القلب السليم :
ينبغي أن يكون هدف كل مسلم.
ويجب أن نحرص جميعاً على الوصول إلى
هذا الهدف ونضعه نصب أعيننا .... بل وفي أعيننا ، وعلى ذلك ندرب أنفسنا ، و
على ذلك نربي أولادنا حتى نأتي الله بقلب سليم.
قال خليل الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم
(وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لا
يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88) إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ
سَلِيمٍ (89))
الشعراء.
قال
تعالى : (إِذْ جَاءَ
رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) ق 33
القلب السليم :
سليم من الشك والشرك والشقاق والنفاق.
سليم من الغل للذين آمنوا ....
سليم من الرياء ... سليم من الأحقاد.
سليم لم يُصب بالقسوة ، ولم يُختم عليه بالأختام.
سليم لم يتلوث بآثار الجرائم والذنوب والمعاصي والآثام.
سليم لم يتدنس بالبدع والخرافات ، وظن السوء والأوهام.
وأيضاً السليم من الأمراض العضوية.
القلب السليم :
هو القلب المنيب الذي يورث صاحبه الجنة كما قال تعالى:
( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ
غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ
حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ
وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ
الْخُلُودِ (34) لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا
مَزِيدٌ (35)) ق.
ولسلامة القلب عظيم الأثر في سعادة
المرء في الدنيا والآخرة:
والأساس هنا هو سلامة قلب العبد من
الأمراض التي تجرح دينه وتُذهب تقواه مثل :
الشرك والنفاق والرياء ، والغل والحقد
والحسد ، والكذب ، وسوء الظن، والخيانة والشحناء والبغضاء والضغينة ، والشح
والكبر والعُجب ، وسوء الخلق عموماً، والشبهات والشهوات .... .
وهذه الأمراض المتعلقة بالدين هي الأشد فتكاً على
الإطلاق والأشد تدميراً والأسوأ تأثيراً ، وأنها تجلب على العبد الشياطين ، وتجلب عليه نكداً وهماً وغماً وعذاباً في الدنيا والآخرة ، بل هي تجلب
عليه أمراض القلب الأخرى.
وليست هناك مقارنة على الإطلاق بينها وبين ما
يُصيب القلب من أمراض عضوية مثل: القصور القلبي والجلطات وضعف عضلة القلب
وهبوط القلب وغيرها من الأمراض القلبية البدنية والتي يمكن علاجها ببعض
الأغذية والأدوية ، وبتغيير وضبط بعض السلوكيات ، بل قد يثاب عليها العبد
المؤمن إذا صبر واحتسب كما قال صلى الله عليه وسلم (
ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة
يشاكها إلا كفر الله بها عن خطاياه) متفق عليه.
فالقلب السليم هو هذا القلب المليء بالخير والإيمان والتقوى فيكون سبباً في :
الفتح والخير العميم في الدنيا.فالله
يؤتي الخير بناءً على الخير الذي في القلوب
وهو سبحانه يغفر الذنوب للخير الذي في القلوبقال
تعالى :
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي
أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا
يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ
غَفُورٌ رَّحِيمٌ (79)) الأنفال.والله يُنزل السكينة للخير الذي في القلوب قال
تعالى :
( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ
الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي
قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا
قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا
وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19)) الفتح.فالخيرات والبركات والنصر والفتوحات ... كل ذلك يتنزل
من عند الله سبحانه على قدر ما في القلوب من خير .-------------------------------------------------
أما القلب المريض بالغل والحقد والحسد والكبر
والشرك والرياء والسمعة فصاحبه دائماً في قلق
واكتئاب وحزن ، تشتعل في قلبه ناراً تمزقه وتحرق جسده وتمرض أعضائه وتمنعه
من النوم والراحة. والله يعلم ما في قلوبكم
قال تعالى : (إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119)) آل
عمران
ويوم القيامة يتكشف ما في القلوب (يَوْمَ تُبْلَى
السَّرَائِرُ )الطارق 9
وتطلع عليها نار ترى فيها النوايا
الخبيثة والعقائد الخبيثة والأمراض الخبيثة ...
فتحرقها ... تحرق هذه القلوب ... تحرق هذه الأفئدة ... قال تعالى : (نَارُ اللَّهِ
الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ
عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ( فِي عَمَدٍ
مُمَدَّدَةٍ (9) ) الهمزة.
والقلب السليم :
هو الذي أصبح يتلقى أوامر الله بمنتهى
التسليم والرضا، ويسير الجسم به على حسب أوامر الله بكامل القوة والحيوية
والجدية.
