من شعراء حمص محمد رضا صافي. ( 1325 – 1409 ) هـ ( 1907 – 1988 )م.
ولادته ونشأته :
ولد الأستاذ أبو نجم محمد رضا نجم الدين صافي في مدينة حمص ( وسط غربي سورية ) يوم الجمعة 17 رمضان عام 1325هـ / الموافق 25 تشرين الأول 1907 م ،ونشأ في ظل أسرة مسلمة فقيرة ، وأصابته مرارة اليتم ، وهو صغير
دراسته:
لما بلغ الطفل رضا صافي سن السادسة درس في الكتاب القرآن والتجويد ، ومبادئ القراءة والحساب على يد الشيخ حسين السباعي في غرفة في الجامع النوري الكبير بحمص .
ثم درس القرآن الكريم في كتّاب الشيخ حامد عبد الجليل بحمص .
ثم درس في مدرسة ( نجاح الدارين ) التي أسسها الشيخ خالد عيون السود ، والتي كان أبوه أستاذاً بها ، وكان يدرس اللغة الفرنسية فيها مسيو رشيد من لبنان .وتعلم فيها مبادئ النحو ومبادئ العروض (1918) ، ثم التحق بحلقات دراسة اللغة العربية في مساجد المدينة ، فدرس النحو والصرف والبلاغة.
درس في الكلية العلمية ، التي كانت تدرس باللغة التركية وذلك عام 1915 م .
حصل على شهادة دار المعلمين ، ودرّس في مدرسة ( جب الجراح ) الابتدائية عام 1927 م .
حصل على الثانوية ، فرع الأدبي عام 1930 م .
حصل على بكالوريا التعليم الثانوي – قسم الفلسفة عام 1940 م .
ثم حصل على إجازة في الحقوق من جامعة دمشق عام 1951 م .
شاعريته :
حفظ الشعر منذ الصغر ، وكان مما حفظه ( نصائح الغلمان ) لأمين الجندي :
وكن شجاعاً لا تكن جبانا إن الجبان لم يزل مهانا
لا تفاخر بجدود ونسب ما الفخر إلا بالعلوم والأدب
ماذا يفيد المرء وهو جاهل أبوه أو أجداده الفاضل
ومن ثمكتب الشعر منذ شبابه المبكر ، والتقى بالشاعر بدر الدين الحامد في حمص عندما كان يدرس اللغة العربية في المدرسة التجهيزية في حمص عام 1925 م ، فكان يسمعه الشعر ، فأفاد من خبرته ، ثم رحل إلى دمشق ، فأخذ يتردد على ندوة ( عبد القادر المبارك ) ، وتعرف فيها على جيل الشباب الدمشقي
وكان من بواكير شعره :
تسع وعشر ، وهذي النفس قد سئمت جـور الحياة وملّت غدر أهليها
يا ويحها ، وهي في ريعان نشأتها تشكو ، فكيف إذا ابيضت نواصيها
وألقى قصيدة عام 1927 م أمام الشيخ عبد القادر المبارك عندما أقامت الجمعية الخيرية الإسلامية في حمص حفلة دينية ، جاء في أبيات تلك القصيدة :
أقسم الجهل أن يهدّم مجداً شيدته النهى ، فبرّت يمينه
إنما العز والفخار لشعب شرعه العلم والمعارف دينه
وإذا العلم كان سلّم شعب نالت الشمس في السماء يمينه
ويشجعه الأستاذ المبارك : لا يفضض الله فاك ، فقد أذكرتنا نغمات داود .
ونشرت القصيدة في جريدة ( الأحرار البيروتية ) بتاريخ 23 تموز 1927 م . فكانت أول قصيدة تنشر له .
ويرثي الأستاذ محمد كرد علي ، فيقول :
ما رأى الناس قبل يومك نعشاً سار جبريل آخذاً بعنانه
وطلب الأستاذ المبارك حذف هذا البيت قبل النشر ، لأن الملائكة سارت في جنازة سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – ولا يجوز تشبيه كرد علي بمحمد في هذا المقام .
وكان ينشر في المقتبس أشعاره .
وتعرف في ندوة الشيخ عبد القادر المبارك على شعراء الشام ، مثل : الكرمي ، والمحاسني ، وخليل مردم ، وشفيق جبري ، ومحمد البزم .
ونشر شعره في مجلة ( البحث ) التي صدرت في حمص عام 1931 م .
وصار أمين تحرير مجلة ( الأمل ) ، وكان ينشر فيها أحمد مظهر العظمة ، وسامي الدروبي ، وعبد الكريم اليافي ، ...ومن الشعراء بدر الدين الحامد ، ورضا صافي ، وحليم دموس ...
