الهندسة والفنون
مع باقة ورد عطرة منتدى الهندسة والفنون يرحب بكم ويدعوكم للإنضمام الينا

د.م. أنوار صفار

إبحار في الذات و صراع من أجل الحياة %D9%88%D8%B1%D8%AF%D8%A9+%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9+%D8%B5%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9



الهندسة والفنون
مع باقة ورد عطرة منتدى الهندسة والفنون يرحب بكم ويدعوكم للإنضمام الينا

د.م. أنوار صفار

إبحار في الذات و صراع من أجل الحياة %D9%88%D8%B1%D8%AF%D8%A9+%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9+%D8%B5%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9



الهندسة والفنون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الهندسة والفنون

 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل    دخولدخول        إبحار في الذات و صراع من أجل الحياة I_icon_mini_login  

 

 إبحار في الذات و صراع من أجل الحياة

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
دكتورة.م انوار صفار
Admin
دكتورة.م انوار صفار


تاريخ التسجيل : 04/04/2010
البلد /المدينة : bahrain

بطاقة الشخصية
المجلة:

إبحار في الذات و صراع من أجل الحياة Empty
مُساهمةموضوع: إبحار في الذات و صراع من أجل الحياة   إبحار في الذات و صراع من أجل الحياة Empty1/4/2011, 20:43



حوار مع المؤلف والممثل المسرحي محمد حنصال
"إيدير يضنين"
إبحار في الذات و صراع من أجل الحياة
أجرته: سعاد درير

ذات رهينة التمزقات، روح آيلة للتشظي، صدر متخم بالجراح، و ذاكرة تختزن مواويل الأمس وتعتصر الدمع. هذا هو الفلك الذي تدور فيه مسرحيات المؤلف والممثل المسرحي محمد حنصال منذ عرفناه. مسرحيات تستقي مادتها من الحياة: حياة الشخصية الحنصالية التي تتناسخ وتتعدد إلى شخصيات مسرحية تعرض ملحمة الحزن، تكتب سيرة الألم، و تربي الأمل.

بنفس الحرارة الشعرية والحس الإنساني المتوهج اللذين يفجرهما التلفظ بنص محمد حنصال على خشبة المسرح، انسابت كلماته عن الذات والكينونة والحياة، كلمات لا تضع أقنعة ولا مساحيق تجميل، كلمات عارية إلا من نية البوح بأشجان الأنا، كلمات تواقة إلى تجاوز الآن والهنا.

هذه هي كلمات محمد حنصال: الناي الحزين الذي يؤرخ سنوات الأنين مسرحيا.

س = يمثل عرض "إيدير يضنين" (إيدير الآخر) المرحلة الثانية من "داها"* أو استكمالا لعرض "داها"، و كنت تفكر في ربط العرضين معا. ما الجديد الذي جاء به "إيدير"؟ و ما الإضافة التي جاءت بها المسرحية ككل باعتبارها تتمة لـ "داها"؟
ج = الجديد في "إيدير يضنين" أو إيدير الآخر هو أننا عمقنا البحث في الذات والغوص في الذاكرة. و ربما يكون "إيدير يضنين" البعد العميق لـ "داها"، و إن كنا نحاول إعطاء قراءات أخرى للمسرحية، ذلك بأن القراءة العامة لفكرة "إيدير يضنين" تدل على أنها ترصد احتلالا في فترة زمنية محدودة. بيد أنها في عمقها وفي خطها العمودي تتجه نحو الذات، نحو الإبحار في الذاكرة، في الماضي، في الأصل، في الجذور، في كينونة إيدير الذي يرمز إلى الاستمرار، ويمثل بالنسبة لي كل الحياة.

