عثمان محمد نائب المديرة
تاريخ التسجيل : 22/12/2011 العمر : 42 البلد /المدينة : فلسطين
بطاقة الشخصية المجلة: 0
| | صياد الأحلام | |
هي كنجوم الليل المضيئة وسط الصحراء , صفاء الطبيعة في تلك المنطقة البعيدة تعطيها رونقا ً لم يعتد عليه إنسان , تجدها تجلس على تلة رملية تنتظر المساء , لتربط أحلامها بجسوره , بعالم ترحل أليه كل ليلة حين تسدل السماء ستائرها لتعلن بداية العرض , رحيل الشمس الى الجهة الأخرى من العالم يعلن بداية المشهد , ترتدي معطف الأحلام , تطرق أبواب الذاكرة , تشعل فتيل عقلها لتبدأ برحلة الحياة , فالأحلام الوحيدة التي لا يستطيع أحد أن يصادرها منها , هي عالم سري كتب بدم الجسد وروح الحياة , تغلق عيونها لتبدأ الرحلة , تؤلمها الفرحة , هي كزهرة إذا توقف عنها الماء سرعان ما تذبل , الحزن والألم يشقان طريقهما بعمق داخلها , يحددان ملامحها بجدارة , كانت الحياة غرتها وهي طفلة , أخذت تركض تتبع فرحتها , تحلم , تركب صهوة الريح , تسكن في أعماق السحاب , تتبعثر على أرجاء الصحراء مطرا ً ورذاذ , كانت أضلعها تحمل قلبا ً ناصعا ً بالحياة, رسمت الحياة بمخيلتها بأجمل صور, رائعة هي داخل جدران عينيها , كما كانت تراها في حلمها.
طرق الحب بابها يوما ً دون إستئذان , إحساس لم تشعر به للوهلة الأولى , غمرها , بدل شكل الأرض بداخلها , أجهض ماضيها لتستبدله بحاضر أنيق , كان هذا الحب يعني لها الكثير , كان بطل حبها يركب حصانا ً أبيض , لطالما رأته بأحلامها , لكن الأحلام تختلف عن واقع الحياة , فالدنيا لا تفصل على مقاس أحلامها أبدا ً , حاولت كثيرا ً أن تمتلك روحه , أن تنصهر بمشاعره , أن تتوحد مع أفكاره , أن تشاركه نبضه , أن تعيش بوجدانه , كانت قاسية عليه , أتعبته وأربكته , هو لا يقدر على تحمل مشاعرها قتلتها أنانيته , هو تعود أن يأخذ دون أن يعرف ما هو العطاء , هي كانت تتغنى بوجود الحب الأبدي , حب قيس وليلى , روميو وجولييت , وهو كان يتغنى بجماله , بمقولته إنه زير نساء , كانت ترهق نفسها , تتعب جسدها , تقتل روحها , ليكون حبهما أبدي , فالحب كثمرة المنجا , لا يحتوي إلا على بذرة واحدة , والقلب لا يحتمل أكثر من حبيب واحد ,لا ينبض إلا له , كان ذات يوم لمس يدها , كلما مرت هذه الذكرى يرتعش جسدها , كعصفور نفض عنه بلل المطر , أهدته جزءا ً من روحها , من أنفاسها , كانت تحب أن تتذكر دفء أنفاسه , كانت حالمة جدا ً , شاعرة بروحها وعواطفها , لكنها كزهرة النرجس سرعان ما تستسلم للذبول
أما هو لم يستوعب أمرأة بهذه الشفافية , بهذه الروح الصادقة المحلقة بأعالي السماء , لم يستطع أن يتعلم منها العطاء , كان الواقع الأليم أكبر من أن تحتمل , أقوى من الحلم , قدر لها أن تتسلم جرعة كبيرة من الألم والحزن , فأصرت على مفارقته , كي لا تهلك روحها , كي تنجوا بحطام قلبها , كانت تقنع نفسها بنسيانه , وتعودها على فراقه , تقول بهمس , يوم ما سأستيقذ وسيكون كل شيء إنتهى , رائحته الملتصقة بجسدي , بأقلامي بأوراقي , لون عينيه , طيفه الذي أراه يتجول في كل مكان , لا بد أن يأتي يوم ُ تكون ذكراه قد مسحت تماما ً , سأواصل الحياة بما تبقى من حلمي , سأنتظر حلمي , سأعيش الحياة لتصبح الحياة حلم , سأعود أحمل أوراقي التي هجرتها , وكانت تستريح بسببه .
تركت أرجاء المكان , وأمواج الرمال تلاحقها , كانت خطواتها تسير ببطء ,رياح الصحراء كانت أقوى منها تسرع من خطواتها أليه , يحمل جسدها ذرات من غبار أوجاع حاولت أن تلقي بها , أن تدفنها تحت الرمال , لكن حرارة الرمال أقل بكثير من أن تحتمل حرارة الآلم , سارت وسارت وسارت , حطت أمام نافذته , طرقته كحبات المطر الأولى عند الصباح , تنتظر بخوف , كيف لي أن اتكلم ؟ كيف لي أن أسكت ؟ , وسط رعشتها فتحت أبواب نافذته , أطل عليها بوجه لم تتعود عليه , ألقت تحية لم يبادلها بها , بدأت تتلعثم , ليطرق أذنها صوت أنثى أخرى جاء من مكان قريب , إرتبك , حاول أن يتكلم , لكن الموقف أصعب من أن يقول شيء , خاطبتها نفسها , هو بارد بمشاعره , بخيل بعواطفه , مريض بحب نفسه , لكن أيخون من حافظت على عهده , يطعنها بقلبها , دون أن تعلم , لتهرب بين خيوط الظلام , أخفاها ستار الليل , تبكي داخلها , قرارً جاء متأخر . | |
|
1/2/2012, 09:36 من طرف دكتورة.م انوار صفار