وسئل مرة عن مذهبه في الشعر فقال :
سلفيّ أبي الحطيئة في الشعر وأمي تماضر الخنســـــاء
نسبٌ في البيان أصفى من النور وأنقى مما تهلُّ السماء
فهو إتباعي تقليدي من المدرسة الكلاسيكية ..التي تحاكي القدماء ، وتعلي من شأن العقل ، وتهتم بالوضوح في الألفاظ والمعاني والصور ، وتمتاز بالجزالة ، وسيطرة الروح الخطابية ....
أعماله :
اشتغل معلمًا في ريف حمص .
ثم استقر بالمدينة رئيساً لتحرير مجلة « الأمل » في الأربعينات .
ثم أسس إعدادية « حليمة السعدية » للبنات .
كما عمل بجريدة « فتى الشرق » الحمصية ، ومن خلال عمله بها ، واتصاله بشعراء المدينة ذاع شعره ، ووجد طريقه إلى النشر في « الأحرار » البيروتية ، و« القبس » الدمشقية .
أسس مدرسة في قرية تلبيسة عام 1929 م .
انتسب للماسونية ، ثم انسحب منها بصمت عند اكتشافه جذورها اليهودية .
وانتخب عضوًا في الجمعية الخيرية الإسلامية (1937) ، كما كان عضوًا في اتحاد الكتّاب العرب - فرع حمص.
نقل إلى حمص عام 1930 م ، وعمل في المدرسة الخيرية الرسمية .
وبعد إصابته بالصمم وهو في ريعان شبابه ، نقل إلى عمل إداري عام 1935 م .
عمل محاسباً في المديرية بحمص .
أحيل إلى التقاعد عام 1953 م .
كان قوميًا عربيًا ، اعتزل العمل السياسي أعقاب حركة انفصال سورية عن مصر ( 1961 ) .
الإنتاج الشعري :
1- له كتاب : «على جناح الذكرى» - في أربعة أجزاء - وزارة الثقافة - دمشق - 1980 - 1986 وقد ضمنه مقطوعات من شعره ،وبقيت تلك الأصداء الاجتماعية والقومية والإنسانية في تلك النفس الكبيرة مطبوعة بحروف نورانية. وكأنما خشي عليها في أكلأ العمر أن تضيع أو تفوت بوفاته فعمد إلى تسجيلها بريشته الماسية وبلاغته السلسة في كتابه "على جناح الذكرى". وهكذا استوعب الكتاب بأجزائه الأربعة حقبة واسعة من الزمن بما فيها من نشوء وجد وعناء ورجاء وعلم وتعليم وكفاح ونضال وتقدم وما شئت من مشكلات اجتماعية ونفسية وثقافية وتحررية. كتب في مقدمة الكتاب: "وإنما كان الهدف أن أعرض لمواطني أبناء بلدي حمص ولا سيما أجيال الشباب واليافعين منهم لمعاً من حياة أجيال تقدمتهم في بلدهم هذا الحبيب وملامح من معالمه ومظاهره وأطرافاً من تقاليده وعاداته وشذرات من كفاحه ونضاله. فإذا لم يكن فيها ما يفيدهم فإني لأزعم أن فيها ما يطرفهم حيناً ويثير فخارهم واعتزازهم في كثير من الأحيان".
ولما كانت البلاد العربية السورية تكاد تكون الأحداث الجارية عليها واحدة والصروف التاريخية والاجتماعية متشابهة ومتناظرة كان ذلك الكتاب لا يصور حياة حمص بمجملها وتفاصيلها وحدها في تلك الحقبة الزمنية بل حياة المدن السورية كلها تقريباً.
فالكتاب سجل واف وحافل بصور الحياة وصور المدينة وصروفها وأحداثها في ذلك العهد القصير المتطاول.
2- وله قصيدة : إلى الشاعر نذير الحسامي - مجلة التراث العربي - دمشق (العدد 18) يناير 1985.
الأعمال الأخرى :
3- له مجموعة مسرحيات للأطفال، بعنوان: « صرخة الثأر » - وزارة الثقافة - دمشق 1980 .
4- وله مقالات متنوعة الموضوع ، أدبية ، نشرت بمجلة « الموقف الأدبي » التي يصدرها اتحاد الكتّاب العرب بدمشق، ومجلة «التراث العربي» - التي يصدرها الاتحاد نفسه.
أقبل الليل ولليل إذا وافى جلالُ
وتوارى البدر خلف السحب, والسحب ثقالُ
هدأ الكون وهبّ الريح تزجيه الشمالُ
وأوى الزارع للمضجع أضناه الكلالُ
لا يرى أن يبرح المنزل فالسير ضلالُ
ليلة حالكة الثوب أطافت بالأنام
أينما يممّت لم تسلك إلا في الظلام
******
يا معين الظمآن يا ثغر من أه
وى, تقبل في طاعة الحب نفسي
سكرت من جناك روحي لما
أن جعلت المقبّل الحلو كأسي
وتغاضى الزمان عن رشفات
هن راحي, وهن مالظلم والطغيان أنسي
قبلٌ, سحرها أباح جناني
ولظاها المشبوب أخمد حسي