قال ابن القيم رحمه الله:
القلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحب
الدنيا والرئاسة، فسلم من كل آفة تبعده عن الله، وسلم من كل شبهة تعارض
خبره، ومن كل شهوة تعارض أمره، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده، وسلم من كل
قاطع يقطع عن الله.
ولا تتم له سلامته
مطلقا حتى يسلم من خمسة أشياء: من شرك يناقض التوحيد، وبدعة تخالف السنة،
وشهوة تخالف الأمر، وغفلة تناقض الذكر، وهوى يناقض التجريد والإخلاص. وهذه
الخمسة حجب عن الله، وتحت كل واحدة منها أنواع كثيرة، تتضمن أفرادا لا
تنحصر.
ولذلك اشتدت حاجة العبد، بل ضرورته ، إلى أن يسأل الله أن يهديه
الصراط المستقيم، فليس العبد أحوج منه إلى هذه الدعوة ، وليس شيء أنفع له
منها. (الجواب الكافي لابن القيم ص151). --------------------------------------------
والقلب السليم :
هو القلب الرقيق البعيد عن الغلظة، كما قال
تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً
غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر..) آل عمران 159.
وكما يقولون أن العقل السليم في الجسم السليم ،
نقول أيضاً أن الجسم السليم في القلب السليم ، بل ممكن أن نقول
أكثر من ذلك ....... نقول – وبالله التوفيق - أن القلب السليم في الخُلُق
الحسن.
(ولنعلم أن الشيطان أشد ملاصقة ، وأكثر
تسلطاً وتمكناً واستحواذاً وأقوى تأثيراً على خبيث اللسان والقلب ... على
من يحمل في قلبه الشر والقسوة والكِبر والنوايا الخبيثة والأخلاق الرذيلة وسوء الظن والخيانة والشحناء والبغضاء والضغينة والحسد
والحقد والغل للذين آمنوا ، وغير ذلك من أمراض القلوب التي ذكرها أهل العلم
مثل : الشرك والبدعة والشك والشقاق والنفاق والكذب والعُجب والرياء . كما
أن الشيطان أكثر بًعداً عن صاحب القلب السليم واللسان الطيب القويم ... عن الصادق الأمين الذي يحمل في قلبه الخير والحب والود
والعفو والتسامح والرحمة للذين آمنوا ... عن الذي يصل ما أمر الله به أن
يوصل... عن واصل الرحم).
ولا عجب في أن هذا وأفضل منه بالطبع ورد في حديث
النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال : ( ... ألا وإن في الجسد مضغة ، إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا
فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهى القلب ) رواه البخاري ومسلم. ولا عجب أن يكون للقلب هذه الأهمية العظمى
والمكانة المرموقة ... فهو محل نظر الرب. كما جاء في
حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، فعن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لا ينظر إلى
أجسامكم ، ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) رواه مسلم.
فينبغي علينا ألا نهتم
بعمل الجوارح فقط وننسى الاهتمام بعمل القلب - وهو الأصل – وأيضاً لا نقول
الإيمان في القلب ولا نعمل ، وإنما الإيمان هو :
( قول وعمل قول باللسان وعمل بالقلب واللسان والجوارح يزيد
بالطاعة وينقص بالمعصية ويتفاضل أهله فيه ) وكما قال الحسن
البصري رحمه الله :
( الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل ).والنية محلها القلب قال تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا
فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ
يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى
الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) الحج 46
قال تعالى : (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ
الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ
أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا
أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) الأعراف 179
وقال تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ
أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) قّ37
إذا شبهنا المخ
بالكمبيوتر - مع الفارق الشاسع ولكن لتقريب الأمور – فالقلب هو بمثابة
المعالج ( ( processorلهذا للكمبيوتر
تقريباً!.
والقلب محل الحالة النفسية : الاطمئنان والسكينة والرأفة والرحمة
قال تعالى:
)الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ
اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28)
وقال تعالى:
)هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ
الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ
جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) (الفتح:4)
وقال تعالى: (ثُمَّ
قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ
مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ
اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا
كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا
رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ
أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (الحديد:27)
والقرآن ربيع القلوب :
(اللهم إني عبدك وابن عبدك ، وابن أمتك
ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من
خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل
القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي). ( من أصابه هم أو حزن فدعا بهذا
الدعاء إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا كما أخبرنا بذلك صلى
الله عليه وسلم)(رواه أحمد).
