تاريخ الشعر النبطي
الرواية التقليدية بين رواة الشعر النبطي تقول إن أول من قال الشعر النبطي هو الشخصية شبه-الأسطورية أبو زيد الهلالي المفترض وجوده بين القرنين الثاني والرابع الهجريين (الثامن والعاشر الميلاديين)، ولكن ليس لهذه الرواية سند علمي. أما أول ذكر للشعر باللهجة الدارجة فيأتي من الشاعر العراقي الفصيح صفي الدين الحلي في القرن الرابع عشر والمؤرخ ابن خلدون في القرن الخامس عشر، إلا أنهما لا يذكرانه باسم "الشعر النبطي." أما أقدم النماذج الشعرية فمقطوعة من بضعة أبيات لشاعرة من بادية حوران أوردها ابن خلدون في المقدّمة، ثم بضع قصائد لأبي الحمزة العامري من أهل القرنين السابع والثامن الهجريين. وهي في معظمها على اللحن الهلالي (ويقابل بحر الطويل) وبحر الرجز.
وبعد ذلك تأتي قصائد شعراء الدولة الجبرية في شرق الجزيرة العربية ووسطها، ومن هؤلاء جعيثن اليزيدي من أهل الجزعة بوادي حنيفة، الذي عاش في القرن السادس عشر الميلادي، والشاعر عامر السميّن. ثم ترد قصائد جبر بن سيار أمير بلدةالقصب وابن أخته رميزان بن غشام التميمي أمير روضة سدير، وقصائد أخيه رشيدان بن غشام، وهم جميعاً من أعلام القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي). وقد تركوا قصائد ثمينة ليس فقط من الناحية الأدبية واللغوية وإنما أيضاً من الناحية التاريخية لذكرها العديد من الأحداث والوقائع في الفترة التي سبقت ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وآل سعود في نجد. وفي هذه الفترة على الأرجح عاش أحد أشهر الشعراء على الإطلاق راشد الخلاوي، الذي يذهب البعض إلى أنه من أهل القرن العاشر الهجري (الخامس عشر الميلادي)، وآخرون إلى أنه عاش إلى النصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري، واشتهر بالقصائد المطوّلة المعنية بالأنواء وعلم الفلك والحساب والألغاز.
ظهر في القرن التالي (الثاني عشر الهجري) اثنان من أهم أعلام الشعر النبطي وهما حميدان الشويعر في القصب، واشتهر بقصائد النصح والحكمة التي لا زالت دارجة إلى اليوم لتقيدها بالأوزان القصيرة، بالإضافة إلى القصائد السياسية وقصائد الهجاء، ومحسن الهزاني في الحريق، الذي اشتهر بالشعر الغزلي وأدخل المحسّنات البديعية في الشعر النبطي. ويقال إن للهزاني دور انتشار القافية المزدوجة. ومن شعراء هذه الحقبة نمر بن عدوان من قبائل البلقاء في الأردن، وتوفي سنة 1238 هـ (1823 م).