الفنان الشاعر اللبناني عمر الأنسي في قصيدة: لا تعتب الوغد اللئيم إذا أسا.
عمر الأنسي
( 1237 - 1293 هـ)( 1821 - 1876 م)
عمر بن محمد ديب الأنسي.
ولد في بيروت، وفيها توفي.
عاش في لبنان، وفلسطين.
تعلم القرآن الكريم وأحكام التجويد على حسن الجيزي المصري، وأخذ علومه عن بعض العلماء في بيروت.
تقلّد نظارة النفوس (سجلات المواليد) في جبل عامل 1847م، مدة أربعة أعوام، ثم تقلد إدارة مديرية قضاء حيفا، ثم قضاء صيدا ليعود بعد ذلك إلى بلدته في بيروت حيث عمل في مجال التدريس.
عُيّن عضوًا في مجلس إدارة بيروت عام 1857م، وفي عام 1874م عُيّن نائبًا لمدينة صور بأمر من أسعد باشا، ثم صيدا، إلى أن عاد إلى بيروت.
خريج جامعة ) سان جوليان ) باريس للفنون بالرسم
الإنتاج الشعري:
- له ديوان عنوانه «ديوان السيد عمر الأنسي البيروتي» - جُمع وطُبع بمعرفة نجله - الطبعة الأولى - بيروت (د.ت)، وأورد له كتاب: «أعيان القرن الثالث عشر في الفكر والسياسة والاجتماع» عددًا من القصائد والمقطوعات الشعرية.
يدور شعره حول المدح الذي اختص به الوزراء والوجهاء والأدباء في زمانه. كتب المطارحات والمراسلات الشعرية الإخوانية، والابتهالات والتوسلات، وله شعر في الهجاء والرثاء، وفي تقريظ الكتب، وفي الدفاع عن حق الإنسان في المرح والفكاهة والاحتفال، كما كتب التشطير والتخميس الشعريين، وله شعر ذاتي وجداني، وكتب في الغزل الذي بدأ به بعض قصائده. يتميز بنفس شعري طويل. اتسمت لغته بالطواعية، وخياله بالفاعلية والنشاط. التزم النهج الخليلي في بناء قصائده مع استثماره لبنية التجنيس اللغوي.
تمثال إبن بيروت عمر الأنسي في حديقة تلة الخياط
لا تعتب الوغد اللئيم إذا أسا
لا تعتب الوَغد اللَئيم إِذا أَسا * وَاِصبر عَلى مرِّ الإِساءة وَالأَسا
فَلرُبَّ عَتبٍ لا يفيدُ سِوى العَنا * أَو أَن تُهان بِهِ النُفوس فَتبخَسا
لا ذَنبَ إِلّا لِلزَمان فَقَد بَغى * حَتّى دَعا الأَذناب أَن تَتَرأسا
تَبّاً لَهُ زَمَناً لَو اِستَقضيته * حَقّاً لَكانَ مِن اِبنِ يَوم أَفلَسا
زَمَن يُؤخّر كُلّ رَبّ شَهامَةٍ * وَيُقدّم السفهاء أَن تَتَحَمَّسا
زَمَنٌ بِهِ ذلّ الأُسود كَما بِهِ * عزّ الكِلاب جُرأةً وَتَفرّسا
زَمَنٌ بَنى بَيت الكَمال عَلى شَفا * جُرُفٍ وَبَيت النَقص شادَ وَأَسَّسا
زَمَن تنكّر كُلّ مَعرفة بِهِ * أَوَ ما تَرى علَمَ العُلوم مُنَكَّسا
أَوَ ما تَرى مَن كانَ خَير منعَّمٍ * أَمسى بِبَأساء الخُطوب مبأّسا
أَو ما تَراهُ قَد اِدلهمَّ بخطبهِ * حَتّى أَراك مِن السِنين الحرمسا
يَلقى اللَئيم بِوَجهِهِ مُتَبَسِّماً * حَتّى إِذا لَقيَ الكَريم تَعبَّسا
زَمَنٌ دَعاني أَن أُقابل وَجهَ مَن * لَو قابل البَحر الخضمّ لنجّسا
فَفطنت مِن خلل الستار بِكُلّ ما * شَيطانه في صَدرِهِ قَد وَسوَسا
مَكر لَو اِبتليَ الصَباح بذرّةٍ * مِنهُ لَعادَ عَلى البَديهة حُندسا
وَلوَ اِنّ إِبليس اللعين أَتى لَهُ * وَرَأى حَبائل مَكره لتحرَّسا
حَتّى ظَهَرتُ لِوجهِهِ فَرَأيتهُ * قَد خمَّس الفكر الخَبيث وَسدَّسا
وَلَقد أَحالوني بِقبض دَراهمٍ * مِنهُ عَلَيهِ فَحينَ لَم يَستأنِسا
وَلّى وَقَهقهر وَاِكفهرّ بخلقةٍ * شَخناءَ تَكسوها الدجنّة عنجسا
وَأَبى وَفكَّرَ ثُم قَدَّرَ ثُم أَد * بَرَ باسِراً فَغَوى فَضلّ فَأَبلسا
وَطَمعت مِنهُ بِفَجر وَعدٍ كاذبٍ * فَرَأَيت لَيل الخلف طالَ وَعَسعَسا
لَمّا دَعاهُ قَومهُ بِاِبن الخَنا * غَلطاً وَكانَ أَذلّ مِنهُ وَأَنجَسا
أَضحى يُعارضهم فَأَنكَر وَاِدَّعى * نَسَباً وَكانَ بِما اِدَّعاهُ مدلسا
وَاِعتادَ أَكل البعر حَتّى ظَنَّهُ * أَحلى مِن الرطب الجنيِّ وَأَسلَسا
وَربا فَكانَ إِذا تَمرّض طَبعه * وَأتوا بِهِ كَي يَعرضوه عَلى الإِسا
وَصَفوا لَهُ بَول الكِلاب تَرشّفاً * قَبل المَنام وَبَعد ذَاكَ تَغطّسا
وَعقيب ذَلك أَن يَكون غِذاؤُهُ * مِمّا سلحنَ تَمعلكاً وَتَمعلسا
يا أَرذل القَوم اللئام إِلى مَتى * أَملي يَعلّله لعلَّ وَهَل عَسى
كَلّفتني نظمَ الهِجاء وَلَم يَكُن * دَأبي وَلَكنَّ الأَسى لا يُنتَسى
وَلَقد أَتَتكَ فَريدة لَو شامَها * إِبليس يا اِبن الأَرذلين لأُبلسا
قابلت طولك يا بَليد بطولها * بَل لَيسَ مَوضوع هُناكَ فَيعكسا
وَتَعجرفت أَلفاظها بِمعجرفٍ * فَهيَ العملّس حَيث كُنت غَملّسا
لَكنّ مَعناها أَرَقّ مِن الصبا * لطفاً لَدى مَن بِالقَريض اِستَأنَسا
تَشتمُّ نَشر عَبيرها فَكَأَنَّما * تَشتمّ مِن رَوض العَباهر نَرجسا
وَإِذا أَساءَ إِليّ مثلك أَنشَدَت * لا تعتب الوَغد اللَئيم إِذا أَسا