ما أجمل لغتنا العربية وما أروعها

لغـةٌ إذا وقعـتْ عـلى أسماعِنا** كانتْ لنا برداً على الأكبادِ
سـتظلُّ رابطـةًتؤلّـفُ بيننا** فهيَ الرجـاءُ لناطـقٍ بالضّادِ
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أكرمنا بنعمة الإسلام وفضلنا عن سائر البشر وحيوان فينا نبيا منا من الجزيرة العربية خير رجل ظهرتعلوه شمس ونطق باللغة العربية الفصحى وهذا أيضا مما ميزنا به الله عز وجل وأشار هذا إلى أمر أن لغتنا العربية من أروع وأجمل لغات العالم كلها وأكبرها وأوسعها معان ومصطلحات وقواعد وأفعال وتصريف أفعال
ومما أثار إعجابي بهذه اللغة أنها مبنيةعلى قواعد من الصعب تحويرها أو تغيرها فأي تغير بتشكيل أو تصريف أو موضع كلمه بجمله يغير كل معناها مع العلم أنها هي نفس الكلمة ولكن بتغيرالتشكيل يختلف المعنى كليا
وقدم لنا إعجاز القرآن في هذه الآية الصغيرة التي تحمل حجما كبيرا بالمعنى
يقول الله تعالىَ( و قِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ))
هذه الآية البليغة تصور لنا في إيجاز نهاية طوفان نوح عليه السلام، و قد اشتملت على الألوان البديعية الآتية:-
*تتكون هذه الآية من ثلاثة أخبار و ثلاثة أوامر
الثلاثة أخبار:غيض الماء/قضى الأمر/إستوت على الجودة
الثلاثة أوامر:ابلعي ماءك/أقلعي/ بعداً للقوم الظالمين

*و قد عدد فيها العلامة اللغوي ابن أبى الإصبع عدة أصناف من البديع:-
1-المناسبة اللفظية التامة:بين (أقلعي) و (ابلعي)، فقد جمع بين اللفظين و هما هنا موزونان مقفيان بزنة و قافية واحدة
2-المطابقة: بين (السماء) و (الأرض) في قوله (( يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي ))
3-المجاز المرسل في قوله (يا سماء) و الحقيقة: يا مطر السماء و العلاقة المجاورة
4-الإشارة و هي أن يدل اللفظ القليل على المعنى الكثير بحيث يكون اللفظ لمحة دالة، و ذلك في قوله ( و غيض الماء) لأن الماء لا يغيض حتى يقلع مطر السماء و تبلع الأرض ما يخرج منها،فدل هذا التركيب القليل(و غيض الماء) تحقق الأوامر السابقة كلها
5-الإرداف وهو أن يريد المتكلم معنى فلا يعبر عنه بلفظه الموضوع له، ولا بلفظ الإشارةالدال على المعاني الكثيرة، و إنما بلفظ ردف المعنى الخاص و تابعه قريب من لفظ المعنى الخاص قرب الردف من الرديف
و هذا فى قوله (و قضى الأمر) و حقيقة ذلك: و هلك من قضى الله بهلاكه، و نجا من قضى بنجاته

6-التمثيل و هو باختصار إيثار لفظ مكان أخر ليس أحدهما مجازاً
و هذا في قوله (و استوعت على الجودي)فإن حقيقة ذلك: و جلست على هذا المكان، فعدل عما فيه زيغ إلى ما لا زيغ فيه ولا حركة ولا اضطراب، فاستعمل (استوت) أي جلست جلوساً مستقراً تسكن بها قلوب أهل السفينة و تؤمن،ولا يحصل هذا بقولنا (جلست)
7-التعليل لأن (غيض الماء) علة الاستواء
8-صحة التقسيم حيث استوعب سبحانه حال الماء حين نقصه
9-الاحتراس حيث احترس من توهم متوهم أن الماء قد عم من لا يستحق الهلاك، و تحقق ذلك بقوله ((وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ))
10-حسن النسق في عطف القضايا بعضها على بعض حسب ما وقعت الأول فالأول
11-إئتلاف اللفظ مع المعنى لكون كل لفظة لا يصلح غيرها مكانها
12-التسهيم لأن من أول الآية إلى قوله (أقلعي) يقتضى أخرها، و التسهيم أن يكون في أول الكلام ما يدل على أخره لأنها تقتضيه
13-التهذيب لأن مفردات الألفاظ موصوفة بصفات الحسن ، كل لفظة سهلة مخارج الحروف و عليها رونق الفصاحة
14-حسن البيان لأن السامع لا يتوقف في فهم معنى هذا الكلام لوضوحه و صفائه
15-التمكين لأن الفاصلة مستقرة فى قرارها،مطمئنة في مكانها غير قلقة ولا مستكرهة
16-الانسجام و هو تحدر الكلام بسهولة و عذوبة سبك

منقول

لغـةٌ إذا وقعـتْ عـلى أسماعِنا** كانتْ لنا برداً على الأكبادِ
سـتظلُّ رابطـةًتؤلّـفُ بيننا** فهيَ الرجـاءُ لناطـقٍ بالضّادِ
********
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع الذي بيّن لنا جميع هذه الأوصاف من البديع.

-المناسبة اللفظية التامة:بين (أقلعي) و (ابلعي)، فقد جمع بين اللفظين و هما هنا موزونان مقفيان بزنة و قافية واحدة

حقااختيار قيم للموضوع مع الشكر

» مقطفات من عجائب لغتنا (موضوع ادبي جميل)
» مجلة الهندسة والفنون العدد115
» أجمل وأروع قصر في جنوب المملكة العربية السعودية .. في مدينة ( النماص
» أجمل أمثلة الحضارة الإنسانية باللغة العربية والفرنسية والانجليزية
» مجلة الهندسة والفنون105