بثينة الزعبي المراقب العام المميز
تاريخ التسجيل : 18/02/2012 العمر : 68 البلد /المدينة : النمسا / فيينا
| موضوع: فن الحصار – من مؤلفات أبولودوروس الدمشقي 2 11/8/2014, 21:40 | |
| فن الحصار – من مؤلفات أبولودوروس الدمشقيعابراً القرون يصل إلى يدنا مؤلف يتيم لأبولودوروس الدمشقي، كتاب «فن الحصار»، ويطرح السؤال نفسه هنا: كيف استطاع كتاب صغير وبسيط كهذا (دليل لتصميم الآلات الحربية في ذلك الزمن) أن يصل إلى يومنا هذا عبر القرون الطويلة؟ وكيف استطاع تجاوز العشرات من المخطوطات الكلاسيكية عندما تقرر الاستغناء عن الحروف الكبيرة للمخطوطات واستبدالها بحروف صغيرة (وهي عملية بدأت لدى النساخ منذ منتصف القرن التاسع الميلادي وتتطلب الكثير من الجهد والعناء) كي يقرروا نسخ هذا الكتاب وفقاً لأهميته؟لم تكن تلك المشكلة الوحيدة التي واجهت الكتاب، ذلك أنه لم يكن مفصولاً عن غيره من مخطوطات أخرى تحمل نفس الموضوع، وقد أطلق النساخ على المجموعة اسم «كتب فن الحرب» وقد ترجمها الناسخ البيزنطي (في الربع الأخير من القرن العاشر) بتسميتها «تقنية الحقد».
صفحة من كتاب فن الحصار لأبولودوروس وشلمت المجموعة مؤلفات لعدد من الكتاب منهم: أتينيئو (مخطوطه بعنوان «الآلات»)، بيتوني (مخطوط بعنوان «صناعة الآلات الحربية»)، أروني دي ألسندريا من القرن الثاني والأول قبل الميلاد وهو تلميذ المهندس تشيسيبيو (مخطوطان: «صناعة الآلات الحربية»، و«صناعات وقياسات الأقواس النشابة»)، أبولودوروس الدمشقي (مخطوطه بعنوان «فن الحرب»)، مخطوط لكاتب مجهول وهو يحتوي جميع المخطوطات التي تم ذكرها ما عدا مخطوط أبولودوروس ولذلك يعتقد أن كاتبه هو أبولودوروس نفسه، فيلوني (مخطوطه عبارة عن موسوعة تحتوي على المخطوط الرابع وعدة أجزاء من كتاب عن الذخيرة، والمخطوط الثامن)، وهناك جزء متعلق بالفلسفة موجود في المخطوط الأصلي. ونجد أيضاً في المجموعة عدة مخطوطات قديمة، فقد تم ضم المخطوط المرتبط بفن الحرب إلى مخطوط يتعلق بالخطط الحربية، وهناك مخطوط ثانٍ يتحدث عن حياة الجنرال وعنوانه «استراتيجية أو فن الحرب» لكاتبه موريتسيو، وهناك مخطوط آخر تم نسخه من قبل الناسخين البريطانيين، وآخر نسخه جوليو الإفريقي، وعدة مخطوطات تم نسخها من قبل مجهولين مثل «الحصار»، «فن الحياد»، «فن الحرب» لكاتبه الإمبراطور ليون السادس، ومخطوط بعنوان «فن الحرب» وكاتبه مجهول.أما عن فترة نسخ هذه المخطوطات فتشير الدراسات إلى أنها تعود إلى الفترة الواقعة بين نهاية القرن التاسع الميلادي وبداية القرن العاشر (ما يسمى بعصر النهضة البيزنطي)، حيث تم القيام بعمليات بحث شاملة بهدف تجميع كافة المخطوطات المتعلقة بفن الحرب بأمر عدد من الأباطرة (ليون الحكيم، كستانتينو بورفيجينتو، نيشيفورو فوكا) والذين كانوا هم أنفسهم مترجمين لبعض هذه المخطوطات، فقد قام ليون الحكيم بترجمة مخطوط يتعلق بالعلوم الحربية، ما اضطره إلى دراسة كافة ما هو متوفر من مخطوطات متعلقة بفن الحرب وتجميع كل المخطوطات بحروف كبيرة والتي نجت من التلف ونسخها بحروف صغيرة. وقد جمعت هذه المخطوطات في سبعة مجلدات، ثم وصلت إلى إيطاليا بعشرات ومئات النسخ، وحرص مقتنوها على تجليدها والعناية بها، وربما كان ذلك السبب في وصول مخطوطة أبولودوروس إلى أيدينا في الوقت الحالي. قراءة في البوليورشتيكا (فن الحصار واختراق الحصون) يعلق الكاتب جانجاكومو مارتينيز على كتاب أبولودوروس فيقول: «البوليورشتيكا علاقة تقنية فنية تصور نماذج لآلات شيدت من قبل وقابلة للتكرار، إنه ليس اختصاراً للهندسة العسكرية، لكنه يتعلق فقط بتقنية الحصار: كيف يدمر، كيف يتخطى، النظر إلى ما خلف أسوار العدو. المعماري هنا لا يعرض عملاً معمارياً لم ينفذ بعد، لكنه يصف المقاييس، والغايات، وخطط بناء آلات شيدت كنماذج أصلية مع التوجيهات لكيفية إعادة إنتاجها بكميات من مواقع القتال. هذه أول خاصية لفكر أبولودوروس: إعادة الإنتاج، مقاييس آلات أبولودور هي الخفة، وسهولة التشييد، بخامات شائعة يسهل العثور عليها، من قبل جنود غير متخصصين في تشييد مخترعات ذلك العبقري، بجانب فكها وإعادة الاستفادة منها في عمليات حربية مختلفة».ويتابع: «منهج أبولودوروس هو تجميع عناصر صغيرة لتكوين منظومات ضخمة. وهو نفس المنهج الذي يظهر في تشييد جسر على نهر الدانوب والذي جرى تصويره في المنظر رقم 99 على عامود تراجان».ويبدو أن إبداع أبولودوروس يبدو واضحاً في ذهنيته التي بنت نظاماً مستقلاً ينظر بشكل جدلي للعلاقة بين الميكانيكا وتقنية البناء، والعلاقة التبادلية بين آلات التشييد والبناء وبين آلات الحرب، مستنداً إلى تأمل عميق للتراث الطويل للأدب الهلنستي عن الميكانيكا والمعمار وتاريخ الحروب. | |
|