الانقطاع عن الإنترنت يوما واحدا يؤثر على السلوك النفسي لدى البعض

الانقطاع عن الإنترنت يوما واحدا يؤثر على السلوك النفسي لدى البعض

كشفت دراسة أمريكية أجراها الدكتور غاري سامويل أستاذ العلوم العصبية والسلوك البشري في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، أن استخدام الإنترنت لأكثر من ساعتين يوميًا يسبب الإدمان ويؤثر على الدماغ والسلوك النفسي للأشخاص بشكل يشبه التأثير الذي يظهر في أدمغة الأشخاص المدمنين على المسكرات والمخدرات، وأن الاستمرار على هذا الحال يؤدي إلى الإدمان على استخدام الشبكة وعدم القدرة على الابتعاد عنها أو التخلص من استخدامها، وتصل الأمور في حالات كثيرة إلى تشتت الاهتمام والانعزال الاجتماعي، وأظهرت أن انقطاع المدمنين عن هذه التقنية ليوم واحد فقط يؤثر على السلوك النفسي للأفراد المدمنين عليها ويتسبب في ظهور عوارض انسحاب وانكماش نفسية وعقلية لدى بعضهم.

عزلة وإعاقة

المؤلف نيكولاس كار أصدر كتابًا استفزازيًا بعنوان «ماذا تفعل الإنترنت بأدمغتنا؟» قال فيه: الإنترنت نظام للعزلة والإعاقة أكثر منه نظام للتواصل والإنجاز، فهو يستحوذ على اهتماماتنا فقط لكي يقوم بتشتيتها، نحن نقوم بإرسال الرسائل الإلكترونية، ونرسل التغريدات أيضا ونستخدم «فيس بوك» و«غوغل»، إنه عصر مدهش من التقنيات، وأجهزتنا الكومبيوترية يبدو أحيانًا أنها قد تحكمت في حياتنا اليومية، ابتداء من كيفية شرائنا لحاجياتنا، إلى كيفية العثور حتى على شريكات حياتنا، فكيف إذن تقوم هذه الشاشة بالتأثير على أدمغتنا؟».
لكن هذا الكلام لا يبدو جيدًا أو مطمئناً، باعتبار أن عالم الشبكة قد يساعدنا على التأقلم لنصبح متعددي الأعمال والعلاقات ونوسع شبكة اتصلاتنا وأعمالنا، كل ذلك ونحن ما نزال نحتفظ بمهارات فكرية مهمة، لكن الدماغ في النهاية يشبه القطعة البلاستيكية المرنة التي تتغير مع سلوكنا وتجاربنا.

تأثيرات خطيرة

تتسبب الإنترنت في تأثيرات عديدة خطيرة تصيب الأشخاص الذين يعانون من الإدمان على استخدامها، وقد تمتد تلك التأثيرات إلى العقول والأدمغة، فقد أظهر تصوير بالرنين المغناطيسي أن عقول مستخدمي الإنترنت الذين يلاقون صعوبة في التحكم بتوقهم الشديد إلى التواصل الدائم مع الإنترنت، تتعرض لتغيرات شبيهة بتلك التي ظهرت في أدمغة الأشخاص المدمنين على المسكرات والمخدرات.
وكانت صحيفة «التلغراف» اللندنية قد أفادت أن دراسة أجريت عام 2011 أظهرت أن الانقطاع عن استخدام هذه التقنية ليوم واحد فقط، أظهر عوارض انسحاب وانكماشات جسدية وعقلية لدى بعض مستخدمي الشبكة.
وقالت الدكتورة هنريتا باودن جونس الأخصائية النفسية في معهد «إمبريال كوليدج» في لندن، التي تدير عيادة لمعالجة مدمني الإنترنت والمقامرين، في تصريح لصحيفة «الإندبندنت» اللندنية: «إن غالبية الأشخاص الذين نراهم من الذين يعانون إدماناً شديدًا للإنترنت، هم من ممارسي الألعاب الذين يقضون فترات طويلة في ألعاب متنوعة مما تسبب في إهمال التزاماتهم».