إيدير هو الاستمرار وحب الاستمرار والمقاومة من أجل الاستمرار. إن ما يريد إيدير أن يقوله باختصار هو أنه كان موجودا و سيبقى كذلك. لقد كان إيدير إنسانا مسالما، ثم بدأ الهجوم من قبل الآخر. فبعد أن كان إيدير يغني في سمر مع أهل قريته إذا به يباغت بالهجوم، و ما كان منه إلا أن يرد الفعل، و ذاك ما كان منه فعلا. فليس ظلما بالمرة أن يثبت الإنسان ذاته، وإنما الظلم أن يسلبك الآخر مقوماتك الذاتية. والحق أن إيدير لم يكن ليهتم بذاته أصلا، لكن الطعنة التي باغتته هي التي دعته إلى التفكير في ذاته وهويته.

س = المونولوغ حاضر في مسرحية "داها" وفي مسرحية "إيدير يضنين". ورغم حضور العنصر النسوي في العرض الأمازيغي الثاني، فإن إيدير شكل محور العرض. لماذا هذا الإصرار على المونولوغ وعلى مسرحية الممثل الواحد؟ وما سر حرصك على تشخيص الشخصيات الفردية في العرضين معا: أهو فشل الممثلين الآخرين أم هو عجزهم عن تجسيد شخصياتك بكل ما تختزنه من حمولات؟
ج = أولا واجهت مشكلة اللسان الأمازيغي. فكرت في تكوين فرقة أمازيغية بالعمق الكامل، فلم أجد ممثلين وممثلات يتقنون النطق بالأمازيغية، فاكتفيت بذاتي. صحيح أني كتبت مسرحيات جماعية بالعربية، إلا أن الكتابة المسرحية للجماعة بالأمازيغية كانت تنقصها المادة الخام التي هي الممثل. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فأنا أجد نفسي في المونودراما، إذ عن طريق المونولوغ أعبر عن ذاتي، عن عمقي، عن عمق هذه الذات، وأتحايل على المتلقي شيئا ما. فأحيانا لا نجد من نحكي له، من نبثه شجوننا ونطلعه على دواخلنا، من يصيخ إلينا، لأننا "ما كنلقاوش لمن نحكيو". لهذا أجد ضالتي في المتفرج، أخبره بما أريد أن أقوله وأفعله، فأقوله وأفعله على الخشبة.

في لقاء الدار البيضاء اكتشفت أن ثلاثة موضوعات فقط هي التي كانت تتحدث عن الذات: موضوع مسرحيتي "إيدير يضنين"، وموضوع فرقة "آسا" من الناظور "آرياز مور" (رجل من ذهب)، وموضوع شاب من الخميسات يدعى نور الدين نجمي الذي كتب "أسطورة التخيل" و"الماء والدم"، وكلاهما يتحدث عن الذات. أما ما تبقى من موضوعات فكان على شكل الأفلام المكسيكية: أشياء مدبلجة تعبر عن ظواهر. ومن خلال هذا اللقاء اكتشفت أني الوحيد الذي ألعب على هذا الإيقاع (إيقاع الذات)، وهو شيء يشرفني ويحفزني على المضي على الخطى نفسها .

أما بالنسبة لقضية انفرادي بتشخيص مسرحياتي، أخبرك بصراحة أني كلما كتبت أربعة أو خمسة أسطر أحس بنوع من التمزق الداخلي، وربما يصل بي الأمر أحيانا إلى درجة البكاء، أبكي كثيرا عند الكتابة، أتألم، وعندما تكتمل المسرحية أشعر كأني وضعت مولودا، أشعر به في ركن معي، أحتضنه، حتى أن أوراق المسرحية تتحول إلى كائن آخر له وجوده الحي والحاضر، يكفي أني أرى فيه تلك الشخصية المسرحية، فيعز علي أن أعطيه لشخص آخر (ممثل). ومع كامل الأسف فقد مررت بتجربة حاولت أن أكتب فيها عن معاناتي وألمي، إلا أن قيام شخص غيري بتشخيصها أساء إلى الشخصية وإلي، وأعطيت لذلك قراءات كثيرة وهو ما أتحاشى تكراره. فمادمت قادرا على الصعود إلى الخشبة وتحمل الوقوف عليها لساعة من الزمن أو ساعة ونصف لا أظن أن بمقدوري أن أعطي أفكاري لشخص آخر، لأن أفكاري (مسرحياتي) طرف مني.

