كثيرا ً ما تلامس الأحداث الواقع الذي نعيش فيه , وما به من سيطرة المال على عقول البشر , فالمال هو عصب الحياة كما يقولون , والمال فتنة فأحذروا منه وأعلموا في أي مكان ستضعون أموالكم , أحداث ممتعة عن الميراث , وما يمكن أن يحل بالعائلات من وراء المال , من تفكك وسجالات وأحيانا ً منازعات يقتل فيه الأخ أخاه , ويسيء الأبن لأباه لكي يحصل على الحصة الأكبر من ميراثه هذا ما كان موجود في نفوس أخوة سامر لطمعهم وجشعهم للحصول على أكبر نصيب من التركة .
طرحت الرواية مقارنة ممتعة بين أفكار الشخصيات المتصارعة حول الميراث , لتدعوا المجتمع للإنتباه لها أو البقاء عليها , أولها الجشع والطمع الذي لازمهم طوال أحداث الرواية ورغبة الحصول على المال بشتى الطرق , من خلال المنازعات الحاصلة بين الأخوة أنفسهم وما دار في أحداث الرواية من أعمال أخوة سامر بداية بالمعاملة السيئة عند وفاة والدهم لبعضهم البعض والأنانية التي كانت بينهم والأنسانية الضائعة وهم يلهوثون وراء الميراث , فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم , مقابلها كرم سامر وطيبته , وجمال أخلاقه , زهده عن المال , فالمال ليس كل شيء , ثانيها العلاقات السيئة بين أخوة سامر وحتى بين أعمام غزالة , يتظاهرون بالحب والتقرب , ولكن بالمصلحة لا مجال إلا للمال , كما أراد أخوة سامر أن يفعلوا بنصيب أولاد أخيهم , حتى نصيب سامر بعد وفاته أرادوا التلاعب فيه وحصلوا عليه عندما تقاسموا نصيبهم مع أولاد أخوتهم المتوفيين .
لامست الرواية أشياء كثيرة يبحث عنها سواء الفرد أو الأسرة أو المجتمع , منها المعاملة الطيبة لكبار السن كالأباء والأمهات فهم أساس الميراث , فمشروع دار المسنين لشمس من الواضح أنه مبني على ما سمعته من أمها عندما كبرت كيف تعامل أعمامها مع جدهم وجدتهم وحتى والدها , وللطيبة المغروسة فيها أرادت أن تجعل من الجيل القادم أفضل حالاً من الجيل الماضي , ومنها أيضا ً الأحسان في معاملة الأيتام , فما حصل لها و حصل لأبناء عمها المتوفي من أعمامها وذلك لسرقة ميراثهم وتقاسمه , جعلها تصرخ بوجه المجتمع ببناء دار الحضانة ودار الأيتام لرعاية الأطفال للمساعدة في تربيتهم وجعلهم عضوا ً مفيدا ً بالمجتمع .
ثبات مفهوم الصداقة بين الأصدقاء أنفسهم , فالمال لم يؤثر على علاقة سامر بأصدقائه ولا حتى غزالة بأصدقائها , المساعدة الدائمة , والوقوف دائما ً بجوار بعضهم , عندما بكت وردة على والدها شاركتها غزالة , وعندما بكت غزالة على سامر بكت وردة وكانت بجوارها حتى أنتهى حزنها على سامر , وتلك العلاقة بين سامر وأمير علاقة الصديق الوفي الحقيقي , في كل الأحداث الحزينة والمفرحة لم يتخلى الأصدقاء عن بعضهم .
مفهوم الأخلاق الحميدة والتربية الحسنة لبعض شخصيات الرواية كسامر وغزالة وشمس , والتي أكتسبوها من أهلهم , تربوا عليها , كما ربت غزالة شمس وكما ستربي شمس ( قمر ) , فالأخلاق الحميدة متوارثة بين أفراد الأسرة والمجتمع , منهم من يحتفظ به ليورثه لأبناءه ومنه من يضيعه ليبحث أبناءه عنه ويصنعوه , كأعمام شمس أضاعوا أجمل الميراث , الأخلاق الحميدة وطيبة القلب .
أستطاعت الرواية أن تظهر نوعين من الميراث , الميراث القائم على المال أصلا ً كميراث سامر وما صاحبه من احداث محزنة نتيجة غياب العقل وسيادة الطمع والجشع , وميراث الفتنة , وميراث الدم وهو ( الثأر) والذي يرثه الأبناء عن الأجداد , وميراث الطيش والقائم على المال أيضا ً , فالمال موجود بين كل أنواع الميراث , كل شخص يرثه بطريقة مختلفة , فالمال عصب الميراث والرصاصة القاتلة والجارحة للعائلات والأقرباء .
النوع الثاني من الميراث , هو ميراث الإكتساب وميراث التأئر بمن حوله , كميراث الطمع والجشع الموجود بين بعض شخصيات الرواية والذي سيرثه غيره , الى ميراث الأخلاق الحميدة والسمات الحسنة والتواضع وعمل الخير , كما فعلت غزالة بالقصر وتحويله الى دار للأيتام , ومشاريع شمس الرائعة , كدار المسنين والحضانة والمشفى والفندق , والأهم من هذا مشروع القرية المدينة , حين حولت قريتها الى مركز رائع يشد أنتباه الكل أليها لروعة ما حل بها من تطور يسعى أليه الكثير , أفكار رائعة طرحت بطريقة أبدع بها الكاتب بتصوير الأحداث , هذه المشاريع ممكنة لكنها تحتاج الى وقت وجهد وتعاون كبير لكي تطبق على أرض الواقع .
و ميراث الخبرة وهو ما يتركه الآباء لأبنائهم كميراث وردة وأمير لكي يساندهم في مستقبلهم وأيامهم القادمة , الى ميراث العلم والذي كان واضحا ً على كل شخصيات الرواية , و ميراث الصبر والتوكل على الله وكان جليا ً على بعض الشخصيات , و الميراث المكتسب من الجوار أو من المحيط كميراث أبناء المرأة الطيبة " الحزن , والعناد , والكذب" أنتهاء ً بميراث القدر , ككقدر شمس أن تعيش حياة أمها غزالة " لكن هنا أقول أن القدر قد يكون سلبيا ً أو أيجابيا ً للشخص , وليس بالضرورة أن يعيد التاريخ نفسه , نؤمن بالقدر ونرضى به وعلينا السير معه " .
أعطي الرواية حقها , لجمال أبداع الكاتب وأفكاره المترابطة , الى رقي تلاعب الشخصيات بأحداث الرواية فهي التي كانت تسيطر على الأحداث لكثرة المفاجأت فيها .
لو كنت سأتصور بداية لرواية ميراث جديدة , كون أن شمس ومنير بدأ الحب بينهما من أول نظرة , سأزوجها له , رغم إعتراض غزالة لتكون حياة جديدة بميراث جديد لكن ستختلف أحداثها عن حياة غزالة وسامر , فكل شخصية لها مكنونها الذي يختلف عن الشخصية الأخرى .
وأخيرا ً أعتذر للأطالة , ميراثي ورثت العمل و المغامرة والأخلاق الحميدة والصفات الحسنة والأيمان بالله والرضى , فأوجدت نفسي وصنعت كياني .
دام هذا الفكر وهذا القلم ....