حزن وحسد

من الآثار السلبية للإدمان على استخدام شبكة الإنترنت انتشار ما بات يعرف بظاهرة «كآبة الفيس بوك» والتي تتمثل بالشعور بالوحدة والحزن والحسد نتيجة التطلع باستمرار في صور الآخرين أثناء تمضية عطلاتهم وإجازاتهم الشخصية ومناسباتهم السعيدة، فمواقع التواصل الاجتماعي قد تسهل عليك التواصل مع الآخرين، هذا أمر أكيد لكن بحثا أخيرا أجراه علماء ألمان أشار إلى أن العديد من الأشخاص الفقراء الذين يتابعون باستمرار مشاهدة صور الآخرين أثناء تمضية عطلاتهم وإجازاتهم الشخصية وغيرها، من شأنه أن يؤدي إلى ظهور شعور قوي من الحسد وحتى الحزن، وقد وصف الباحثون هذه الظاهرة بـ«كآبة الفيس بوك».
وقالت الباحثة في جامعة هامبولدت في برلين حنا كراسنوفا: لقد دهشنا من عدد الأشخاص الذين لهم تجربة سلبية من فيس بوك، مع حسد شديد، تركهم يشعرون بالوحدة والإحباط والغضب.

وحدة وانتحار

كما أظهرت الدراسة أن استخدام الإنترنت لفترات طويلة قد يرفع مخاطر الانتحار في بعض الفتية في العاشرة من أعمارهم، فبعد إجراء مراجعة لأبحاث ودراسات سابقة تناولت الصبية، استنتج الباحثون في جامعة أوكسفورد في بريطانيا أن الفترة التي يجري قضاؤها على الشبكة تترافق مع مخاطر كبيرة للانتحار وإيذاء الذات، بين المراهقين المعرضين لذلك.
وعلق على ذلك الدكتور بول مونتغمري أستاذ التدخل النفسي والاجتماعي في الجامعة بقوله: «نحن لا نقصد هنا أن جميع الشباب الذين يتوجهون إلى الإنترنت تزداد عندهم خطورة الانتحار وإيذاء الذات، بل نحن نتحدث هنا عن الشباب الصغار المعرضين لذلك الذين يتوجهون إلى الشبكة خصوصاً لمعرفة المزيد عن إيذاء الذات، أو لأنهم شرعوا يفكرون في الانتحار سلفاً». والسؤال هنا هو ما إذا كانت محتويات الشبكة تطلق مثل هذه الاستجابات، لكي يلحقوا الأذى بأنفسهم، أو ينتحروا، وقد وجدنا أن هناك رابطًا كهذا.

جرعة زائدة من المعلومات

إحدى الحقائق الخطيرة التي كشفتها الدراسة تتعلق بتأثير الإدمان على الإنترنت على الذاكرة وعلى قدرة العقل على الاستيعاب والتحليل، إذ وجدت الدراسة أنه حتى في جلسة نموذجية من التصفح بمواقع التواصل الاجتماعي قد تؤدي إلى تحميل زائد في المعلومات، مما يجعل من الصعب ترتيب المعلومات وتنظيمها في الذاكرة، استنادًا إلى الدكتور إريك فرانسن أستاذ علوم الكومبيوتر في المعهد الملكي «كيه تي إتش» للتقنيات في السويد.وأظهرت دراسة صدرت علم 2009 من جامعة «ستانفورد» في أميركا، أن عقول الأشخاص الذين يتعرضون إلى سيل لا ينقطع من المعلومات الإلكترونية، ابتداء من الرسائل الفورية إلى المدونات، قد يجدون صعوبة ماسة في التركيز، وكذلك صعوبة في التنقل من عمل إلى آخر بكفاءة. وفي هذا الصدد يقول الدكتور أنطوني واغنر الأستاذ المساعد في علم النفس في جامعة «ستانفورد»: «عندما تكون هناك مواقف حيث مصادر المعلومات المتعددة تصدر من العالم الخارجي، أو من الذاكرة، بحيث لا يمكن ترشيح غير السديد منها بالنسبة إلى هدفهم، فهذا الفشل يعني إبطاءهم عن تحقيقه».