في المسرح نتعلم البحث عن الأبعاد الأربعة للشخصية الفنية: البعد الاجتماعي والبعد الاقتصادي والبعد النفسي والبعد الفيزيولوجي. إن أي ممثل آخر مكلف بالاشتغال على هذه الأبعاد، أما أنا فهي مهيأة لي دائما، لأني أعي من أكون وأتقمص ذاتي، ولا أبحث عن شخصيتي أبدا لأني أجدها في. فما أشخصه من شخصيات ينبثق من شخصية واحدة هي أنا، ويبقى الاختلاف بطبيعة الحال على مستوى الحركة وإلقاء الكلام، أي: طريقة الاشتغال. في "داها" و"إيدير يضنين" تظل الشخصية واحدة هي شخصية " إيدير". كل ما هناك أن إيدير "داها" استسلم وأوغل في البكاء، واكتفى بالغناء – الآلة الموسيقية – باعتباره بديلا لحلمه الذي تم إجهاضه، بينما اختلف الأمر عند إيدير "إيدير يضنين"، لأنه لم يحاول توظيف الآلة الموسيقية على طريقة الأول، فكانت مهمشة إلى حد ما، إذ لم يحاول العزف على أوتارها.

س = "الممثل نصف إله". ما تعليقك؟
ج = أكيد أن الإنسان يبقى إنسانا مهما ترقى من درجات. وأسمى درجات البشر بلغها الأنبياء. تبقى هذه القولة مثالا فقط من أجل تعظيم الفنان الممثل، لأنني أرى أن الممثل ليس إنسانا عاديا. هو إنسان ربما يسميه علماء النفس بالنمط شبه الانفصامي، إنسان مختل، إلا أن اختلاله هذا يستعصي عليه علاجه، لأنه يتقمص عددا من الشخصيات، ويعيش عددا من الحالات النفسية فوق الخشبة، منها ما هو كوميدي ومنها ما هو تراجيدي. إن مجموعة من الشخصيات تخترق ذات الممثل ويحاول أن يتقمصها، لهذا نجد أن الإنسان الذي يخطب لمدة ثلاث أو أربع ساعات لا يتعب، بينما الإنسان الذي يمثل ربع ساعة يتصبب عرقا وتعبا، لأنه يتحول إلى إنسان آخر، لذا يعيش صراعا داخليا بينه هو باعتباره ذاتا وبين الآخر الذي يتقمصه. لذلك أطلق اليونان قولة "الممثل نصف إله" تعظيما وتقديسا للممثل، لأن الممثل بمجرد صعوده إلى الخشبة يصبح ملكها وسيدها.

س = يطرح الحضور النسوي قضية الأمازيغية. هل يمثل حضور الأمازيغية إصرارا على تأكيد الذات أم بحثا عن الخلود؟ وإلى أي حد يضاعف اتساع هذا الحضور من احتمالات تقلص تداول اللغة العربية، في إطار ما يعرف بـ "صراع اللغات"؟
ج = للأمازيغية وجود غير قابل للنقاش وذات حاضرة بكل اعتباراتها. ما نريد تأكيده هو أن عليها أن تستمر. فلا يمكن مناقشة مسألة الظل والشمس مثلا، لأنهما متواجدان معا وإن كان بينهما تضاد أو كان هذا يعكس ذاك، كما أنه لا يمكن إلغاء أحدهما على حساب الآخر.

في وقت ما كتبت مقالا بعنوان "الحركة الأمازيغية إلى أين؟". نحن مثلا كأمازيغ ماذا نريد؟ إننا نسمع الآن عن حوار الحضارات وعن حوار الأديان، ونرى أن العكس لا يمكن أن يكون. قلنا وقتذاك إن الإنسان الذي يكتب بيتا شعريا باللغة العربية مثلا لن يجد مثيلا له بأي لغة أخرى. حين نؤدي بيتا شعريا بالأمازيغية لا يمكن بحال أن نعطيه بعده وشحنته وحرارته والدفء الذي يغمره بأي لغة أخرى.

