من اسرار البيان القرآني : وأما بنعمة ربك فحدث د. عودة ابو عودة

[rtl]من اسرار البيان القرآني : وأما بنعمة ربك فحدث د. عودة ابو عودة[/rtl]




[rtl] [/rtl]
[rtl] [/rtl]


[rtl]كان للشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - قراءة خاصة لسورة الضحى. وكانت هذه القراءة تروق لسامعيه ومريديه حيثما كانوا. كان يقول: اذا غادرنا القسم الذي في اول السورة ، وهو قوله تعالى: «والضحى ہ والليل اذا سجى» تبقى عندنا في السورة تسع آيات ، هذه الايات يمكن كتابتها في ثلاثة اسطر ، كل سطر فيه ثلاث آيات ، هكذا:[/rtl]


[rtl]ما ودعك ربك وما قلى ہ وللآخرة خير لك من الاولى ہ ولسوف يعطيك ربك فترضى ہ ألم يجدك يتيما فآوى ہ ووجدك ضالا فهدى ہ ووجدك عائلا فأغني ہفأما اليتيم فلا تقهر ہ واما السائل فلا تنهر ہ واما بنعمة ربك فحدث ہ[/rtl]


[rtl]وقد لاحظ الشيخ الشعراوي انه تشكلت عندنا ثلاث مجموعات من الآيات الكريمة اذا نظرنا اليها نظرة عمودية اي الى الايات التي يقع بعضها تحت بعض في تلك السطور الثلاثة. وان كل مجموعة تتحدث عن معنى واحد فيها ، ففي المجموعة الاولى تتحدث الآيات عن رعاية الله عز وجل لنبيه الكريم وانه جل شأنه ما هجره ولا قلاه عندما تأخر عليه الوحي بضع عشرة ليلة في بداية نزول الوحي. ويدل على تلك الرعاية والعناية والحفظ انه كان يتييما في بداية عمره فآواه الله عز وجل الى من يكفله ويرعاه ويحفظه ويربيه وينصره من كيد اعدائه ، وهيأ له جده عبدالمطلب اولا ثم عمه ابا طالب ثم احاطته رعاية الله وعنايته بعد ذلك في مسيرة حياته. ولذلك تنهى آيات هذه المجموعة عن قهر اليتيم وايذائه ، وتدل على ان الله عز وجل مع اليتيم حيث جعل لرعايته والعناية به وحمايته وحفظ ما له حتى يكبر اجر مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة. وفي المجموعة الثانية ذكرت الايات الكريمة ان الله عز وجل سيجعل القادم من الايام في سيرة محمد - صلى الله عليه وسلم - وفي دعوته خيرا مما مضى وان نزول الوحي سيتتابع عليه بعد تلك المرة الاولى التي توقف بعدها بضع عشرة ليلة.ودليل ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة كان لا يعرف شيئا عن هذا الامر الذي سيعهد اليه ، ام النبوة والرسالة.[/rtl]


[rtl]كان النبي ضالا عنه اي غافلا عنه لا يعرفه ، والضلال هنا ضلال غفلة وجهل بموضوع لم يعرف عنه شيئا من قبل ، وليس ضلال عقيدة ودين ، كان النبي بحاجة الى ان يسأل عن امر هذا الكون ، وعن خالق هذه الحياة ، كان يسأل دائما نفسه ، ويسأل ربه الذي يناجيه ولا يعرف حقيقته - بعد - ولذلك كانت الاية الثالثة تمنع من نهر السائل عن اي شيء يريد ان يعرفه او ان ياخذه. قد يكون السائل محتاجا الى طعام ، او محتاجا الى طعام ، او محتاجا الى هداية او محتاجا الى اي مساعدة ، فمن الدين الحنيف ان تساعده والا تنهره فينكسر قلبه. [/rtl]


[rtl]واما المجموعة الثالثة فان ارتباط الايات الثلاث فيها شيد الوضوح. تبدأ بوعد الله عز وجل انه سيعطيه وانه سوف يعطيه حتى يرضى ، سيعطيه في الدنيا وسوف يعطيه في الاخرة. وعطاء الاخرة استمرار لعطاء الدنيا ولذلك قال الله عز وجل «ولسوف» حتى تشمل العطاءين: ويرتبط بالعطاء الدائم ويدل عليه ان الله عز وجل وجده في اول الامر «عائلا» فأغناه بالمال ، وبالعمل وبالعلم وبالنبوة ، اعطاه الكوثر الذي لا نفاذ له ، ولا نهاية له «انا اعطيناك الكوثر» والكوثر صيغة «فوعل» التي تدل في اللغة على العطاء الكثير المتدفق الذي لا ينقطع. وجزاء هذا العطاء الواسع التحدث بنعمة الله ، وشكر النعمة ، وحمد الله عليها: ولذلك جاءت الاية الثالثة «واما بنعمة ربك فحدث» وهذا فعل امر من الله «فحدث» اي اظهر نعمة الله عليك ، وهذا الاظهار من قبيل شكر النعمة وحمد الله عليها. روي عن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - قال: اذا اصبت خيرا او عملت فحدث به الثقة من اخوانك. وكان ابو فراس عبدالله بن غالب اذا اصبح يقول: لقد رزقني الله البارحة كذا ، قرأت كذا ، وصليت كذا ، وذكرت الله كذا ، وفعلت كذا ، فقلنا له: يا ابا فراس ، ان مثلك لا يقول هذا ، قال: يقول الله عز وجل «واما بنعمة ربك فحدث» وتقولون انتم: لا تحدث بنعمة الله «تفسير القرطبي 20 ص 102». وقال بكر بن عبدالله المزني ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «من اعطى خيرا فلم ير عليه سمي بغيض الله معاديا لنعم الله» وعن النعمان بن بشير ، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله ، والتحدث بالنعم شكر وتركه كفر». وروى النسائي عن مالك بن فضلة الجشيمي ، قال: كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا ، فرآني رث الثياب ، فقال: ألك مال؟ قلت: نعم يا رسول الله ، من كل المال ، قال: «اذا آتاك الله مالا فلير أثره عليك».[/rtl]


[rtl]هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو الدين ، وان اناسا في ايامنا هذه يعطيهم الله مالا وعلما ومكانة وجاها ، فلا يشكرونه حق شكره ، ولا يوجهونه في خدمة دينه واعلاء كلمة الله عز وجل ، وان كثيرا من الناس ليضيقون على انفسهم وابنائهم واهليهم اشد الضيق وقد آتاهم الله من فضله ، فهؤلاء لا يتحدثون بنعمة الله عليهم ، ويخالفون امر الله الصريح في شكر النعم التي انعمها عليهم. ولو انهم فعلوا ذلك لصنعوا مجتمعا سعيدا ينعم بنعم الله ولفضله.[/rtl]