عمر الجنين ويتركز فى الحواجب والشفة العليا والذقن أما شعر باقى مناطق الجسم فيظهر فى الشهر الرابع. أما فى سن البلوغ فيظهر الشعر فى أماكن أخرى غير الرأس مثل العانة والإبط والساق وفى الرجال يظهر شعر اللحية والشارب والصدر ويعتمد هذا الشعر على نسبة هرمون الأندروجين.
ويتكون الشعر من لب وقشرة والطبقة الكيتينية والغلاف الجدرى الداخلى ومن خصائص الشعر النمو إلا أن الجزء الظاهر منه عديم الحياة ولكن الجزء الغائر فى الجلد ويسمى الجذر والموجود فى تجويف داخل طبقات الجلد يسمى غمد الشعرة، وهذا الغمد يفتح للخارج بفتحة قمعية الشكل وينتهى الجذر بجزء منتفخ يسمى البصيلة الشعرية التى تتصل بالأوعية الدموية والأعصاب التى تعطيها الغذاء والحساسية فمن هنا لابد من توفير غذاء محمل عن طريق الدم النقى لينشط نمو الشعر ويقويه وقد أثبت الاختبار أهمية الغذاء والتمرينات البدنية وفائدة الاستحمام والتدليك لتنشيط الدورة الدموية.
ومن الظاهر للعيان أن وجود العوامل القاهرة التى تعوق دورة الدم فى الجلد مثل ضغط الطربوش مثلا أو العمامة أو الأربطة الضيقة فى القبعة قد تنقص موارد الدم فى فروة الرأس مما يؤدى إلى موت الشعر.
كذلك وجود غدة دهنية فى تجويف الشعرة لتحفظ الشعر لينا فلا يتقصف.
الشعر فى الإنسان
يبلغ العدد الإجمالى للشعر فى الإنسان 5 ملايين شعرة منها 100 ألف إلى 150 ألفاً فى فروة الرأس ويسقط منها بمعدل طبيعى بواقع 30-100 شعرة يومياً. وتحتوى لحية الشخص البالغ على ما يتراوح بين 7 آلاف و 15 ألف شعرة أما الحاجب الواحد فيحتوى على ما يتراوح بين 7 آلاف و 15 ألف شعرة أما الحاجب الواحد فيحتوى على ما يتراوح بين 450-600 شعرة.
فسبحان الله الذى جعل فى الإنسان مصانع للشعر فكل شعرة لها مصنع تنمو وتنتج إلى أن تبلغ أشدها ثم تهرم فتموت.
نمو الشعر
تنمو الشعرة بمعدل (0.1 ملم يومياً) أى نحو (1 سم كل شهر) ويمكن أن يتجاوز طول الشعر طول الإنسان نفسه بعدة مرات فشعر الإنسان ينمو ثم يتساقط وينمو شعر بديل عنه وهكذا وتمر الشعرة بثلاث مراحل:
* مرحلة النمو- مدتها على الرأس تتراوح بين 2-6 سنوات، ومرحلة النمو تختلف من إنسان لآخر بشكل كبير.
* مرحلة الراحة- يتوقف خلالها الشعر عن النمو.
* مرحلة التساقط- وتنفصل خلالها الشعرة عن جذرها وتسقط.
ولعل أطول شعر مسجل وموثق علمياً هو شعر الهندى الذى وصل طول شعره عام 1949 إلى 7.93م ووصل أيضاً طول لحية النرويجى إلى 5.33م ووصل طول شارب الهندى إلى 2.59م.. فإذا حلق الإنسان رأسه بمرور الوقت يطول الشعر ويعود كما كان وإذا تركه الإنسان ازداد طولاً دون أن يقف عند حد معين. وهناك شعر له حدود فى النمو يقف عندها مثل شعر رموش العين فإذا تم قصه أو سقط تعود الرموش وتنمو وتصل إلى طولها السابق ثم تقف دون زيادة.
هرمونات الشعر
يخضع الشعر لتأثير العديد من الهرمونات فيزداد نمو الشعر بزيادة إفراز الثيروكسين من الغدة الدرقية بينما يقلل هرمون الإستروجين الذى يفرزه المبيض من نمو الشعر.