عندما بدأنا الاهتمام بالأمازيغية تألمنا حقا لأن هناك شعرا أمازيغيا وأدبا أمازيغيا و و و… ومع ذلك فإن الناس لا يقدرون أهميتها. لقد عرفت شعراء أمازيغيين ينظمون بشكل عظيم، لأن الواحد منهم ينظم قصيدة في الوقت نفسه وعن الموضوع بالضبط دون أن ينتظر الصباح أو الغد لتكون جاهزة. ومن هذا المنبر أقول لكل أمازيغي أن يعود إلى بلده، لأن الأمازيغ يمتلكون كنزا ولا يشعرون بذلك. لقد استنفدنا كل الظواهر والأشكال والسبل، بيد أن اللسان الأمازيغي مازال ينضوي تحته عدد من أشكال الإبداع. فلماذا لا يبحث الأمازيغيون والأمازيغيات في تراثهم؟ لماذا لا يعودون إلى ذواتهم، يفكرون فيها، يسبرون أغوارها، يكتشفونها، يعرفون من هم، يتأملون صورهم في المرآة؟

ما يبدو لي واضحا وجليا هو أن اللسان الأمازيغي موجود ومرتبط بذات. وحين نطالب بهذا اللسان فهذا معناه أننا نطالب بحق تواجد وكينونة هذا اللسان وحق التعبير به. ولا ضرر أبدا من الحوار بين اللغتين مادام التعايش قائما. وحتى إن كان هناك صراع بينهما فهو صراع خير.

إن أصل الغزو على اللغة العربية لا يكمن في الأمازيغية، وإنما يكمن في عدة عوامل يكمل بعضها بعضا، نظرا لالتصاق اللسان العربي الفصيح بالقرآن الكريم. فاللغة العربية تحارب من هذا الباب، باعتبارها تحيلنا دائما على القرآن الكريم، و هذا ما لا يطيقه الآخر. أما أن يعبر الأمازيغي عن همومه باللسان الأمازيغي فهذا حقه، وله كل الحق في ذلك. فكما أن العربية موجودة هنا في "وجدة" وفي عدد من المدن المغربية، فإننا بمجرد الانتقال إلى مدينة كـ "الناظور" أو "الحسيمة" أو منطقة كالأطلس أو مجموعة من المدن الأخرى التي يقيم فيها الأمازيغ، نلاحظ أن سكان هذه المدن لا يتكلمون إلا بالأمازيغية، يتحدثون بها، يأكلون بها، يشربون بها، يرقصون بها، يتخاصمون بها، وتتم كل معاملاتهم بهذا اللسان. إذن أين نذهب بهؤلاء الناس؟! إننا لا نتحدث عن الأقلية - من الأمازيغ – الموجودة في "وجدة" وفي مناطق أخرى، وإنما نفكر في الأغلبية المتوزعة على امتداد شمال إفريقيا، سواء في المغرب أم في الجزائر أم في تونس أم في ليبيا، بما في ذلك المناطق الصحراوية.

اللسان الأمازيغي موجود، ونحن حين نريده أن يستمر فإنما نريد استمرار هذا الشعب المتمسك به. أما ما هو من حق العربية فلا غبار عليه: إننا نلاحظ جيدا كيف أن أمهاتنا وجداتنا لا يفقهن العربية، ولكنهن عند الصلاة يصلين بالعربية، ويحفظن سورة الفاتحة وسورة الإخلاص وهلم سورة. إن الإشكال لا يكمن ههنا أبدا وإنما يتم على مستويات أخرى، ربما تنقيصا من قيمة اللغة العربية، وهي مدفوعة من جهات أخرى من خارج المغرب. أما داخل المغرب فقد تم احتواء الأزمة من قبل المعهد الملكي، بوضع المعاجم وغيرها والحمد لله لا مشكلة عندنا.

