شعر الدكتور : وجيه البارودي - أنا ماض للحج …
أنا ماض للحج …
أنا مَاضٍ للَحجِّ أَسْأَلُ عَفْواً ** عنْ ذُنوبي ، وَرَغْبَةً في الشِّفاءِ
و التماسي الغُفْرانَ في عَرَفاتٍ ** وَطَوافي بالبَيْتِ رُغمَ عَنائي
وارتوائي مِنْ زَمْزَمٍ ، فعُروقي ** تائِقاتٌ ظَمْأى لِذَاكَ الماءِ
سأُصلّي صُبْحاً و ظُهراً و عَصْراً ** و مَسَاءً ، حتَّى أَوانِ العِشَاءِ
و أُصلّي في هَدْأَةِ اللَّيلِ مَثْنىً ** و رُباعاً إلى بُزُوغِ الضِّياءِ
و صَلاتي عِنْدَ الرُّسولِ خُشُوعٌ ** و اعْتِقادٌ بِنُورِهِ الوَضَّاءِ
وَ شِفائي مِنْ حبِّهِ ـ يَشْهدُ اللَّـ ** ـهُ دُعاءٌ صِدْقٌ ـ بِغَيْرِ دواءِ
كمْ تمنَّيْتُ لَوْ أُقيمُ لَدَيْهِ ** سائرَ العَمْرِ ضارعاً بالدُّعاءِ
غيرَ أنَّي مِنْ حيثُ جِئْتُ سأمضي ** راجِعاً مُكرَهاً ، فَبِئسَ مَضائي
وَ رُجُوعي إلى حَمَاةَ ابتِهاجٌ ** لأُلوفِ الأَصْحابِ يَوْمَ اللِّقاءِ
كنتُ أُدْعَى الدُّكتُورَ صِرْتُ أُنَادى الـ ** ـيَوْمَ ( حجّيْ ) أَكْرِمْ بِهذا النِّداءِ
أَلْفُ أَهْلاً يا مُقْبِلونَ إلَيْنا ** بالهَدايا يا مَعْشَرَ الرُّفَقَاءِ
يا بَني عمِنِّا أَتَيْنا ، تَعالَوْا ** يا كِرامَ الآباءِ و الأَبْنَاءِ
هذِهِ دَبْكَةٌ ، وَ هَذِي طُبولٌ ** و غِناءٌ يَفوقُ كلَّ غنَاءِ
و الزَّغاريدُ حَوْلَنا تَتَعالى ** مِنْ صَبَايا جيرانِنَا الظُّرَفَاءِ
وَ بَنَاتُ القُرْباطِ يَرْقُصْنَ في الدَّرْ ** بِ ، أنَرْنَ الطريقَ بالأَضواءِ
وَ " أَدِيبٌ " (1) مُنْذُ الصَّباحِ أَتَانا ** بِخرافٍ ، وَ مِنْ حَليب الشَّاءِ
وَ وُفودٌ مِنْ حَيِّنا داهَمَتْنا ** وَ حُشودٌ منْ سائرِ الأَحياءِ
و ضيوفٌ مِمَّنْ عَرَفْنا ، و مِمَّنْ **مَا عَرَفْناهُمُ مِنَ الغُرباءِ
منْ دِمَشقٍ و إِدْلِبٍ ، و مئاتٌ ** لَيْسَ تُحصَى جَاءَتْ منَ الشَّهباءِ
وَ مِنْ السَّاحلِ الحبيبِ جُموعٌ ** كَنُجومٍ تَلأْلأَتْ في السَّماءِ
أَهْلُ حِمْصٍ كَأَهْلِنا في حَمَاةٍ **حِين جاؤوا عُدُّوا مِنَ الأَقْرِباءِ
و انْقَضَتْ مُدَّةُ القِرى بِسلامٍ ** وَحمِدتُ المَوْلى على النَّعْماءِ
وَشَكَرْتُ " الوَليدَ " (2) شُكراً جَزيلاً ** فَهْوَ منْ حثَّني على السَرَّاءِ
يَسَّرَ الحَجَّ لي بِهمَّةِ نَدْبٍ **فاستحقَّ الَغَداةَ مَحْضَ ثَنائي
وَ دُعائي لَهُ بمكَّةَ فَرْضٌ ** كانَ عِندي منْ بَعْضِ بَعْضِ الوَفاءِ
هُوَ فَيْضُ اللِّسانِ و القَلْبِ يَبْقى ** خَيْرَ حِرْزٍ يَقيهِ مِنْ بأْسَاءِ
**** **** ****
وَ اسْتَقرَّ المُقامُ في دُرَّةِ العا **صـي ، وَعُدْنا للأَخْذِ والإعْطاءِ
فَحَمَاةٌ أُمُ النَّواعيرِ داري **وَهْيَ سِتُّ الجَمالِ في الغَبْراءِ
نَشْأَتي في جَمالِها ، وَ شَبابي ** في هَواها هَوَىً بغَيْرِ انتِهاءِ
وَ رِدائي إِلى اهْتِراءٍ سيَفْنى ** وسَأَبْقى حَيَّاً بِرُغمِ الفَنَاءِ
(2) ـ الوليد : صديق الشاعر وراويته "" وليد قنباز "" وكانت له أياد بيضاء في قضاء الدكتور وجيه فريضة الحج ..