ويعتمد نمو الشعر فى الإبط والعانة وشعر الذقن على هرمون الأندروجين الذى يفرزه الخصية يبدأ شعر العانة فى الظهور فى سن 19 سنة فى الذكور و 14 سنة فى الإناث وقد يظهر قبل ذلك فى حالات قليلة ويظهر شعر الإبط بعد سنتين من نمو شعر العانة ويظهر شعر الوجه فى نفس الوقت تقريباً ثم يظهر شعر الساقين والفخذين والساعدين والبطن ويزيد خلال سنوات البلوغ ومن عظمة الله أن لكل شعرة وريدًا وشريانًا للتغذية وعضلة للتحريك تعمل أثناء البرد وكذلك لكل شعرة عصب وغدة دهنية وعرقية وصبغية فسبحان الله وصدق القائل:
وفى كل شىء له آية
تدل على أنه الواحد
أنواع الشعر
للشعر أربعة أنواع:
1- الشعر الدهنى: هو الشعر الذى تظهر فيه الدهون أو أنه يفقد تسريحته بسرعة.
2- الشعر الجاف: هو الشعر الذى يتعرض للجفاف بعد غسله وأنه يفقد لمعانه فى الوقت نفسه.
3- الشعر العادى: هو وسط ما بين الشعر الدهنى والشعر الجاف فلا تظهر فيه الدهون الكثيرة ولا يبدو فيه الجفاف بوضوح فلا هو جاف ولا هو دهنى.
4- الشعر المختلط هو الشعر الذى يتميز بزيادة الدهون بفروة الرأس وقلة الدهون بالأطراف أى دهنياً من أعلى وجافاً من أسفل وهذا أصعب أنواع الشعر ويحتاج إلى عناية فائقة.
ويمكن تقسيم الشعر إلى أنواع حسب الشكل فهناك شكل قصير وهش ونسميه (صوفى) وهو فى أجناس السود. وآخر مستقيم نحيل وطويل وخشن وهذا هو شعر الصينيين والمغول والهنود والأمريكيين والآخر متماوج وهو الشعر الأوروبى وهو الأشقر.
فوائد شعر الإنسان
1- حماية الرأس من الأشعة فوق البنفسجية الضارة.
2- حماية الإنسان من حرارة الشمس العالية أو البرودة الشديدة.
3- تقليل الفقد الحرارى من الجسم فى الأيام الباردة عن طريق حجز الحرارة بين خصلات الشعر.
4- علامة مميزة للإنسان ومن علامات الجمال والزينة.
5- علامة على الاتزان الهرمونى بالجسم وهو ما يظهر فى فترة البلوغ من نمو شعر الإبطين والعانة ويكون شكل توزيع الشعر مختلفا فى الرجال عن النساء وخصوصاً فى منطقة العانة فينتهى شعر العانة فى الأثنى على شكل خط تحت السرة أما الرجل فينتهى عند السرة على شكل هرمى.
6- علامة مبكرة على وجود بعض الأمراض فسقوط الشعر يظهر مع اضطراب الغدة الدرقية والأنيميا... إلخ.
7- يعد خط دفاع ضد الميكروبات والبكتريا والأتربة مثل شعر الحاجبين والرموش والأنف والأذن.
8- مصفاة للسموم من الجسم وقد وجدت بالشعر تركيزات عالية من العناصر الثقيلة مثل الزئبق والرصاص فى حالات التسمم.
9- وقد أثبت العلم الحديث أن هناك فائدة مهمة وهى الاتزان حيث المسؤول عنها هو نوع مخصص من خلايا الشعر موجود بالأذن ويسمى خلايا الشعر الحسية.
لون الشعر
يرجع لون الشعر إلى مادة الميلانين فى الخلايا الملونة والتى تعتمد اعتماداً كليا على الثيروكسين، وإنزيمه والشعر أصلا لونه أبيض ولكن توجد مواد صبغية فى بصيلات الشعرة تعطيها اللون الذى تظهر به أصفر أو أسمر أو أشقر أو أحمر فى وجود مادة الميلانين فى بصيلات الشعر هى التى تعطى للشعر لونه ومع تقدم العمر للإنسان يقل إفراز مادة الميلانين الملونة للشعر بسبب إصابة الخلايا المفرزة لها بالشيخوخة فيبدأ الشعر الأبيض فى الظهور بالتدريج وهناك بعض الأفراد قد تجاوزوا الستين من عمرهم ولا يزال شعرهم أسود نتيجة لذلك بينما قد تشاهد بعض الشباب والأطفال دون العاشرة من العمر وقد بدأ الشعر الأبيض يغزو رءوسهم وسوف نتناول إن شاء الله فيما بعد وبشىء من التفصيل الحديث عن الشيب.