س = هل نتفق على أن عرض "إيدير يضنين" مسرحة للفولكلور الأمازيغي؟
ج = نعمهناك فولكلور. لكن مع الأسف الشديد، الفتيات اللواتي اشتغلن معي في العرض لم يشتغلن بالشكل الذي أردت. مازالت تخونهن أشياء كثيرة. ما أردته أنا ليس هو الفولكلور الذي يثور عليه "إيدير"، وهو الفولكلور المتعلق بالأنثى وباسم الأنثى. ما أردته أنا وما أقوله وأردده دائما هو: لماذا لا نأخذ القالب الفني فقط في جميع أشكال الفولكلور عندنا ونعبئه بمحتوى آخر؟ طبعا مع احترام قواعد الغناء الشعبي لأبيات الشعر والقصائد، ومع احترام الإيقاعات والرقص أيضا. لقد درست أشكال الفولكلور في وقت ما مدة سنة، وهذا ما حاولت أن أحققه في "إيدير يضنين". حاولت أن يكون الكلام الذي تردده الفتيات ذا حمولة ثقافية سياسية وربما إيديولوجية، وألا يظل الكلام متعلقا بالمرأة والغزل.

تقول واحدة من الفتيات:
أنا من يطارد السراب
والعطش يقتلني يهلكني
وكلما أريد أن أشرب
ذاك الماء يتنقل من جديد
لماذا الفتيات ههنا؟ أنا لا أتعامل معهن في المسرحية، وهن لا يتعاملن معي، لأنهن يمثلن طرفا مني وأنا أمثل طرفا منهن. وفي الوقت الذي أجلس إلى النار وأتذكر "داها"، يشخصن هن. وحتى حين أشد الحبل لأحررهن من قيدهن لا أنظر إليهن بالمرة. ولا بأس من الإشارة ههنا إلى أن الفتيات يجسدن ذات "إيدير" المقيدة بكل أشكال القيود. فالفتيات بالنسبة لي في المسرحية شيء آخر بعيد كل البعد عن صورة المرأة في الفولكلور. وفي الأغنية التالية التي تؤديها الفتيات بمصاحبة الرقص أقول:
آه يا أمي
ساء حالي من جديد
وعدت يا أمي إلى الدموع مرة أخرى

إذن لم أسع إلى الحديث عن جمال المرأة، كما هو معروف، أو عن الليالي الحمراء، كما هو جار في الفولكلور. كما أني لم أقلد تلك الرقصات الأحادية المتداولة في منطقة "سوس" حيث تتحرك كل امرأة على حدة – مع كامل احترامي لتلك المنطقة - ، ولكني أردت رقصا بشكل جماعي، بحيث تمسك كل واحدة من الفتيات بيد الأخرى دون أن تحس أي واحدة منهن بأنها تؤدي شيئا مائعا، حتى أن الكلام الذي كن يرددنه كان على مسمع من أهاليهن، ولا مشكلة أبدا إن قلنه في أي مكان آخر.

وعلى ذكر الكلام الغنائي أشير إلى أني حاولت التركيز على الأغنية، من الناحية التي أنتمي إليها بطبيعة الحال، وعلى إيقاعات وألحان الأغاني التي ربما كانت تغنى في وقت متقدم جدا (في سنوات العشرين والثلاثين والأربعين) عند الأمازيغ بطبيعة الحال. لقد حاولت أن أعود إلى هذه الألحان والإيقاعات، التي بدأت تنقرض، وحاولت أن أوظفها باعتبارها قالبا وأن أطعمها بكلماتي الخاصة، لتمضي في سياق الحدث، ذاك بأنها مؤشرات تخدم النص والعرض والحدث ككل.

س = لمسنا في غناء "إيدير" ألما أكبر مما تستوعبه الشخصية، وأحسسنا بحزن حقيقي وبكاء صادق يتجاوزان الشخصية المسرحية ليلتصقا بذات الممثل محمد حنصال، كأنه يعتصر – من خلال غنائه الحزين – حزنه الشخصي. إلى أي حد يصدق هذا الإحساس؟
ج = لا فرق أصلا بيني وبين الشخصية، حتى أني - وأنا أؤدي – أتألم، أتعذب، إلى درجة أن الفتيات اللواتي مثلن معي كن يبكين بحرارة وأنا أغني، يبكين تلقائيا على الخشبة، دون أن يفهمن ما تقول أغنيتي. لقدصاحب بكاؤهن غنائي في لقاء "الدار البيضاء"، وحين شرحت لهن ما ترمي إليه كلمات الأغنية أصررن على غناء مثل ذلك الكلام.

