المشفى الفرنسي في دمشق سنة 1904م.
فرمان التأسيس صدر عن السلطان عبد الحميد في استانبول
تم بناء مستشفى القديس لويس أو المشفى الفرنسي كما هو معروف بين الدمشقيين في عام 1904 خلال أواخر الفترة العثمانية.
وقد تم إشادة المستشفى على الطراز الفرنسي الجميل مع لحظ للعديد من الفسح والحدائق الداخلية.
المشفى الفرنسي بدمشق، حيث أنشئ عام 1904. ولم يكن المشفى الأقدم بين المشافي الأجنبية بالعاصمة السورية، حيث سبقه في الوجود «الدنماركي» و«الانجليزي»، إلا أنه أحد مشفيين أجنبيين ما زالا يعملان (الآخر هو «الإيطالي»)، بينما الدنماركي توقف سنة 1914، والإنجليزي سنة 1946. وفي هذا التحقيق، يحيط هشام عدرة بحاضر وتاريخ وأوضاع المشفى الفرنسي ويعطي صورة لحالته الراهنة.
تأسس المشفى الفرنسي بدمشق عام 1902، حيث يحتفل هذا العام بالذكرى المئوية لافتتاحه، وإذا كان المشفى الفرنسي ليس الأقدم في مجال المشافي الأجنبية التي تأسست في دمشق، حيث سبقه في ذلك مشفيان وهما الانجليزي والدنماركي، إلا أنهما أغلقا في ما بعد، وتحديدا مع نهاية الحرب العالمية الثانية واستقلال سورية عن فرنسا، لكن تميز المشفى الفرنسي بأنه واحد من مشفيين أجنبيين ظلاّ حتى الآن يعملان في دمشق ويقدمان خدماتهما للمرضى، حيث تعمل بهما راهبات متطوعات. والمشفى الثاني هو الإيطالي أو «الطلياني» كما يسميه العامة في دمشق. وهذان المشفيان ما زالا يستقطبان العديد من المرضى وذلك بسبب تكاليف الاستشفاء الرخيصة نسبياً وذلك لاعتمادهما مبدأ المهاجع وليس الغرف المستقلة. وبسبب الرعاية الطبية والإنسانية الجيدة فيهما والخبرة العلمية الراقية أيضاً.
* المشفى الفرنسي
* في حي القصاع بدمشق، وبشارع باب توما، يوجد المشفى الفرنسي على مساحة تتجاوز العشرة آلاف متر مربع، حيث تطوقه الأشجار والحدائق مشكلا مشفى مثالياً. على الرغم من وجوده في موقع تجاري رئيسي بدمشق، يعج بالمتسوقين والزوار والسياح. في المشفى التقينا الدكتور جوزيف نصر الله، مدير المشفى، الذي تحدث قائلا: شيد هذا المشفى سنة 1902، ونحن حاليا نستعد للاحتفال بذكرى مرور مائة عام على تأسيسه. وقد تأسس المشفى بهدف معالجة الفقراء، فهو تابع لجمعيات راهبات المحبة التي أسسها القديس منصور، وكان من عائلة فرنسية ثرية. ولو عدنا لفرمان تأسيس المشفى الصادر عن السلطان عبد الحميد في استانبول والمرسل لوالي دمشق، حيث يقول فيه «يطلب منكم التسهيل للجمعية لإقامة مشفى لخدمة الفقراء وأن لا يتقاضى أي بارة من قبل المؤسسين»، ويعود تاريخ الفرمان لعام 1899. وعندما تأسس المشفى، كان موجهاً لمرضى الجذام، حيث من المعروف تاريخياً أنه لم يكن أحد يتصل بمرضى الجذام لاعتقادهم بأن المرض معد، حتى جاء القديس منصور وراهبات الجمعية فأقاموا علاقات مع هؤلاء المرضى وصارت الاتصالات معهم. وبعد ذلك تحول المشفى إلى مشفى شامل يضم جميع الاختصاصات الجراحية باستثناء الجراحة القلبية، حيث نسعى حالياً لافتتاح قسم للقسطرة القلبية والعمليات في مجال أمراض القلب. والمشفى ليس للاستثمار ولم نفكر مطلقاً بتحويله إلى مشفى استثماري، حيث غايتنا خدمة الناس محدودي الدخل ومتوسطي الحال. ولذلك نتقاضى أجوراً بسيطة ومن خلال عنابر ومهاجع وليس غرفا مستقلة للمرضى، وهذا أفضل، كما أننا ـ ورغم اقتراح البعض ـ لم نفكر مطلقاً بتحويل حدائق المشفى إلى محلات تجارية، رغم أنه يمكننا بناء ما يزيد على 50 محلاً تقدم لنا أكثر من 500 مليون ليرة سورية، لكن لا نهدف إلى ذلك، إنما لإبقاء المشفى بشكله الحالي النموذجي مع تطوير أقسامه وغرف عملياته باستمرار، حيث انفقنا في العام الماضي حوالي 30 مليون ليرة لترميم المشفى وتطويره.
ويعمل في المشفى حاليا حوالي 13 راهبة بشكل تطوعي لا يأخذن رواتب وهن يقدمن خدمات كثيرة للمرضى، كذلك هناك حوالي 70 طبيباً ما بين متعاقد وزائر. أما التمويل، فعلى الرغم من تسمية المشفى، فإنه لا يتلقى تمويلاً من الحكومة الفرنسية، وتمويله ذاتي، يأتي من أجور العمليات والخدمات الطبية، كما أن الاعفاءات الجمركية والضريبية التي يحصل عليها من الدولة ـ كما هو حال المشافي الخاصة ـ تساعده على التوفير والتمويل.