المرأة في مختلف العصور .
كانت المرأة قبل الإسلام كما مهملا لا قيمة له عند أمم الأرض، وإذا كان من فضل في تكريمها، فيعود إلى الإسلام الذي كان أول دين كرمها وعنه أخذت أمم الأرض. ولتوضيح ذلك نستعرض مكانة المرأة في مختلف العصور التي سبقت الإسلام ثم نستعرض مكانتها التي قد خصصها الإسلام لها تكريماًً وتعظيماً لها كإنسان ذو قيمة وكيان فهي بمثابة الركيزة الأساسية في المجتمع المسلم، بعكس العصور السابقة وخلاف الديانات الأخرى.
أولاً: مكانة المرأة في العصور القديمة:
المرأة في الصين:
كانت المرأة تحتل في المجتمع مكانة هينة، ولقد كتبت إحدى سيدات الطبقة العليا بالصين رسالة قديمة تصف فيها مركز المرأة، فكان مما جاء فيها: "نشغل نحن النساء آخر مكان في الجنس البشري، ويجب أن يكون من نصيبنا أحقر الأعمال، ومن أغانيهم وآلاما أتعس حظ المرأة، ليس في العالم كله شيء أقل قيمة منها، إن الأولاد –يقصد الذكور- يقفون متكئين على الأبواب كأنهم آلة سقطوا من السماء، أما البنت فإن أحدا لا يسر بمولدها ..وإذا كبرت اختبأت في حجرتها تخشى أن تنظر في وجه إنسان ولا يبكيها أحد إذا اختفت من منزلها".
وقد سميت المرأة في كتب الصين القديمة (بالمومياء المؤلمة).
المرأة في الهند:
وفي الهند نجد في أساطير مانو"عندما خلق النساء فرض عليهن حب الفراش، والمقاعد، والزينة، والشهوات الدنسة، والغضب، والتجرد من الشرف، وسوء السلوك..والنساء دنسات كالباطل نفسه، وهذه مقاعد ثابتة".
وفي حضارة الهندوس:
إن عادات الزواج بين الهنود القدامى تأخذ صورة أسوأ لا تأخذ إلا صورة بيع رجل لابنته، فهي إذن لا ترث زوجها لأنها بضاعته، ولا ولدا لأنها مستولدة أبيه، ولا أباً لأنها قطعة من مملوكاته معروضة للبيع تحت اسم التزويج.
وفي عقيدة ساتي:
ويجب على كل زوجة يموت زوجها أن يحرق جسدها على مقربة جسد زوجها المحروق، ومن لم تفعل أذلها الشعب إذلالا يجعل الموت أهون وأكثر راحة من الحياة.
وفي الحضارة الإغريقية:
قال سقراط الحكيم: "إن وجود المرأة هو أكبر منشأ ومصدر للأزمة والعالم".
إن المرأة تشبه شجرة مسمومة، ظاهرها جميل ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالا.
المرأة في الجاهلية:
إننا ننظر إلى صفحات التاريخ في هذا الموضوع؛ لأن نصوصنا تثبت أن الملل القديمة في الجاهلية كانت تنظر نحو المرأة نظرة التحقير والإهانة، مما لا يتفق مع كرامتها الإنسانية، بل كانت تعاملها بأنواع الظلم وتدفعها نحو الهاوية والذل والهوان.
تلك الحقائق التي تخيل للمطالع بأنه لم يكن للمرأة في ذلك العهد شأن كإنسان في المجتمع الإنساني.
المرأة لدى ملة اليونان:
إن الاثنيين من اليونان كانوا ينظرون إلى المرأة كمتاع وربما يعرضونها في السوق للبيع ويبيعونها، وكان هذا من حق الزوج على زوجته متى شاء على ما هو المعروف بين مجتمعاتهم.
وفوق ذلك فإنهم كانوا يعتبرون النساء عامة رجسا من عمل الشيطان، وعلى هذا الأساس يجعلونهن محرومات عن حقوق الإنسانية، وكان قدماء اليونان يعتقدون أن المصائب في الآمال والفشل في نيل المطلوب إنما هي تأتي من غضب الأصنام المعبودة الباطلة لديهم، ولهذا فإنهم عند حلول أي مصيبة في المجتمع أو خيبة أو فشل كانوا يقدمون البنات قربانا إلى آلهتهم.
وأن تاريخ الرومان يروي لنا أن مؤتمرا كبيرا انعقد في رومية حيث بحث عن شئون المرأة وانتهى إلى اتخاذ قرارات كما يلي:
1) إن المرأة موجود ليس لها نفس (شخصية إنسانية) ولهذا فإنها لا تستطيع أن تنال الحياة في الآخرة.
2) يجب على المرأة أن لا تأكل اللحم وأن لا تضحك، وحتى يجب عليها أن لا تتكلم.
3) إن المرأة رجس من عمل الشيطان، ولهذا فإنها تستحق الذل والهوان في المجتمع.
4) وعلى المرأة أن تعطي كل حياتها في طاعة الأصنام وخدمة زوجها.
المرأة لدى ملة فارس:
كانت المرأة لدى ملة فارس في انحطاط وذلة أيضا، فإن التقاليد القديمة في فارس كانت تهين المرأة، وتنظر إليها نظرة التعصب المذهبي الباطل والتشاؤم بها، وإن الأفراد المتعصبين في الديانة الزردشتية، كانوا يحقرون شأن المرأة، ويعتقدون أنها سبب الشرور التي توجب العذاب والسخط لدى الآلهة، ولهذا يبيحون لها أن تعيش تحت أنواع من الظلم، وكانت المرأة في مذهب فارس القديم تحت سلطة الزوج، حتى إن الزوج كان يتصرف في زوجته تصرفه في حاله ومتاعه وكان له أن يحكم بقتلها مع أن تعدد الزوجات أيضا كان شائعا بدون شرط أو تحديد عدد.
المرأة لدى العرب في الجاهلية:
أما العرب في عهد الجاهلية فإنهم كانوا يعتبرون المرأة جزءا من الثروة، ولهذا فإن الأرملة كانت تعد ميراثا لابن الموروث، وكانت هذه العادة الظالمة جارية بصفة خاصة بين قبائل اليمن الذين كانوا يعيشون مع أسر الإسرائيليين والصابئين وكان تعدد الزوجات شائعا في جميع قبائل العرب بدون شرط أو تحديد حد تابعا لهوى الرجل.
وبالإجمال فإن مقام المرأة في المجتمع العربي قبل الإسلام كان نازلا إلى حد ينكره الضمير الإنساني، وفي هذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "والله كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا، حتى نزل قول الله فيهن ما أنزل"، فقد أفاد بهذا القول الوجيز ما كانت المرأة عليه في العهد الجاهلي من انحطاط وذلة، ثم صارت إليه من رفعة وعزة، وإنما ذلك في ظل تعاليم الإسلام، ومبادئه الحكيمة.