ومن أسباب .... الوصول إلى
سلامة القلب:
الإيمان بالله والسمع
والطاعة له سبحانه : قال سبحانه وتعالى : ( وَمَنْ
يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
(11)) التغابن.
اللجوء إلى الله لأنه
هو الذي : يقذف الهداية في القلوب
ويزين الإيمان ..... فيها
وينزل فيها ..... السكينة
ويورثها .......الاطمئنان
ويربط ........ عليها.
الدعاء بسلامة القلب : (فالقلوب بين أصبعي الرحمن يقلبها كيف يشاء) كما أخبرنا بذلك نبينا محمد صلى
الله عليه وسلم. فلنحرص إذن على أن ندعو الله دائماً بهذا الدعاء - الذي
كان يدعو النبي صلى الله عليه وسلم الله به - وبهذه
الأدعية :
( يا مُقَلِّب القلوب ثبت قلبي على دينك ) . رواه الترمذي وأحمد.
( رَبَّنَا لا تُزِغْ
قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً
إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ () آل عمران
. ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا
وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي
قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ
(10)) الحشر.
( اللهم مُصَرِّف
القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك ). رواه مسلم .
( اللهم اسلل سخيمة قلبي ) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه
، (اللهم اجعل في قلبي
نورا ) من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( اللهم اجعل في قلبي نورا ، وفي بصري نورا ، وفي سمعي نورا ،
وفي عصبي نورا ، وفي لحمي نورا ، وفي دمي نورا وفي شعري نورا ، وفي بشري
نورا ، وعن يميني نورا ، وعن يساري نورا ، وفوقي نورا ، وتحتي نورا وأمامي نورا ، وخلفي نورا ).
البخاري ومسلم .
اللهم نق قلبي من
الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وباعد
بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب. (رواه البخاري ومسلم ).
( أعوذ بالله من شر
قلبي ) من حديث النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي ، ومن شر بصري ومن
شر لساني ، ومن شر قلبي ، ومن شر منيتي ( أو منيي ) . رواه أبو داوود
والترمذي والنسائي.
أعوذ بالله من قلب لا يخشع من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وعذاب
القبر ، اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها
ومولاها ، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن
قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب
لها ). رواه مسلم .
الإكثار من
ذكر الله : فذكر الله هو غذاء القلب :
قال تعالى:
)الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ
اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28)
وقال تعالى : ( إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَا وَعَلَى
رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)) الأنفال.
والقرآن أعظم الذكر وهو لذلك: ربيع القلوب
ونور الصدور وجلاء الأحزان وذهاب الهموم.
كثرة
الاستغفار والبعد عن المعاصي : لإزالة ما علق بالقلب من ران من كسب الإنسان.
وقد ذكر ابن القيم - رحمه الله - في هذا الباب :
أنها – أي المعاصي -
تجعل العاصي دائما في أسر شيطانه وسجن شهواته وقيود هواه فهو أسير مسجون
مقيد ولا أسير أسوأ حالا من أسير أسره أعدى عدو له ولا سجن أضيق من سجن
الهوى ولا قيد أصعب من قيد الشهوة فكيف يسير إلى الله والدار الآخرة قلب
مأسور مسجون مقيد ؟ وكيف يخطو خطوه واحده ؟
وإذا تقيد القلب طرقته الآفات من كل جانب بحسب قيوده ـ وأصل هذا كله أن
القلب كلما كان ابعد من الله كانت الآفات إليه أسرع وكلما قرب إلى الله
بعدت عنه الآفات والبعد من الله مراتب بعضها أشد من بعض فالغفلة تبعد العبد
عن الله وبعد المعصية أعظم من بعد الغفلة وبعد البدعة أعظم من بعد المعصية
والشرك أعظم من ذلك كله.
التأسي برسول
الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بأهل الصلاح: فالاتفاق في الظاهر يجلب – في الغالب – اتفاقاً في الباطن أي
يورث تقارباً في القلوب
فمن تسمى وتشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ( في سمته وفي
لباسه وفي عبادته وفي صبره وحلمه وفي سائر أحواله ) ، وبأهل الصلاح والفضل
والعفاف نجد قلبه متجهاً إليهم متقارباً معهم. والله الموفق .