اكتشاف حديث للشعر
أثبتت دراسة كندية أن ضغوط الحياة المستمرة تبدو آثارها على شعر الإنسان وبالتالى فيمكن من خلال الشعر اكتشاف إمكانية الإصابة بالنوبات القلبية وذلك يرجع إلى أن هرمون الإجهاد النفسى المسمى (كورتيزول) يخزن فى الشعر مثل الكوكايين ووجد العلماء نسبة عالية من هرمون الكورتيزول فى شعر المرضى الذين أصيبوا بنوبات قلبية وقد أثبت الباحثون التعرف على المدة التى تعرض الشخص فيها لضغوط الحياة من خلال وجود هذا الهرمون فى الشعر الذى يصل طوله إلى أكثر من ثلاث سنتيميرات.
سقوط الشعر
للشعر أمراض عدة تصيبه تسبب سقوطه أو تقصفه ليس هذا مجال الاستفاضة فيها ولكن على العموم ليست جميع الحالات ترجع إلى المرض فهناك أسباب لتساقط الشعر:
1- تغير الهرمونات بالجسم أثناء الحيض، أو العمل، أو الرضاعة أو أخذ أدوية معينة قوية..
2- اتباع نظام غذائى معين (الرجيم).
3- الضغوط النفسية وكثرة التفكير والهم والسبب الشائع هو الإرهاق.
4- الأنيميا وفقر الدم نتيجة سوء التغذية.
5- استخدام مواد كيميائية للشعر مثل الأصباغ والأوكسجين.
6- التقدم فى العمر.
7- السرطان حفظكم الله.
8- التدخين.
9- استخدام الاستشوار بكثرة.
10- نوعية المشط الرديئة.
11- أمراض الغدة الدرقية.
12- وقد يزداد سقوط الشعر نتيجة الإصابة ببعض الأمراض أو زيادة هرمون الذكورة تستوثيرون عند الرجال الذى يسبب الصلع فى حين أنه يسبب زيادة شعر الجسم.
13- الوراثة.
14- استخدام خلطات، الزيوت بكثرة وباستمرار.
كيفية الوقاية والعناية بالشعر
1- عمل مساج أى تدليك الرأس على الأقل فى الأسبوع مرة لتنشيط الفروة والدورة الدموية للبصيلات الشعرية.
2- الإكثار من الفيتامينات والسوائل والكالسيوم والدهون والبروتينات والسمك.
3- الإكثار من الخضراوات الطازجة (الجرجير والخس والسبانخ).
4- استخدام نوعية المشط المناسب.
5- تجنب الأصباغ واستخدام المواد الطبيعية مثل الحناء وغيرها.
6- تقليل استخدام الاستشوار على الأقل مرة فى الأسبوع.
7- تغيير الشامبو والبلسم والكريم مرة كل 4 أشهر على الأقل.
8- تجنب الاضطراب النفسى والعصبى.
الإعجاز فى الشيب
إن أحدث الدراسات العلمية يؤكد أن الضغوط النفسية الكبيرة تؤثر على شعر الرأس وتجعله يشيب وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم فى قوله تعالى: (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُم يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً) (المزمل:17) ففى هذه الآية إشارة إلى أن أهوال يوم القيامة تجعل شعر الأطفال يشيب من شدة الضغوط والأهوال.
قد كشف علماء فى اليابان عن ارتباط ظهور الشيب بمرور الإنسان بظروف عصبية والشعور بالضغط النفسى الذى يجعل الخلايا الجذعية المسؤولة عن تزويد جريبات الشعر باللون الطبيعى للتلف وهو ما يسبب الشيب.
والسؤال الآن لماذا خص القرآن الكريم شعر الرأس بالذكر مع العلم أن أهوال يوم القيامة تؤثر على جميع أعضاء الجسد فلماذا الشيب بالذات؟
ذلك يرجع إلى أن أى تغيرات تحدث نتيجة الضغط النفسى يمكن أن تزول أو تعالج أو تختفى تدريجياً مع الزمن ولكن تلف الخلايا الجذعية الناتج عن الضغط النفسى وبياض الشعر هو أمر غير قابل للتغير أو المعالجة إنها عجائب القرآن التى لا تنقضى وأسراره التى لا تنتهى، قال تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّى وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّى وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) (مريم:4).
ما المادة التى تظهر الشيب؟
توصل باحثون إلى أن زيادة إنتاج سائل بيروكسيد الهيدروجين أبرز الأسباب التى تقف وراء الإصابة بالشيب مع تقدم العمر كما توجد هناك أسباب أخرى كما ذكرنا تتعلق بعوامل نفسية ووراثية.
فهذه المادة سائلة وشفافة أثقل من الماء تؤثر على الجلد فتحرقه وهو سائل يشتعل بشدة إذا تعرض للحرارة فهذه المادة تستخدم بتركيز 3% من أجل صباغة الشعر وكمطهر طبى وكذلك تستخدم أيضاً كوقود للصواريخ فهى مصدر للأكسجين من أجل سهولة الاشتعال وهى قابلة للانفجار والاشتعال.