تحفيز النشاط العصبي

رغم كل ما توصلت إليه الدراسات السابقة مخاطير وما وضعته من محاذير، إلا أن الأمور ليست بهذا السوء، فالاعتدال باستخدام الإنترنت من شأنه تعزيز الوظائف الدماغية. وقد أظهرت دراسة نشرت عام 2008 أن استخدام محركات البحث في الإنترنت من شأنه تحفيز النشاط العصبي، والوظائف الدماغية لدى البالغين الكبار.
وتعتبر نتائج الدراسة هذه مشجعة لكون التقنيات الكومبيوترية التي تبرز قد يكون لها تأثيرات نفسية وفوائد ممكنة بالنسبة إلى متوسطي الأعمار والبالغين الكبار، كما ذكر ذلك معد الدراسة الدكتور غاري سمول أستاذ العلوم العصبية والسلوك البشري في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، فأبحاث الإنترنت تفرض نشاطًا دماغياً معقدًا قد يساعد على تمرين الدماغ وتحسين وظائفه.

«كآبة الفيس بوك»

يعتمد العديد من المراهقين على الاتصال بأصدقائهم عبر مواقع وشبكات التعارف الاجتماعي مثل فيس بوك وتوتير، لكن إدمان استعمال مثل هذه المواقع يمكن أن يسبب آثاراً جانبية غير صحية مثل الكآبة، وقد وصف تقرير صادر عن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال هذه الظاهرة الجديدة باسم «كآبة فيس بوك»، حيث يقضي الأطفال والمراهقون ساعات منتظمة وطويلة من الوقت على مواقع وشبكات التعارف الاجتماعي ثم يطورون أعراض الكآبة. وهذه الظاهرة ليست شائعة جدا، ومعظم الأطفال يستفيدون من هذه المواقع في الحفاظ على روابط الصداقة الاجتماعية مع الأصدقاء والأقارب حول العالم، لكن الاستعمال المفرط لموقع فيس بوك مثلاً، بالإضافة إلى مخاطر الإنترنت الأخرى يمكن أن تسبب عواقب خطيرة، لذا فمن الضروري أن يشارك الأهل في مراقبة وتوعية أطفالهم حول مخاطر المحادثة والتعارف الإلكترونية.
وتشمل ظاهرة كآبة الفيس بوك الشعور بالحزن والحسد لدى نسبة كبيرة من المشتركين نتيجة مشاهدتهم ومتابعتهم لصور أصدقائهم أو نجومهم وهم يقضون عطلات وإجازات رائعة لا يستطيعون هم التمتع بمثلها، أو يلبسون ملابس غالية وثمينة لا يستطيعون هم ارتداء مثلها، أو يعيشون نمطًا من الحياة يتميز بالتحرر والرفاهية والسعادة الظاهرة، ويؤدي ذلك الشعور إلى أن يصبح الأطفال تنافسيين جدا فهم يرغبون في أن يكونوا محبوبين ومشهورين بين أقرانهم.

دراسة رائعة ولكنها والحمد لله لا تنطبق عليه حيث رغم اني ابقى ساعات في النت ولكن بامكاني تركة بدون اي اعراض والحمد لله
ربما هي تنطبق على الاجانب اكثر منا ,شكرا لك

» إدمان الإنترنت يؤثر في الدماغ
» هل تخون الحيوانات بعضها البعض مثلما يفعل الانسان؟
» السلوك المطاوع للمنشآت
» السلوك الاجتماعي للطفل.
» أسباب السلوك التخريبي لطفلك!