قال تعالى : ( لقد كان لكم في رسول
الله أسوة حسنة ) الأحزاب : 21
وقال تعالى : ( أولئك الذين هدى الله
فبهداهم اقتده ) الأنعام : 90
وقال تعالى : (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا
لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا
مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ
مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (لقمان:15)
ونهى الله عن التشبه بأهل الكفر وعن سلوك سبيلهم
(قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا
فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (يونس:89)
الأدب مع رسول
الله ، وحرمته حياً كحرمته ميتاً قال تعالى: )إِنَّ الَّذِينَ
يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ
امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ
عَظِيمٌ)
(الحجرات:3)
النظر في
أحاديث الرسول التي تحدث في القلب رقة الإيمان
بالقدر والرضا بقضاء الله ، وحُسن الظن بالله والنظر في ما ابتلى به
الأولون قال تعالى : (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ
الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا
يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ
يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ) (الاحقاف:35)
رد المظالم وعيادة
المرضى واتباع الجنائزوزيارة القبور والمسح على رءوس الأيتامسبب في لين القلب ورقته.
الجليس الصالح عدم سوء الظن
واتقاء الشبهات حفظ الحواس وحواس الإنسان - خاصة حاسة النظر - هي أبواب مفتوحة على القلب
واستعمالها في معصية الله يورث فساد القلب وخرابه ، وإذا فسد
القلب فسد الجسد كله .... كما قال رسول الله : ( ... ألا وإن
في الجسد مضغة ، إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا
وهى القلب ) رواه البخاري ومسلم.
وحفظ الجوارح
أيضا فكسبها السيئ يورد على
القلب المهالك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا
عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب
أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما
دامت السماوات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر
منكرا إلا ما أشرب من هواه ) رواه مسلم.
والصدقات
ولاستكمال
الوقاية والعلاج من أمراض القلوب كلها بما فيها الأمراض العضوية ننصح بـ :
عدم التدخين
وتجنب التوتر العصبي ، والانفعالات الغير سوية ،
وتفويض الأمر لله
وترك الكسل وحياة الدعة والخمول
والحرص على النشاط والحيوية والرياضة ومنها المشي.
والاهتمام بالغذاء كماً ونوعاً (وكلوا واشربوا ...)
،وأن يكون الغذاء طيباً متوازناً مع الاهتمام بصفة خاصة بما ورد في الطب النبوي (مثل :
التين والزيتون (وقد قدمنا بحثاً طبياً فيهما)، التمر والعسل
ومنتجات النحل والحبة السوداء ، والزنجبيل والتلبينة ) بعيداً عن
الكيماويات الضارة والمواد الحافظة والملوثات والمبيدات.مع مراعاة تعليمات
الطبيب.
متابعة دورية للضغط والسكر وحمض البوليك والدهون في الدم
ومتابعة الوزن
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوان
صاحب القلب السليم من أهل الجنة : عن أنس بن مالك قال , كنا
جلوسا مع رسول الله ـ صلى الله
عليه وسلم ـ فقال : يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة .
فطلع رجل من الأنصار تنطف
لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال
فلما
كان الغد قال النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ مثل ذلك , فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى .
فلما
كان اليوم الثالث قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثل
مقالته أيضا , فطلع ذلك الرجل
على مثل حاله الأولى .
فلما قام
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تبعه
عبد الله بن عمرو بن العاص , فقال إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا
أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن
تؤويني إليك حتى تمضي فعلت , قال نعم.
قال أنس
: وكان عبد الله يحدث أنه بات
معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه إذا تعار
وتقلب على
فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر , قال عبد الله : غير أني
لم أسمعه
يقول إلا خيرا .
فلما مضت
الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله , قلت يا
عبد الله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثم , ولكن
سمعت رسول الله ـ صلى الله
عليه وسلم ـ يقول لك ثلاث مرات: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة , فطلعت أنت
الثلاث مرات , فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به فلم أرك تعمل
كثير عمل فما
الذي بلغ بك ما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : ما هو إلا ما رأيت.
قال : فلما وليت دعاني فقال : ما
هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في
نفسي لأحد من المسلمين غشآ ولا أحسد أحدآ على خير أعطاه الله
إياه .
فقال عبد الله
هذه التي بلغت بك وهي التي لا
نطيق.
رواه الإمام
أحمد في مسنده
ورجل قلبه معلق بالمساجد
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا
ظله ، إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق
بالمساجد ، ورجلان تحابا في
الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب
وجمال فقال إني أخاف الله . ورجل
تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله
خالياً ففاضت
عيناه " متفق عليه
جمع وترتيب الدكتور / أسامه بن عبد الرحمن بن إسماعيلاستشاري
الأمراض الجلدية والتناسلية والعقم