يطمع الإنسان دائما في أن ينال قسطا من الهناء والسعادة وراحة البال. ومع إطلالة كل صبح يأمل أن يتحقق حلمه. ولكن يمر يوم بعد يوم وعام بعد عام دون أن يتحقق شيء من ذلك، وكلما ازددنا تعلقا بالحلم ازداد الحلم بعدا، وتدور السنين ونحن ندور في دوامة من الألم. وعندنا في المسرح ما يسمى بالذاكرة الانفعالية، التي نحسن تشغيلها؛ لأني لو طلبت منك مثلا أن تركزي في حدث مؤلم مررت به وترك أثرا قويا في حياتك ربما لن تمر خمس دقائق حتى يطوقك ألم الذكرى.

بالنسبة لي باعتباري ممثلا فإني أشغل الذاكرة الانفعالية، لأني في التمارين التي أخضع لها أحاول أن أدرب جميع الأحاسيس وأن أشغلها. من هنا يكون البكاء حقيقيا. وقد حدث مرة أن كنت على وشك أن ألقي بآلة الموسيقى على الأرض وأن أمزق ملابسي، لأني لا أتقمص شخصية غريبة عني، وهذا ما يميز هذا العمل المسرحي. وفي كل عرض يتجدد الموعد مع الألم والبكاء، سواء في "الدار البيضاء" أم في "أزمور" أم في "الجديدة"، حتى أن متفرجة مسيحية، لا تفهم نهائيا ما أقول، صعدت إلى الخشبة متأثرة بأدائي وبكت بحرقة.

س = محمد حنصال ومصطفى البرنوصي (أبو عماد): دوافع الشراكة المسرحية؟
ج = أثناء تعاملنا مع الناس نكتشف أسرارهم. مصطفى البرنوصي إنسان عرفته بلا قناع وظل كذلك لحد الآن. هو إنسان تلقائي، يحب الشيء، يتعمق في الشيء، غير أناني، غير عنصري، مجتهد للغاية، ظل يستشيرني في أدق أمور المسرحية وفي أبسط أمورها كذلك. وكلما قطع خطوة في إخراجه يسألني إن كان تصوره يساير فكرتي. هو إنسان طيب وناضج، وربما هذا ما كان ينقصني: أن أجد طرفي الآخر في مخرج وقد وجدته والحمد لله
.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eng-art.yoo7.com
مها
عضوماسي
عضوماسي
مها


تاريخ التسجيل : 30/08/2010

إبحار في الذات و صراع من أجل الحياة Empty
مُساهمةموضوع: رد: إبحار في الذات و صراع من أجل الحياة   إبحار في الذات و صراع من أجل الحياة Empty1/5/2011, 09:35

مقال جميل والحرى لقاء جميل
شكرا لك دكتورة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رشا
مراقب عام
رشا


الميزان
تاريخ التسجيل : 12/10/2010
العمر : 37
البلد /المدينة : تونس

إبحار في الذات و صراع من أجل الحياة Empty
مُساهمةموضوع: رد: إبحار في الذات و صراع من أجل الحياة   إبحار في الذات و صراع من أجل الحياة Empty1/5/2011, 14:04

حوار جميل شكرا للنقل المميز
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إبحار في الذات و صراع من أجل الحياة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  رواية نرجس والقطار , خالدة غوشة
»  صراع في جسم حائر
» صراع الذاكرة.. بين الذكريات المؤلمة ونسيانها..
» تعلم الهدوء وسط ضغوطات الحياة وسط هذه الحياة وضغوطاتها
» البحث عن الذات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الهندسة والفنون :: الفنون :: --الفنون :: المسرح-
انتقل الى: