ما الحقيقة وراء ذرف الدموع
البكاء حالة يتميز بها البشر عن غيرهم من المخلوقات ويرتبط البكاء بالأحزان والأفراح معاً، ويتولد هذا الشعور عندما يشعر الإنسان بإحساس السعادة أو الأمل أو الإيمان أو الألم أو الحزن، ولكن لا يبكي جميع الأشخاص بالطريقة نفسها عند مواجهتهم لموقف محزن أو مؤلم، البعض منا يبكي بسهولة والبعض الآخر لا يبكي أبداً، ويبدأ البكاء مع شفةٍ مرتعشة ويزداد ارتعاشها أكثر فأكثر مع اقتراب الدموع من الانهمار، ولكن فهم أسباب البكاء أو حتى الوضع النفسي المسبب ليس بالأمر السهل.
يتكون الدمع بشكلٍ أساسي من الماء والزيت والأملاح، ويصنّع في الغدد الدمعية الموجودة بجانب العين، كما أن له ثلاثة أنواع:
المنظف :basal: وهو الدمع الذي تفرزه العين لتعمل على حماية تنظيف نفسها وحمايتها بشكل متكرر.
العاكس :reflex: وهو يعزز عمق الحساسية، أو في حالة دخول جسم غريب إلى العين حيث تكون وظيفة الدمع إخراج هذا الجسم الغريب.
والنوع الثالث هو الدموع الناتجة عن المشاعر: ويظهر في حالات شعورية معينة.
يُفرز النوعان الأول والثاني بشكل أوتوماتيكي من الجسم وهو دمع ذو طبيعة فيزيائية، مثل البصل والبرد، فالبصل يحتوي على أنزيمات تطلق غاز مهيج لقرنية العين، والبرد يهيج سطح القرنية فتخرج الدموع لتدفئتها لتجعل حرارتها مثل حرارة الجسم. وفي حال الإصابة بالحمى تعمل الدموع على ترطيب العين الجافة، أما النوع الثالث فيفرز بعد عملية تسمى بالبكاء وهو ذو طبيعة كيميائية، ويحتوي النوع الثالث على مستويات عالية من الهرمونات مثل البروكلاكتين والمنغنيز الذي يساعد على تحسين المزاج، أي أن عملية البكاء تعمل على تحسين المزاج ضمن ظروف معينة.
لماذا نبكي؟
البكاء حالةٌ استجابة طبيعية لمشاعر عاطفية معينة وعادةً ما تكون ناجمة عن الحزن والألم أكثر من السعادة. ويخدم البكاء غرضاً عاطفياً ويفرغ تراكم المشاعر المكبوتة.
وقد يكون البكاء هدف بيوكيميائي حيث أنه يفرج عن هرمونات الإجهاد أو السموم الموجودة في الجسم.
ويعتبر البكاء وظيفة اتصال اجتماعية، حيث يتلقى الشخص الباكي الدعم ممن حوله تعاطفاً معه في الحزن والفرح.
وهناك البكاء المتلاعب به حيث يلجأ إليه البعض للحصول على ما يريدون مثل بكاء الطفل أمام والديه للحصول على ما يريد أو بكاء الزوجة أمام زوجها، هذا البكاء ليس استجابة لحالة عاطفية وإنما حالة بكاءٍ كاذب للوصول إلى ما يريد.
الإحساس والألم كلاهما ناتجان عن نظام الـ limbic وهي منطقة في الدماغ تعالج الذاكرة والإحساس والسلوك، فالإنسان يبكي إذا كان تألم جسدياً أو نفسياً بنفس نوعية الدموع، لذلك تقول بعض الاتجاهات إن الجسم يتعامل مع الألم الجسدي والنفسي بشكل مشابه دون وجود فروقات، وعلى الرغم من أن الدماغ يفرق بينهما إلا أن الجسد يستجيب بالطريقة نفسها.
وعلى الرغم من أن عملية البكاء غير واضحة التفسير أو لم تفهم بعد بشكلٍ كامل لدى الخبراء، إلا أن بعض الدراسات أثبتت ظهور هرمونات معينة في الجسم عند ذرف دموع المشاعر، وعندما يتعرض الإنسان لأي شكلٍ من أشكال المشاعر كالغضب أو الألم، تتحرك هذه الهرمونات في الجسم، وحالما يمتلئ الجسد بهذه الهرمونات أو تتزايد بداخله يصبح بحاجة للتخلص منها والبكاء هو إحدى هذه الطرق.
وأشارت العديد من الدراسات إلى أن المزاج يتحسن بشكلٍ ملحوظ بعد البكاء، وأغلب الأشخاص قالوا بإنهم يشعرون بالاطمئنان أكثر بعد البكاء على الرغم من تزايد معدل ضربات القلب أثناء البكاء مما يدل على القلق والتوتر.
كما وجدت بعض الأبحاث أن الأشخاص الذين يبكون نتيجة الألم أو الحزن يتمتعون بصحةٍ أفضل من أولئك الذين لا يبكون استجابةً لظروفٍ مماثلة، لأن زيادة التوتر والقلق قد تسبب صداعاً وأمراضاً في القلب وتساقط الشعر، فالبكاء يعتبر وسيلةً هامة جداً لحماية الجسم.
طبيعة البكاء
لماذا يبكي بعض الأشخاص أكثر من غيرهم؟ ولماذا يبكي البعض الآخر بشكل كبير ومتكرر في حين لا يبكي آخرون إلا نادراً؟
تبكي النساء بعد سن البلوغ بمعدل 64 مرة في السنة بينما يبكي الرجال 17 مرة.