آلية شيب الشعر
أى تحول الشعر من أصل لونه إلى اللون الأبيض فسائل بيروكسيد الهيدروجين يزداد ويتضاعف مع تقدم الإنسان فى العمر فيصعب على الجسم المتقدم فى السن تحويل هذه المادة إلى ماء وأكسجين كما هو الأصل بواسطة الأنزيم كاتلاز وهو ما يؤدى بدوره إلى منع تكون مادة الميلانين التى تنتجها الخلايا الصبغية والمسؤولة عن ألوان الشعر والعين والجلد وللعلم إن هناك نوعين من الميلانين غامق وفاتح وحسب نسبة المزج بينهما تأخذ الشعرة لونها.
هذا كله يؤدى إلى زيادة وتراكم بيروكسيد الهيدروجين الذى يهاجم بدوره الإنزيم المسؤول عن إنتاج المادة الصبغية وبالتالى تتعطل عملية إنتاج صبغة الشعر بالميلانين ويبدأ الشيب بالظهور.
ومن المعلوم أن ظهور الشيب مطلقاً لا يعنى التقدم بالسن فقد يظهر الشيب قبل البلوغ أو بعده لأسباب كثيرة أخرى. وهناك بعض حالات الشيب المبكر تكون مؤقتة إذ قد تعاود الخلايا الملونة نشاطها مرة أخرى بعد زوال المؤثر وبالتالى يعود الشعر إلى لونه الأصلى. وتضيف بعض الأبحاث أن الخوف الشديد يمكن أن يؤدى إلى تعطيل إنتاج مادة الميلانين وبالتالى ترى أطفالاً أو شباباً فى سن صغيرة وقد شاب شعر رأسهم، فقد يخاف إنسان خوفاً شديداً فيشيب شعر رأسه! وما زالت أسرار خلق الإنسان كثيرة ولم يتوصل إليها أحد وصدق رب العزة: (وَمَا أُوتِيتُم مِن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) (الإسراء:85).
بعض الحكم الطبية المستفادة
من التوجيهات النبوية
هناك حكم كثيرة ومسائل فقهية ولكن تكفينا الإشارة السريعة فليس هذا مقام ذكرها بالتفصيل ومنها:
- حلق الشارب وإعفاء اللحية: لقول النبى صلى الله عليه وسلم: «أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى» وقد ثبت علميا الحكمة من إعفاء اللحية وعدم حلقها وذلك أن حلق اللحية بالشفرة الحادة يؤدى إلى قطع وتمزيق شعيرات دموية دقيقة بالوجه، لا ترى بالعين المجردة مما يؤدى إلى دخول الميكروبات وحدوث التهابات مستمرة لهذه المنطقة الحساسة من الوجه.
- النهى عن نتف الشيب، فقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نتف الشيب وقال هو نور المؤمن» لأنه ينبت ثانياً شيباً وتكرار النتف يؤدى إلى الالتهابات ودخول الميكروبات للجسم عن طريق البصيلات المثبتة للشعر.
الاستحداد وهو إزالة شعر العانة والإبط وهو من خصال وسنن الفطرة ويكره ترك الاستحداد لأكثر من أربعين يوما لحديث أنس رضى الله عنه: «وقت لنا فى قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة» ويستحب مواراة الشعر المقصوص أو المنتوف بدفنه وفى هذا نوع من الوقاية لاحتمال أن يحمل الشعر بعض العوامل المرضية أو بيوضات الحشرات كالقمل وغيره.
قول النبى صلى الله عليه وسلم: «من كان له شعر فليكرمه» حيث يحتاج الشعر إلى عناية متواصلة وغسل بين الحين والآخر لتخليصه مما يعلق به من غبار ونحوه وما يتراكم عليه من إفرازات للغدد الدهنية والعرقية وقد أشار النبى صلى الله عليه وسلم لوجود هذه الغدد وذلك لقوله: «تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وانقوا البشر» وفى هذا الحديث دليل على أن النبى صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى بل عن الوحى فمن أدراه صلى الله عليه وسلم بتلك الغدد الدهنية والعرقية الملحقة بكل شعرة إلا أن يكون وحياً يوحى؟
وهكذا تتضح لنا روعة التوجيهات النبوية فى الدعوة إلى الاهتمام بالشعر وهى كثيرة جداً وتتفق مع مقررات الطب الوقائى لصالح صحة الإنسان.
والله وحده من وراء القصد والهادى إلى سبيل الرشاد.