قد يعود السبب في ذلك إلى الهرمونات وخاصةً البرولاكتين، وهو المسؤول عن إفراز الحليب ونمو الجنين. تحمل النساء 60% من هذا الهرمون أكثر من الرجال، وهذا يفسر سبب بكاء النساء أكثر من الرجال.
عندما يبدأ الأطفال بالذهاب إلى المدرسة يبكي الصبيان والبنات بمعدلاتٍ متساوية، بعدها يتناقص بكاء الذكور. ولم يستطيع العلماء أن يتأكدوا ما إذا كان ذلك بسبب المجتمع أو بسبب اختلاف الهرمونات أو تناقصها، ولكن من الملفت للنظر أنه عندما يتقدم الإنسان في العمر تتساوى الهرمونات بين الرجال والنساء، وتصبح النساء تبكي بشكلٍ أقل من السابق والرجال يتزايد البكاء عندهم، هذا يعني أن الإنسان يبدأ عملية البكاء قبل البلوغ ويعود إليها عند التقدم في العمر.
التقييم المتوازي
البكاء هو أول وسيلةٍ لدى الإنسان منذ ولادته للتعبير عن نفسه. الأطفال ليس لديهم دموع عواطف، إنما يكون بكاؤهم لحاجتهم للعناية، وقد يكون الأمر مشابهاً لدى الكبار فالمرأة كما تشير دراسةٌ حديثة أنها عندما تبكي عند شجارها مع الرجل تبحث عن نهايةٍ لهذا الجدال، وحتى لو كان هذا الجدال مع غيرها من النساء، يمكن أن يكون تعبيراً عن الحاجة للمساعدة.
وقد أوجدت دراسة أجرتها جامعة تكساس أنه بعد مشاهدة كلا الجنسين لمقطعٍ مسجل لامرأة تبكي تأثرت النساء أكثر من الرجال، مما يعني أن المرأة أقرب للمرأة عاطفياً، واعتبر الباحثون أن النساء في حاجةٍ إلى تلك البيولوجية من أجل الدعم الاجتماعي.
الناس الذين يبكون أكثر من المعتاد ربما يكون قد تعلموا أكثر من مرة أن البكاء وسيلة بسيطة وفعالة للحصول على ما يريدون من اهتمامٍ أو شيء ما، ومع ذلك فالبكاء بصوت أعلى وأطول ليس ضرورياً لأن يكون استراتيجيةً أفضل للحصول على الاهتمام.
ويعتقد علماء البيولوجيا التطورية أن البكاء غير فعالٍ عندما لا يكون حقيقياً، فالبكاء مثل بكاء الذئب (النحيب المتواصل بصوت عالي) هو استراتيجية فاشلة في انتزاع الحق أو حق الرد من الآخرين أو جذب اهتمامهم، وسوف يعتبره الآخرون شخصاً بكّاء اعتاد الحصول على ما يريد من خلال هذا النوع من البكاء.
لم يصل العلم إلى تحاليل دقيقة وحاسمة بشأن البكاء، هذا على الرغم من وجود العديد من النظريات الواعدة حول لماذا ومتى وكيف يبكي الإنسان، والكثير من الأسئلة لا تزال قائمة، ولكن الأمر الوحيد الواضح هو أن البكاء يشعر الإنسان بالتحسن.
كيف تتم عملية البكاء؟
إن الجفون عبارةٌ عن طيات من الجلد تنسدل وترتفع مثل ستارة المسرح بواسطة عضلات، وتتحرك هذه الستارة سريعاً جداً بحيث لا تؤثر في نظر الإنسان، حتى أن الإنسان لا يشعر بتحركها، وينفتح وينغلق جفن العين بشكل تلقائي مرة كل ست ثوان خلال حياة الإنسان .
ويوجد في كل عين غدةٌ للدمع تقع فوق الزاوية الخارجية للعين كما توجد فيها قنوات تنقل الدمع إلى الجفن الأعلى وقنوات تمسح الدمع عن واجهة العين، وكلما رمشت عيوننا يحدث امتصاص لبعض الدمع بالضغط على فتحات قنوات الدمع، والهدف من ذلك ترطيب قرنية العين ومنعها من الجفاف، وذلك من الناحية الآلية.
ما سبب انهمار الدموع أثناء الضحك؟
يعود السبب في ذلك إلى أن الضحك الشديد يجعل العضلات تضغط على الغدد التي تخزن الدمع فينهمر على الوجنتين.
كشفت دراسة علمية حديثة
أجراها فريق من الباحثين الأمريكيين من جامعة ماركويت بولاية ميتشيجان النقاب عن
أن البكاء يساعد في إخراج السموم من الجسم ،
بالإضافة إلى أنها تخفف من الضغط النفسي والعصبي التى يتعرض لها الأفراد .
لذا ينصح أخصائيو الطب النفسي
بعدم التردد في البكاء وذرف الدموع
وخاصة في المواقف أو الأحداث المحزنة والمؤلمة ،
ذلك أن الدموع تقوم بتنظيف وتطهير العيون من البكتيريا والجراثيم العالقة بها ،
ويساعد البكاء في التنفيس عن الشخص وإراحته ،
وتقليل التوتر الذي يشعر به
وطرح السموم الناتجة عن التوترات العصبية والعاطفية والانفعالات النفسية الكثيرة ومشكلات الحياة اليومية .
فإن العلماء يرون
أن كبت المشاعر
وحبس الدموع يسبب التسمم ,
بسبب انحباس المواد والمركبات المؤذية
داخل أنسجة الجسم ,
مشيرين إلى أن المرأة
تعيش حياة أطول من الرجل
بسبب تخلصها من سموم جسمها
عن طريق دموعها ,
لأنها أكثر استعدادا للبكاء من الرجل